اغتيال هنية في إيران.. «العين الإخبارية» ترصد الثغرات
ضربة في قلب إيران تودي بحياة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية وقد تغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط بأكمله في منعطف مفتوح على جميع السيناريوهات.
فمع أن جميع القراءات في ما بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس تظل مجرد تكهنات، لكن المؤكد هو أن الاغتيال كشف عن ثغرات أمنية سيكون لها دور كبير في إعادة تشكيل استراتيجية طهران في التعامل مع الاغتيالات على أراضيها.
والأهم من كل ذلك، هو ما سيعقب الاغتيال وما إن كانت إيران سترد بشكل مباشر، ما يعني اندلاع مواجهة ستكون امتدادا وتوسعا لرقعة التوتر والحرب المستعرة في غزة، أم أن طهران ستعتمد سياسات شبيهة ما سبق أن تبنته سابقا.
وفي كل الأحوال، يعتقد خبراء أن المشهد لن يكون كما كان، لا في إيران ولا خارجها، خصوصا أن اغتيال هنية يشكل ضلعا بمثلث ضربات استهدفت بشكل شبه متزامن بيروت وبغداد.
فالاغتيال الأول الذي تبنته إسرائيل واستهدف الرجل الثاني في حزب الله فؤاد شكر الملقب حركيا بـ"الحاج محسن"، تبعته غارات على جرف الصخر في العراق.
"العين الإخبارية" سلطت الضوء على هذا الاغتيال من خلال رؤية يقدمها خبراء أمنيون وعسكريون حول الأمن في إيران وما إن كان يعاني من ثغرات ساهمت بشكل أو بآخر في نجاح اغتيال هنية.
تريث مدروس
نزار عبد القادر، العميد المتقاعد في الجيش اللبناني والخبير العسكري والاستراتيجي يرى أنه سبق لإيران أن مرت بتجارب مع إسرائيل أقسى وأشد صعوبة من عملية اغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران.
وقال عبد القادر، لـ"العين الإخبارية"، إن "التجربة الكبرى كانت مع اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس على يد الأمريكيين لدى خروجه من مطار بغداد، كما سبق لها أن خسرت شخصيات بارزة منها العالم النووي فخري زادة، الذي يعد بمثابة أب للبرنامج النووي لطهران".
وأضاف أن طهران "استطاعت أن تتجاوز هذه الحوادث دون أن تدفع بالأمور نحو المزيد من التصعيد وإمكانية حصول مواجهة مباشرة مع إسرائيل تدفع الولايات المتحدة للتدخل وشن حرب أو عمليات وقائية لصالح الأخيرة".
واعتبر أن "المصالح الإيرانية والأمريكية تدفع لأن يكون لدى الطرفين على الأقل نوع من التريث في اتخاذ القرارات للذهاب نحو التصعيد العسكري".
واعتبر أن "إيران لا تريد حربا مع إسرائيل تجرها لمواجهة مع واشنطن، كما أن الأخيرة حريصة جدا على عدم التورط مع طهران في صراع مباشر، وهذا الحرص والمصالح المتبادلة تجعل إمكانية الرد الإيراني على مقتل هنية مستبعدة".
ووفق الخبير ذاته، فإنها "ليست المرة الأولى التي تغتال فيها إسرائيل قيادات من حماس، فقد سبق لها تصفية قيادات تاريخية من أبرزهم مؤسس الحركة أحمد ياسين".
وأكد عبد القادر أن "التفكير الإيراني يتجه لمعالجة الأمور بعقل بارد، وسيحاول النظام الإمساك بخيوط اللعبة ضمن خطة مصالحه، ومهما كان الثمن الذي يجب أن ترد من أجله إيران فهو أقل بكثير من تعريض الداخل لهجوم إسرائيلي أمريكي مشترك".
وخلص الخبير العسكري إلى القول إن "تصريح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بشأن وقوف بلاده إلى جانب إسرائيل في حال تم الرد على عملية الاغتيال، يؤكد أن أي محاولة للرد تعني وجود واشنطن بالمعادلة".
ثغرات
مقاربة اغتيال هنية وتأثيراته على الموقف الإيراني قد تختلف بين المتابعين لهذا الشأن، فوفق رؤية المختص بالشأن السياسي الإيراني دانيال الأحوازي، فإن حديث النظام الإيراني عن تخطي الخطوط الحمراء يعني أنها إذا قامت بعمل ما للرد على إسرائيل بطريقة غير مدروسة كما حصل في السابق، فستجلب "الويلات" لنفسها.
وقال الأحوازي، لـ"العين الإخبارية"، إن "هذه العملية ستعود على إيران بمكاسب سياسية من جانب بعض أروقة صناع القرار الدولي المستند على الدعم الدائم للنظام من الصين وروسيا وبعض الدول الأخرى في حال قامت بتقديم شكوى لمجلس الأمن حيال ما تقوم به إسرائيل من اغتيالات داخل أراضيها، كما أنها ستركز اهتمامها على إعادة تموضع المحور وإبقائه متماسكاَ على صعيد القاعدة الشعبية المرتبطة بالنظام في الداخل والخارج.
أما في ما يرتبط بتفاصيل عملية الاغتيال وإمكانية حصول خرق أمني، اعتبر الأحوازي أن الأماكن التي تستضيف الوفود الرسمية والشخصيات تعتبر محصنة وغير قابلة للاختراق.
وقال إن "هذا الأمر يتضاعف عندما تكون الشخصيات ذات قيمة عالية في التوازنات الاستراتيجية أو في حال كانت مطلوبة للعدالة الدولية، وهذا ما يفرض التعامل معها واستضافتها تحت رقابة مشددة".
ووفق تقديرات الخبير ذاته، فإن الطريقة التي استهدف بها هنية تشبه تلك التي استخدمت لاستهداف قاسم سليماني وفخري زادة بتأكيد وجود طرف ثالث، لافتاَ إلى أن السلطات الإيرانية أعدمت محمود الموسوي مرافق سليماني الشخصي، وتكرر الأمر مع المحيطين بزادة حيث تم توقيف 4 أشخاص.
ولفت إلى أنه لم يتم التطرق للطريقة التي تم عبرها الاغتيال، كما أن هناك تكتما حولها وتوجيهات بعدم الحديث عنها، لكن الأحوازي يعتقد أن الاغتيال حدث بواسطة صاروخ من طائرة "درونز" أو من بارجة حربية في المياه الإيرانية.
وبرر هذا الطرق بوجود صعوبة في خرق المنطقة المتواجد فيها هنية، مشددا على ضرورة أن يكون هناك طرف ثالث أعطى إحداثيات مكان تواجد هنية.