الحرب قد تكون كلفتها مرتفعة، ولكن كيف العمل مع دولة تصر على تصدير الإرهاب، وتمويل الإرهابيين، وتهز أمن واستقرار شريان العالم اقتصادياً.
يُجمع المحللون على أن إيران هي الدولة التي قامت بتفجير الناقلتين؛ فكل المؤشرات تشير إلى ذلك، كما أن إيران هي الدولة الوحيدة المستفيدة من هذا العمل الإرهابي، وفي الوقت نفسه هي التي تملك القدرة والخبرة على تنفيذه، أضف إلى ذلك أن الإيرانيين كانوا يهددون علناً أنهم إذا لم يصدروا نفطهم، فلن يصدر أحد نفطه؛ ويؤكدون بمناسبة ومن دون مناسبة على أن لديهم القدرة لتنفيذ ما يقولون.
أعرف أن الحرب قد تكون كلفتها مرتفعة، ولكن كيف العمل مع دولة تصر على تصدير الإرهاب، وتمويل الإرهابيين، وتهز أمن واستقرار منطقة هي شريان العالم اقتصادياً. 
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: هل سينفذ الرئيس ترامب وعيده بمعاقبة الإيرانيين إن هم أقدموا على منع الناقلات في الخليج من الوصول إلى الأسواق؟.. أكاد أجزم أن الرئيس ترامب سينفذ ما توعد الإيرانيين به، لأنه كان يلوم الرئيس الآفل باراك أوباما على أنه يهدد ولا يفعل، مما أفقد أمريكا هيبتها، ونال إلى درجة كبيرة من منعتها وسمعتها.
جميع المحللين الاقتصاديين يجمعون على أن إيران من الداخل منهكة اقتصادياً، ولا يمكن أن تصمد طويلاً على وضعها الاقتصادي المزري، وهناك كثير من المؤشرات نستطيع أن نستنتجها من تدني قدرات أذرعتها اقتصادياً، ما عدا الحوثيين في اليمن ما يؤكد أن حكومة الملالي في إيران تمر فعلا بضائقة مالية، فضلاً عن أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية هذه المرة محكمة أفضل بكثير من ذي قبل، وليس لدي شك أن الزمن ليس في مصلحة الملالي، إلا إذا وجدوا ثغرة هنا أو هناك يستطيعون من خلالها تصدير نفطهم منها.
والسؤال: لماذا يصر الملالي على هذا العناد والتحدي والمكابرة، والإصرار على التضحية بكل شيء في سبيل بناء الإمبراطورية الفارسية التي يحلمون بها؟.. ثم لماذا تسكت شعوبهم على هذه التصرفات الحمقاء التي تسعى بهم إلى الإفلاس؟
الملالي حينما يؤزمون المنطقة، ويجعلونها على حافة الهاوية، فهم بذلك يُرحلون مشاكلهم الداخلية إلى الخارج، في محاولة تبريرية لإقناع الشعب من الداخل أن ثمة مؤامرة عالمية تقودها أمريكا تتربص بهم، لاحتلال بلادهم، ونهب ثرواتهم؛ ومثل هذا المنطق يجد له آذانا صاغية لدى عامة الإيرانيين؛ والآلة الإعلامية الداخلية تعمل بقوة ونشاط على إشاعة هذه الذريعة؛ ويبدو أنهم أصابوا قدراً كبيراً من النجاح؛ فالإيرانيون عادة ما يتحركون ويناضلون ويضغطون لتحقيق مطالبهم، هكذا يقول تاريخهم، فلماذا يرضخون الآن والأوضاع وصلت من التردي إلى درجة غير مسبوقة؟
ويبدو أن الأمريكيين كانوا وما زالوا يراهنون على أن الشعب إذا طال عليه أمد الحصار، وشمل مجالات اقتصادية واسعة، لا بد أن يثور، فالجوع قاتل وهو الذي يُحرك الشعوب.
وعلى أي حال فلا أحد يذهب إلى الحروب إلا إذا لم يجد حلاً إلا الحرب، لأنك تستطيع أن تبدأها ولكنك لا تملك السيطرة على تبعاتها، وبالتالي إنهائها متى ما أردت، إلا أننا يجب أن نتنبه إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن الإيرانيين دائماً ما يدفعون الأمور إلى حافة الهاوية، فإذا تمت مواجهتهم تراجعوا، ففي سوريا -مثلاً- يُصعدون كلامياً، ويجعجعون، ويتوعدون، وعندما يضربهم الطيران الإسرائيلي، فلا تجد منهم إلا السكوت والصمت؛ وحدث ذلك مرات ومرات، وأكاد أجزم أن الإيرانيين لو تمت مواجهتهم في الخليج مثل ما تواجههم إسرائيل في سوريا، فلن يتجرؤوا على التصعيد والمواجهة، لأنهم يعرفون يقينا أن أي حرب بينهم وبين أمريكا سيكونون قطعاً الخاسرين.
أعرف أن الحرب قد تكون كلفتها مرتفعة، ولكن كيف العمل مع دولة تصر على تصدير الإرهاب، وتمويل الإرهابيين، وتهز أمن واستقرار منطقة هي شريان العالم اقتصادياً.
إلى اللقاء،،
نقلاً عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة