اليمن والعراق وسوريا.. ترامب يبدأ قص أجنحة الغراب الإيراني
إدارة الرئيس دونالد ترامب تسير في سياسة أكثر صرامة ضد إيران بمزيد من العقوبات ومزيد من التحالفات في الشرق الأوسط
"إيران تلعب بالنار".. هكذا وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، النظام الإيراني، تحذيرات متتالية من الإدارة الأمريكية وتحركات فعلية من أجل قص أجنحة الغراب الإيراني، في منطقة الشرق الأوسط.
ترامب وأوراق محاصرة طهران
سياسة الرئيس الحالي دونالد ترامب تجاه إيران لم تكن كالسياسة الأمريكية السابقة في عهد باراك أوباما، حيث توعد ترامب أثناء الانتخابات الرئاسية، برد قاس على أي سفينة إيرانية تضايق البحرية الأمريكية في مياه الخليج، كما وصف الاتفاق النووي مع طهران، بـ"أسوأ ما يمكن أن يكون قد تم التفاوض عليه على الإطلاق".
العقوبات والحصار الاقتصادي
فبراير الماضي قامت إيران بتجربة لصاروخ باليستي، وسط تحذيرات من جانب إدارة ترامب، حيث قال مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، إنه سيكون من الأفضل لإيران أن تدرك أن هناك رئيسا جديدا في المكتب البيضاوي.
وقامت واشنطن حينها بخطواتها الأولى، وفرضت حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على طهران، وتتركز العقوبات على الشركات التي تورد معدات إلى البرنامج الصاروخي الإيراني، والجماعات التي تساعد في تسليح المنظمات الإرهابية في المنطقة.
وبهذه العقوبات أرسلت واشنطن رسالة لطهران وهي أن هناك إدارة قوية في واشنطن، لم ينتهِ الأمر عند ذلك الحد بل قام البيت الأبيض بفرض عقوبات جديدة الشهر الجاري، استهدفت هيئة السجون في طهران، وأحد مسؤوليها السابقين، سهراب سليماني، بسبب "انتهاكات لحقوق الإنسان".
ووضعت واشنطن في قائمتها السوداء المالية، إدارة السجون في إيران وخصوصًا سجن ايوين، وأضافت وإن إيران تواصل احتجاز مواطنين أجانب وخصوصا إيرانيين أمريكيين، ظلمًا، مطالبًا بالإفراج عنهم فورًا.
الاتفاق النووي
بعد مرور أشهر من تولي ترامب زمام الأمور في البيت الأبيض، بدأت عملية معاقبة طهران راعية الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، حيث أعلن ترامب، أمس الخميس، أن إيران لا تحترم "روح" الاتفاق الموقع في العام 2015 مع القوى العظمى حول برنامجها النووي والذي أدى إلى تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على هذا البلد.
وقال إن الاتفاق الذي وقعه سلفه باراك أوباما "اتفاق رهيب ما كان يجب أن يتم توقيعه"، كما دعت واشنطن مجلس الأمن الدولي إلى "إعطاء الأولوية" إلى النشاطات "التدميرية جدا" التي تمارسها إيران.
إلغاء الاتفاق النووي، من أكثر أدوات الضغط على النظام الإيراني، ومواجهه نفوذة في المنطقة ودعم المنظمات الإرهابية، فالإدارة الأمريكية تجد مجموعة كبيرة من النواب في الكونجرس تتوافق في الرأي وتدعمه، وهكذا يصبح الاتفاق النووي على المحك.
إلغاء الاتفاق سيؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة لطهران، وسيكون الضغط الأمريكي عليها مدمرًا، ومن هنا تعود الولايات المتحدة إلى سياسة العقاب اتجاه طهران.
واشنطن تحاصر نفوذ طهران في "بغداد"
فبراير الماضي وبعد التجربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة، حذر ترامب من تزايد النفوذ الإيراني في العراق، وقال إن "التوسع الإيراني في العراق كان جلياً للعيان منذ وقت طويل"، وأن "إيران تبتلع المزيد من العراق".
وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، في تصريحات صريحه وواضحة في أول زيارة له للعراق فبراير الماضي، ألمحَّ إلى أن الخروج الأمريكي من العراق ليس قريباً، تلميح يقول إن واشنطن تخطط لإعادة ترتيب دور جديد لها في العراق بعد انتهاء حرب الموصل سيكون حتماً على حساب إيران، حيث إن الموقف الأمريكي الجديد رافض للنفوذ الإيراني في العراق.
لقا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتصف الشهر الماضي، كشف العديد عن السياسة الأمريكية الجديدة في العراق، حيث تحدث ترامب مع العبادي بشأن حلفاء إيران من الولائيين (المؤمنون بولاية الفقيه) داخل "الحشد الشعبي"، وطالب بـ"إبعاد هؤلاء عن مؤسسة (الحشد) الرسمية وتسليم أسلحتهم الثقيلة، وعدم بقائهم في منظومة الأمن العراقية".
في السياق نفسه، كتب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي رسالة إلى ترامب يطالبون بإعادة بناء العراق بما يتطلب تحقيق لامركزية لبعض مهام الحكومة العراقية وحل المليشيات الموالية لإيران وتلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي والالتزام ببرنامج المصالحة".
تحركات واشنطن الأخيرة في الملف العراقي، تؤكد أنها حريصة على تقليص النفوذ الإيراني عبر مسارات سياسية جديدة تعيد لواشنطن القدرة على إدارة العملية السياسية، بعد انتهاء معارك الموصل وفق "هندسة سياسية جديدة" في العراق مغايرة لما سبق.
فقد أشرفت الولايات المتحدة بالتنسيق مع "المعهد الأوروبي للسلام"، على تنظيم مؤتمر في جنيف، منتصف فبراير الماضي، للبحث في ترتيبات ما بعد تنظيم "داعش" في العراق، بمشاركة الجنرال ديفيد بترايوس رئيس المخابرات الأمريكية السابق، ورئيس الوزراء الفرنسي السابق دومنيك دوفيلبان، وشخصيات دولية أخرى، ويبدو أن هذا المؤتمر سيكون بداية لتنظيم قوة سياسية جديدة متماسكة لقيادة العراق بديلة عن القوى الراهنة التي تدين بالولاء لإيران.
محاصرة نفوذ طهران في "اليمن"
وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، والذي قام بجولة إقليمية، منذ أيام، تعد الأولى له في منطقة الشرق الأوسط، حيث زار خلالها المملكة العربية السعودية ومصر.
وصف ماتيس في بداية العام الجاري، إيران بأنها أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، وقال ماتيس خلال الزيارة، إن إيران تلعب دورا يزعزع الاستقرار في المنطقة وسيتم التصدي لنفوذها من أجل التوصل إلى حل للصراع اليمني.
وأضاف أن في كل مكان يوجد به مشاكل نجد إيران، وأنه علينا التغلب على مساعيها لزعزعة استقرار بلد آخر وتشكيل مليشيا أخرى في صورة حزب الله اللبناني لكن النتيجة النهائية هي أننا على الطريق الصحيح لذلك.
الضربة الأمريكية في "سوريا"
ضربة أمريكية أعادت واشنطن إلى الملعب الإقليمي مرة أخرى، جعلت حلفاء الأسد وبالأخص إيران اكثر رعبًا من السيناريوهات الأمريكية القادمة، حيث تخشى طهران من الدخول في مواجهة مباشرة مع واشنطن.
إيران من الداخل والنظام الهش
انقسامات ومظاهرات، ووضع اقتصادي منهار، ضريبة تدفعها طهران والشعب الإيراني نتيجة التدخلات في المنطقة العربية، وتمويل المنظمات الإرهابية.
اقتصاد ينهار وعقوبات جديدة، جعلت الانشقاق في النظام الإيراني يظهر بوضوح، حيث انتقد الرئيس الحالي حسن روحاني الحرس تدخل الحرس الثوري في الأمور المتعلقة باقتصاد البلاد.
وقال في كلمة، منتصف الأسبوع الماضي، خلال الاحتفالات بيوم الجيش الإيراني في طهران: إن "وساوس القوات المسلحة في موضوع اقتصاد البلاد، إنما يبعدها عن أهدافها السامية".
قلق وتوتر داخل طهران، يرى الكثيرون أن التهديدات التي يطلقها ترامب "حقيقية"، جاء ذلك في تعليق موقع "عصر إيران" الموالي للنظام الإيراني، والذي انتقد سياسة الحرس الثوري اتجاه الرئيس الأمريكي، مطالبا بأن تتسم السياسة الإيرانية بالحكمة، ويرى محللون في الشأن الإيراني، أن الحكومة الإيرانية تحاول تجنب المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الخطوة التي يختلف معها "المحافظون"، الذين يرون بأن المواجهة العسكرية مع أمريكا لا مفر منها.