أعلنت خارجية قطر ترحيب الدوحة باستضافة جولة محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران برعاية منسق الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي.
وقال المستشار الإعلامي للفريق النووي الإيراني إن "إيران اختارت قطر لأنها دولة صديقة".
وبذلك تكون إيران على خطى طالبان، التي ارتضت بأن تكون الدوحة مقرًّا للمفاوضات بينها وبين الولايات المتحدة، وهو ما أعقبه انسحاب أمريكي من أفغانستان لا يمكن أن ينساه العالم، وتداعياته واضحة إلى اليوم، والغد.
والسؤال هنا ليس عن الدور القطري، بل عن إمكانية ما ستقدمه الإدارة الأمريكية في هذه المفاوضات من تنازل، وما يمكن أن تقدمه طهران بدورها، خصوصًا أن التوقيت ليس في مصلحة أي طرف الآن.
في آخر ظهور له قبل انتهاء مهمته، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده: "لن نتفاوض حول المسائل النووية التي تمت مناقشتها في فيينا، وسنتناول النقاط العالقة في مسألة رفع الحظر والعقوبات".
وقال زاده: "ليس هناك اتفاق على أي شيء، حتى يتم الاتفاق على كل شيء".
والسؤال هنا: ما هو "كل شيء"؟ هل هو رفع العقوبات أولاً؟ أم رفع "الحرس الثوري" من قائمة العقوبات؟ أم أكثر؟
ربما يتم التوصل إلى اتفاق في الدوحة، لكن التوقيت اليوم ليس في مصلحة الطرفين، أو ما قد يتم التوافق عليه.
هل تستطيع إدارة "بايدن"، مثلاً، تقديم تنازلات حقيقية رغم المعارضة الحقيقية في حزبه، والديمقراطيون على أعتاب الانتخابات النصفية التي قد يخسرونها؟
هل تستطيع إدارة "بايدن"، مثلاً، رفع "الحرس الثوري" من قائمة العقوبات، بعد أن تعهدت بعدم فعل ذلك؟
هل يغامر الرئيس في هذا التوقيت باتخاذ قرار يعلم أنه في حال سيطرة الجمهوريين على الكونجرس سيكون من الصعوبة تطبيق بنوده؟
الوقت ليس العائق الوحيد أمام واشنطن، بل وحتى طهران التي بالغت وتمادت بالتسويف والمماطلة في اتفاق فيينا، وأضاعت فرصة الاندفاع الأمريكي لإنجاز ذلك الاتفاق، وبأي شكل من الأشكال.
هناك عوامل عدة اليوم لا يمكن التغافل عنها في المنطقة، ومنها العامل الإسرائيلي الفعال، وكذلك المطالب الخليجية العربية، التي ستتضح أكثر في القمة السعودية-الأمريكية، والقمة الخليجية العربية-الأمريكية المرتقبة في جدة.
وعليه، لا شيء واضح حتى الآن عن مفاوضات الدوحة هذه، وعلينا أن نتذكر أن مفاوضات طالبان مع واشنطن في قطر استغرقت سنوات، وإشكالية المفاوضات النووية الإيرانية أنها بسقف مفتوح، ما منح إيران فرصة للتلاعب، وأضر بالإدارة الأمريكية.
وعلينا أن نتذكر أيضًا أن العدو الحقيقي لإيران هو إيران نفسها غير القادرة على اتخاذ قرارات جدية تطمئن محيطها، وتعيدها للمشهد الدولي كدولة فاعلة تحترم الأنظمة والقوانين، ولذا ربما يكون هناك اتفاق لكنه سيكون هشًّا، إذ إن التوقيت والظروف لا يصبان في مصلحة كل من إيران والإدارة الأمريكية، خصوصًا أن عجلة الخطة "ب" قد انطلقت في واشنطن، وبدفع إسرائيلي، وبسبب التلاعب الإيراني.
خلاصة القول: حتى لو تم التوصل إلى اتفاق في الدوحة، فإن تنفيذه موضع شك لأن الوقت ليس في مصلحة كل الأطراف، مهما كانت نيّاتهم.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة