ألمانيا تحاول ضرب إيران بـ"عصا أوروبية".. عقوبات جديدة؟
تصريحات على أعلى مستوى بألمانيا وتحركات حثيثة على الأرض، ترسم عاصفة عقوبات أوروبية تلوح في الأفق ضد إيران، لكنها "غير مرضية".
وخلال الأسبوع الماضي، بدا جليا أن برلين تقود مسارا أوروبيا قويا لفرض عقوبات على إيران، على خلفية قمع الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي اندلعت بعد وفاة شابة في حجز شرطة الأخلاق.
الموقف الألماني تطور مع تزايد رقعة الاحتجاجات على الأرض في إيران، إذ تنتقد برلين القمع الإيراني بشدة، ما دفع طهران لاستدعاء السفير الألماني وسلمته مذكرة احتجاج مؤخرا.
لكن برلين لم تتوقف عند الانتقاد، إذ أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز، قبل أسبوع، أن الاتحاد الأوروبي بصدد دراسة عقوبات جديدة ضد إيران.
المستشار أوضح في تغريدة على "تويتر": "أشعر بصدمة لأن أشخاصا يحتجون سلمياً في إيران فقدوا حياتهم"، متابعا "نندد بالعنف غير المتكافئ من جانب القوات الأمنية، وندعم الشعب" الإيراني.
وأشار إلى أن فرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي خطوة مهمة، وأضاف قائلا: "نحن بصدد دراسة إجراءات إضافية"، دون أن يكشف تفاصيل أخرى.
هذه التصريحات جاءت بعد يوم واحد من حديث مشابه لكنه أكثر تحديدا لوزيرة خارجيته أنالينا بيربوك، إذ قالت، في تصريحات تلفزيونية إن الاتحاد الأوروبي يدرس إدراج الحرس الثوري على قوائم الإرهاب.
وتابعت بيربوك "سنعد حزمة عقوبات إضافية (..) نحن ندرس أيضا كيف يمكننا إدراج الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب".
هذه التصريحات لم تكن كلمات مفرغة، لأنها كانت تتزامن مع إعداد الحكومة الألمانية، بالمشاركة مع دول أخرى، حزمة عقوبات ضد إيران، لتمريرها على المستوى الأوروبي.
ووفق مجلة دير شبيجل الألمانية، قدمت ألمانيا، بالمشاركة مع ثماني دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، قبل أيام، حزمة جديدة من العقوبات ضد الأشخاص والمنظمات المشاركة بشكل كبير في أعمال العنف ضد المتظاهرين الإيرانيين.
وتحتوي الحزمة المقترحة على 31 بندا ويتم الآن دراستها بشكل قانوني في أروقة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث أدرج الأشخاص والمؤسسات من قطاع الأمن وكذلك الشركات المسؤولة عن العنف والقمع في إيران، على لائحة العقوبات.
وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 11 مسؤولا إيرانيًا وأربع منظمات، في حزمة أولى جاءت ردا على القمع المستمر للمظاهرات بعد وفاة مهسا أميني في 16 سبتمبر/ أيلول.
وبحسب التقارير، هناك دعم واسع في الاتحاد الأوروبي لتوسيع العقوبات على إيران، بما يشمل فرض تجميد الأصول وحظر الدخول على مسؤولين ومنظمات مشاركة في قمع المظاهرات.
ومن الممكن أن يتخذ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، قرارا بشأن العقوبات الجديدة في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية المقرر في 14 نوفمبر/تشرين الأول الجاري.
ومن المقرر أن تصدر هذه العقوبات الجديدة في إطار ما يسمى بنظام عقوبات حقوق الإنسان الخاص بإيران في الاتحاد الأوروبي.
إذ يوجد حوالي 550 فردًا ومنظمة إيرانية على قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، على خلفية قضايا عدة أبرزها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أو انتشار أسلحة الدمار الشامل، أو الصلات بالإرهاب أو التورط في الحرب في سوريا.
وفيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، تطال عقوبات الاتحاد الأوروبي التي فرضت على مدار السنوات الماضية، 97 فردا إيرانيا، و8 كيانات، وفق ما رصدته "العين الإخبارية".
وتشمل العقوبات من هذا النوع، عدة إجراءات، أبرزها حظر السفر وتجميد الأصول بحق الإيرانيين. كما يٌحظر على مواطني وشركات الاتحاد الأوروبي إتاحة الأموال للأفراد والكيانات المدرجة في القائمة.
ويتضمن نظام عقوبات حقوق الإنسان الخاص بإيران أيضًا حظرًا على تصدير المعدات التي قد تُستخدم في القمع الداخلي ومعدات مراقبة الاتصالات إلى طهران.
وكانت تقارير ألمانية تحدثت خلال الأيام الماضية، عن أن عقوبات إيران كانت موضوعًا رئيسيا في المحادثات بين وزراء الخارجية في قمة مجموعة السبع في مدينة مونستر الألمانية يوم الجمعة الماضي.
ووفق هذه التقارير، اتفقت وزيرة الخارجية أنالينا بربوك على توسيع العقوبات، مع زملائها الأوروبيين وعبر المحيط الأطلسي.
وفرضت الولايات المتحدة وكندا عقوبات أكثر صرامة مما فرضه الأوروبيون، على المسؤولين الإيرانيين في الأسابيع الأخيرة على خلفية قمع الاحتجاجات الأخيرة في الأراضي الإيرانية.
ورغم التحركات الحكومية في ألمانيا والانتقادات العلنية إلا أن مستوى الفعل الألماني في ملف إيران، لا يحظى برضاء الرأي العام في برلين.
وفي هذا الإطار، إذ كتب سفين هوبر، رئيس مجلس إدارة شؤون العاملين بالشرطة الألمانية، على "تويتر": "ألمانيا هي الشريك التجاري الرئيسي لإيران. (لكن) ماذا نفعل حيال انتهاكات حقوق الإنسان هناك؟ حظر الطيران؟ تعليق التعاملات؟ تجميد أرصدة بنكية؟ الجواب: ألمانيا لا تفعل شيئاً".
وتابع "لا شىء على الإطلاق. فقط كلمات. عار. هذه هي سياستنا الخارجية القائمة على القيم"، وفق ما رصدته "العين الإخبارية".