"طائب" خارج مخابرات الحرس.. هل يرمم "السطر الأخير" أمن إيران؟
إخفاقات أمنية واستخبارية يبدو أنها كتبت السطر الأخير بمهام رئيس مخابرات الحرس الإيراني عبر إقالة تنشد ترميم ثغرات قاتلة.
إقالة تستبعد حسين طائب من مخابرات الحرس الثوري، أعلن عنها الخميس، المتحدث باسم الحرس الثوري رمضان شريف في بيان، قائلا إن “القائد الأعلى للحرس الثوري اللواء حسين سلامي عيّن محمد كاظمي رئيسا جديدا لدائرة استخبارات الحرس الثوري الإيراني”.
وأضاف أن اللواء سلامي عين طائب مستشارا خاصا له، دون تفاصيل أكثر حول أسباب الإقالة، لكن تقارير أشارت إلى أن العوامل الكامنة وراء القرار تكشف دلالته وسياقه، خصوصا في ظل الإخفاقات الأمنية التي سجلتها إيران بالفترة الماضية، من ذلك الاغتيالات والهجمات التي استهدفت منشآت نووية وغيرها.
إيران في تركيا
لكن القطرة التي أفاضت كأس طهران على ما يبدو، كانت إحباط تركيا ما قالت إسرائيل إنه محاولة من الاستخبارات الإيرانية لشن هجمات ضد إسرائيليين، وفق ما أعلنه مسؤولون إسرائيليون بالساعات القليلة الماضية.
وبالنسبة لطهران، فإن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن تتداول تقارير إعلامية إسرائيلية اسم "طائب" واتهامه بأنه يقف خلف "مخطط إيراني" لاستهداف إسرائيليين في تركيا.
وأمس، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إن المخابرات التركية أحبطت، مؤخرا، مؤامرة إيرانية ضد مواطنين إسرائيليين بإسطنبول، في إعلان بات يتكرر بشكل ملحوظ بالفترة الأخيرة، حيث تتهم تل أبيب طهران بتدبير مؤامرة تستهدف مواطنيها في تركيا.
اتهامات ترفع منسوب الغضب الشعبي الإيراني الذي بات استياؤه من السياسة الخارجية لنظامه أكبر من أن تحتويه خطابات مسؤوليه الرنانة وشعارات النصر على ما يعتبرونه "مؤامرات خارجية".
أما بالنسبة للحرس نفسه والنظام، فإن التطورات تراكم فشلا ذريعا للمخابرات في احتواء أمن بلد يقف على خط النار، مع تواتر اغتيالات المسؤولين العسكريين ورجال الدين وأكاديميين، إضافة إلى عمليات استهداف منشآت نووية وغيرها.
الانحناء للعاصفة
حين رفعت إسرائيل، في 13 يونيو/ حزيران الجاري، تحذير السفر إلى إسطنبول لأعلى مستوى له على خلفية تهديدات إيرانية قالت إنها تستهدف قتل أو خطف مواطنين لها في تركيا، بدا لطهران أنه يمكن تجاوز الأمر نوعا ما.
لكن مع إعلان أن الأشخاص الثمانية الذين أوقفتهم تركيا يعملون لحساب المخابرات الإيرانية، وليس ذلك فقط، وإنما جرى ضبط أسلحة خلال عمليات تفتيش وسط إسطنبول، بدا بالنسبة لطهران أنه لا مجال للتغاضي عن إخفاقات باتت مميتة.
فقبل ذلك، حاولت طهران وحرسها الثوري تجاوز عدد من الاغتيالات التي استهدفت مسؤولين عسكريين وعلماء وأكاديميين، عبر استعراضات عسكرية أو تصريحات حاولت منح انطباع بأن الأمور تحت السيطرة رغم العثرات والثغرات.
محاولات ترجمتها تصريحات المسؤولين التقليدية عبر تعهدات بالثأر ومواجهة "المؤامرات الخارجية"، تماما مثلما حصل مؤخرا عقب مقتل عقيد بالحرس الثوري يدعى حسن صياد خدايي.
فحينها، توعد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بـ"الثأر" لمقتل المسؤول العسكري على يد شخصين كانا يستقلان دراجة نارية، محاولا قدر الإمكان عدم التطرق إلى مكان العملية، حيث يعتبر استهداف مسؤول في العاصمة طهران ضربة قاتلة لمخابرات النظام.
حاولت طهران، آنذاك، تجاوز أبرز عملية استهداف مباشرة داخل أراضيها منذ العام 2020، وبدا أن السياق العام لا يتحمل تغييرا على رأس المخابرات، على الأقل تفاديا لارتدادات الخطوة ودلالاتها في سياق يعاني فيه النظام من أزمات داخلية وخارجية خانقة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قتل ضابط في الحرس الثوري يدعى محسن فخري زاده، وهو أيضا أستاذ فيزياء بجامعة الإمام الحسين بطهران، ويعتبر العالم النووي الأرفع في إيران.
وكانت تلك من أبرز خسارات طهران، وتفيد مصادر بأن أوساطا مقربة من المرشد علي خامنئي تحدثت حينها عن إقالة رئيس المخابرات، لكن القرار الفعلي لم يصدر لاعتبارات أمنية وسياسية، أو ربما وقع إرجاؤه.
ضربات
لم تخسر إيران عددا من شخصياتها فقط، بل سجلت حوادث لافتة طالت منشآتها النووية والطاقية، حيث تعرض بعضها للتخريب عبر هجمات سيبرانية، فيما شهدت أخرى حرائق غامضة لم يعرف مصدرها.
وعادة ما ينسب الحرس جميع تلك الحوادث لإسرائيل، غير أن الثابت في كل ذلك هو أنه وبغض النظر عن الفاعل، فإن كل الحيثيات كانت تشير لحدوث اختراقات أمنية وفشل استخباري ذريع في إدارة المخاطر العالية التي تهدد الأمن القومي الإيراني.
وبفشل نظرية "المؤامرات الخارجية" في التغطية على تلك الإخفاقات، بات من الضروري القيام بأكبر خطوة مؤجلة للنظام الإيراني وهي إقالة قائد المخابرات، مجازفة بما تحمله من دلالات.
قرار يرى مراقبون أنه يختزل الخروقات التي يعاني منها الجهاز الأمني العام في إيران، والأسوأ أنه يستبطن إقرارا بالفشل في سياق ملتهب على خط تماس الأزمات الداخلية والخارجية.
aXA6IDMuMTQ3LjgyLjI1MiA= جزيرة ام اند امز