إسرائيل وإيران.. «ضربة سياسية» في «منطقة رمادية»؟
مع التزام إسرائيل الصمت، وتقليص طهران لأهمية ما حصل، يرى مراقبون أن الجانبين يأملان أن يكون الرد المتبادل كافيا، لإرضاء غرورهما، دون الحاجة إلى مزيد من التصعيد.
انفجارات.. وكلٌ يفسر على ليلاه
وفجر اليوم الجمعة، وتحديدا عند نحو الساعة الرابعة بالتوقيت المحلي، بدأت تقارير الانفجارات في محافظة أصفهان الإيرانية تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي.
والمنطقة هي موطن لمنشآت حساسة -قاعدة عسكرية إيرانية ومختبرات نووية رئيسية-، ولكن يبدو أن الهجوم حسب خبراء كان مجرد وخز صغير نظرا لقدرات إسرائيل العسكرية بعيدة المدى.
غير أن مسؤولين أمريكيين أكدوا، عبر وسائل إعلام، أن إسرائيل نفذت ضربات داخل إيران في وقت مبكر من يوم الجمعة، ردا على هجوم السبت الذي شنته طهران بأكثر من 300 صاروخ ومُسيرة.
ولم يكن من الواضح حجم الضرر الذي سببه الهجوم، لكن مسؤولا إسرائيليا أوضح لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، شرط عدم الكشف عن هويته، أن الهدف من الهجوم هو إرسال رسالة إلى إيران مفادها أن تل أبيب لديها القدرة على ضرب داخل البلاد.
من جهته، قال قائد الجيش الإيراني اللواء عبدالرحيم موسوي إن الانفجارات التي وقعت في أصفهان ناجمة عن إسقاط أنظمة دفاعية مضادة للطائرات جسما مشبوها في السماء، ولم تحدث أي أضرار، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وفي هذه الأثناء، صرح مسؤول إيراني كبير لرويترز أن طهران ليس لديها خطة للرد الفوري.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته "لم نتأكد من المصدر الخارجي المسؤول عن الواقعة. لم نتعرض لأي هجوم خارجي والنقاش يميل أكثر نحو تسلل وليس هجوما".
إرضاء للطرفين
وفي هذا الصدد، يقول تشارلز ميلر، الخبير الأمني في الجامعة الوطنية الأسترالية لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية: "أعتقد في الواقع أننا سنفاجأ وأن الأمور قد تهدأ".
مضيفا "يبدو أن كلا الجانبين يريد في الواقع أن يُنظر إليه على أنه يفعل شيئا ما، دون المخاطرة فعليا بالقيام بأي شيء استفزازي للغاية".
وكما هو الحال مع الهجوم الإيراني الذي سبقه مطلع الأسبوع الجاري، يبدو أن الضربة الإسرائيلية تهدف إلى التوقف عن تصعيد التوترات.
هجومٌ إيراني غير مسبوق بأكثر من 300 صاروخ ومسيرة، مع الكثير من التحذير المسبق، رآه محللون أنه ربما كان مصمما ليبدو مذهلا مع إبقاء الموت والدمار عند الحد الأدنى.
وفي تعليقها على ذلك، قالت سنام فاكيل، من تشاتام هاوس، إن إيران استغرقت بعض الوقت في ردها لإظهار مجموعة واسعة من القدرات في جميع أنحاء المنطقة، بالطريقة التي أظهرت بها إسرائيل يوم الجمعة أنها قادرة على الضرب داخل إيران.
واشنطن تعلم لكنها "لم تتورط"
وفي إطار ردود الفعل صرح وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني بأن وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى دعوا إسرائيل وإيران إلى وقف تصعيد الأعمال العدائية، وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في الصحيفة الأمريكية.
وقال تاجاني للصحفيين "تم إبلاغ الولايات المتحدة في اللحظة الأخيرة، لكن لم يكن هناك أي تورط من جانب الولايات المتحدة"،
وأشار إلى أن الحجم الصغير الواضح للهجوم كان "نتيجة جهود مجموعة السبع".
ومنذ الهجوم الإيراني توعدت إسرائيل بالرد، لكنها تعرضت لضغوط من الإدارة الأمريكية وحلفاء آخرين لإظهار ضبط النفس لتجنب إثارة صراع إقليمي أوسع.
ورفض مسؤولون عسكريون وحكوميون إسرائيليون التعليق علنا على الانفجارات التي شهدتها إيران اليوم، وظلت تفاصيل الحادثة غامضة حتى اللحظة.
ولم تكن التوترات الحاصلة بالمنطقة أحداثا مفاجئة، لا سيما منذ استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، مطلع الشهر الجاري، والذي أسفر عن وقوع قتلى وجرحى بينهم مسؤولون في الحرس الثوري.
ومنذ ذلك الوقت، توعدت إيران بالرد على هذا الاستهداف الذي اتهمت إسرائيل بالوقوف وراءه.