وصول السلوك الإيراني السياسي إلى هذه التبريرات الانهزامية عبر الإيهام بحيازة القوة يجعل من السهل أن ندرك فشل إيران في تحقيق ذاتها كدولة
يحاول وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أن يظهر إيران بالمظهر المزيف في محاولته نفي الاتهامات حول مسؤولية إيران عن الهجوم على أرامكو، حيث قال وزير الخارجية الإيراني حرفيا إن بلاده "لو خططت ونفذت فعلا هذا الهجوم لكان ذلك كارثة على السعودية" هذه اللغة تشبه ارتداء جلد أسد في مهرجان أفريقي الكل يعلم أنه لا وجود للأسد ولا وجود كذلك لرجل أسد يحمل هذا الجلد على ظهره.
كل ما يمكن لإيران أن تستوعبه اليوم أن القوى الدولية وجيرانها في المنطقة استطاعوا أن يصلوا في النهاية إلى الطريقة المناسبة للتعامل مع هذا النظام الذي يحاول جديا أن يستدرج الجميع إلى الفوضى، اعتقادا من النظام الإيراني أن المنطقة سوف تغرق بمواجهات يصعب السيطرة عليها، وهذه حقيقة غير دقيقة
نعم إيران هي من نفذت هذا الهجوم، ولكن السؤال المهم يقول: لماذا يبحث وزير خارجية إيران عن إثبات من السعودية ما دام يعتقد أن تنفيذ إيران لهجوم على السعودية سوف يكون مدمرا حيث قال بالحرف الواحد بحواره مع شبكة CBS الأمريكية "إن السعودية لم تقدم أية أدلة على تورط إيران في الهجوم الذي استهدف موقعين لإنتاج وتكرير النفط في مناطقها الشرقية".
ما كان على وزير الخارجية الإيراني أن يستخدم هذه اللغة غير الدبلوماسية لينقذ بلاده من ورطة الهجوم عبر رسالة مفادها تمرير الاعتقاد أن إيران قادرة على تنفيذ هجوم أكبر على السعودية، جواد ظريف يدرك تاريخيا أن إيران تحاول أن تنال من السعودية منذ أربعين عاما وتزيد، ولكنها لم تنجح يوما من الأيام في ذلك وكان أكبر هجوم مباشر من إيران على السعودية، قد قام على استثمار مناسبة دينية عظيمة خلال الحج عبر إخفاء مجموعة من اللصوص والمجرمين يحملون الخناجر والسكاكين والهراوات وإرسالهم إلى الحج ليقتلوا الحجاج من المسلمين حول العالم وليس من أجل تنفيذ هجوم على السعودية، وقد كان ذلك في نهاية الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي.
وصول السلوك الإيراني السياسي إلى هذه التبريرات الانهزامية عبر الإيهام بحيازة القوة يجعل من السهل أن ندرك فشل إيران في تحقيق ذاتها كدولة خلال الأربعة عقود الماضية، فقد غرقت إيران وفشلت خلال العقود الأربعة الماضية في بناء علاقات سلمية مع دولتين كبيرتين؛ أُولَاهما السعودية ذات القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية والإسلامية، وثانيهما الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي للمنطقة الخليجية.
يبدو بشكل واضح أن معايير السياسة الإيرانية تتعرض لتقلبات كبرى، فإيران كما يبدو تشعر بأن الأمل والانفراج في مشوراها السياسي سواء مع جيرانها أو مع أمريكا والدول الغربية الكبرى ينحسر في محاولاتها تحقيق إنجازات سياسية عبر طرق دبلوماسية خاطئة، فحتى المشروع النووي الإيراني يدخل مرحلة أكثر كثافة من حيث القيود التي ستفرض عليه في حال وافقت أمريكا على أن تجري حوارا مع إيران.
كل ما يمكن لإيران أن تستوعبه اليوم أن القوى الدولية وجيرانها في المنطقة استطاعوا أن يصلوا في النهاية إلى الطريقة المناسبة للتعامل مع هذا النظام الذي يحاول جديا أن يستدرج الجميع إلى الفوضى، اعتقادا من النظام الإيراني أن المنطقة سوف تغرق بمواجهات يصعب السيطرة عليها، وهذه حقيقة غير دقيقة فقد عجزت إيران- وخلال أربعة عقود- أن تشعل عود ثقاب واحد بين دول المنطقة مع كل محاولاتها المستميتة لتحقيق ذلك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة