تسميم طالبات إيران.. هل يمحو "الصهريج الملوث" بصمات الإرهاب البيولوجي؟
"صهريج ملوث".. تدفع إيران لأن يكون وراء تسمم طالبات بعدة مدن، في رواية يُعتقد أنها مجرد منفذ للهروب من وصمة "الإرهاب البيولوجي".
فمع تزايد حالات الإصابة بالتسمم في صفوف الطالبات وارتفاع منسوب المخاوف من استمرار ظاهرة باتت تؤرق عوائل الطلاب، طرحت السلطات الحاكمة فرضية بشأن حالات التسمم المستمرة.
واليوم الجمعة، نقلت وكالة أنباء "تسنيم" التابعة للحرس الثوري عن رضا كريمي صالح نائب حاكم مدينة "برديس" التابعة لمحافظة طهران، قوله: "عند وقوع التسمم كان هناك صهريج وقود مشبوه بالقرب من المدرسة، وقد أصيب حراس موقف السيارات التابع للمدرسة بالتسمم بسبب وجود هذا الصهريج".
وزعم كريمي صالح أن هذه الناقلة كانت مركونة بالقرب من مدرسة خيام في مدينة برديس، لافتا إلى وجود معلومات تشير إلى أن "هذه الناقلة نفسها كانت قد تواجدت في مدينتي قم وبروجرد".
وتابع: "عند وقوع حادث تسمم للطلاب بعد التعرف على عامل إطلاق الغاز، اشتبه العملاء الموجودون في البيئة بوجود صهريج بالقرب من المدرسة".
وأردف المسؤول بوزارة الداخلية الإيرانية أنه "في التحقيقات التي أجريت في البداية، تبين أن الرائحة الكريهة المنبعثة في المدرسة تشبه إلى حد بعيد رائحة الوقود داخل الصهريج، لذلك تم إيقاف السيارة الناقلة على الفور وجرى اعتقال سائقها".
وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول في الحكومة عن اعتقال شخص على صلة بسلسلة تسمم فتيات في إيران.
وقبل يومين رفض أحمد وحيدي وزير الداخلية الإيراني الأخبار المنشورة عن اعتقال ثلاثة أشخاص، وقال إن "أنباء القبض على أشخاص بتهمة تسميم طلاب كاذبة".
وبحسب تصريح كريمي صالح، فإنه "تم أخذ عينات من الوقود داخل الصهريج والطلاب واختبارها، لكن النتائج النهائية لم تُعرف بعد".
ورغم اعتراف نائب حاكم مدينة فرديس بأن "النتيجة النهائية" للاختبار لم يتم تحديدها بعد، إلا أنه يقول: "تشير الأدلة إلى أن وقوف الناقلة التي تحمل الوقود بالقرب من المدرسة هو سبب التسمم لطلاب مدرسة خيام فرديس".
تسمم متزامن؟
وإذا تم قبول ادعاء هذا المسؤول الحكومي الإيراني حول وجود هذه الناقلة في مدينة برديس وبمدينتي قم وبروجرد، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن أن تحدث حالات التسمم هذه في عدة مدن أخرى، وفي معظم الحالات حدث في وقت واحد".
وحتى أمس الخميس، تواصلت سلسلة حوادث تسمم في مؤسسات تعليم الفتيات، وتشير التقارير إلى تسمم 48 طالبة في محافظة أردبيل (شمال إيران) و21 طالبة في السكن الجامعي لجامعة كرج التقنية والمهنية.
وانتشرت في الساعات الأولى من ليلة أمس صور عن سكن الجامعة التقنية والمهنية للبنات في كرج غرب طهران، حيث شوهد تواجد سيارات الإسعاف وعمال الإنقاذ.
وأثارت حوادث تسمم الفتيات جدلا واسعا لدى الرأي العام في إيران، وبعد أن حدث ذلك في عدة مدارس يوم الأربعاء الماضي، وبعيدًا عن تكثيف الاحتجاجات الشعبية والشعارات الليلية، كسر بعض رجال الدين في قم صمتهم أمس.
"إرهاب بيولوجي"
ولم يعلن المسؤولون الحكوميون بشكل رسمي حتى الآن عن أسباب تسمم الطالبات، لكن وسائل الإعلام المقربة منهم اتهمت المعارضين الداخليين والقوى الأجنبية أو كتبت عن احتمال وجود طلاب "مؤذيين" واستخدامهم في هذه القضية.
وأعلن التلفزيون الإيراني الرسمي، الخميس، أن "إهمال سائق الناقلة التي تحمل البتروكيماويات" هو سبب تسمم طالبات المدارس الثانوية في مدينة بروجرد وسط إيران.
من جانبه، اعتبر النائب الإيرانيي محمد حسن أصفري أن التسمم المتسلسل للطالبات سببه "عمل بيولوجي"، مشيرا في الوقت ذاته إلى "ضعف المعلومات والتوضيح من قبل المسؤولين تجاه ما يحدث".
وقبل أكثر من أسبوع، ألمح تقرير صحفي إلى محاولة النظام الإيراني عقاب الطالبات على مشاركتهن في احتجاجات الأشهر القليلة الماضية بـ"الإرهاب البيولوجي".
وربطت صحيفة الغارديان البريطانية بين تسمم طالبات إيرانيات ومحاولات لعقاب الفتيات على الحركة الاحتجاجية النسائية المستمرة منذ سبتمبر/أيلول الماضي.