إيران تفتح مسارا بريا يربطها بدمشق وحزب الله والمتوسط
إيران تنتهي من تأمين طريق بري يربطها بالنظام السوري في دمشق وحزب الله في لبنان والبحر المتوسط عبر الأراضي العراقية والسورية.
كشف مسؤولون في حكومة كردستان شمال العراق أن إيران انتهت من تأمين مسار بري يربط الأراضي الإيرانية بدمشق وحتى البحر المتوسط، ما سيمكنها من تقديم المزيد من الدعم للرئيس السوري بشار الأسد ومليشياتها المسلحة المنتشرة في العراق وسوريا بشكل أسهل وأرخص من النقل الجوي.
وقالت مجلة "ذا نيويوركر" الأمريكية إنه بعد محاولات استمرت أكثر من 6 سنوات تمكنت المليشيات الإيرانية لأول مرة منذ بدء الحرب السورية تأمين المسار البري المثير للجدل، والذي يبدأ عند الحدود الإيرانية-العراقية ويمر عبر البلاد حتى الحدود السورية وإلى دمشق، وذلك بعد أن استطاعت المليشيات الشيعية التي تدعهما إيران في العراق السيطرة على آخر سلسلة من البلدات على الحدود السورية-العراقية، الأسبوع الماضي.
ورغم أن المسار يتخذ طريقا متعرجا عبر البلدين إلا أنه يبدو كطريق مباشر لإيران عبر مناطق غير مأهولة نحو دمشق وحكومة الأسد، والتي تدعمها إيران منذ 2011، حيث يعتبروا الداعم الأول للنظام السوري بالعتاد والسلاح والمواد الأخرى عبر الجو والبحر.
وأشارت المجلة إلى أن الأنباء عن تأمين المليشيات الإيرانية للمسار المثير للجدل جاءت من مسؤولين بحكومة إقليم كردستان شمال العراق، ومن خبير في واشنطن يراقب تحركات الإيرانيين في هذا المسار، لافتة إلى أن المسؤولين الأكراد أبلغوا إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتلك التطورات.
ونقلت المجلة عن مسؤول كردي تحدث شرط عدم ذكر اسمه أن "الطريق (الإيراني) انتهى"، مضيفا أن "الإيرانيين يمكنهم التوجه من حدودهم وحتى البحر المتوسط.
وقالت المجلة إن المسؤولين في كردستان يعارضون الطريق الإيراني، حيث رفضوا في 2012 طلبا إيرانيا بنقل منطقتهم من شمال العراق إلى شمال سوريا، مضيفة أن الأكراد يريدون ترامب أن يحبط هذا الطريق فورا.
وحذرت المجلة من أن تأمين هذا المسار يعد ضخما بالنسبة للإيرانيين، لأنه وللمرة الأولى يربط بطريق بري واحد مجموعة من حلفاء إيران، بما فيهم حزب الله في لبنان ونظام الأسد في سوريا والحكومة العراقية التي تسيطر عليها طهران، وهو مجال نفوذ إيران في الشرق الأوسط.
ويبدو أنه حتى الآن لم تستخدم أي مركبات أو شاحنات إيرانية الطريق البري الجديد بعد، كما لم يتحدث عنه أي مسؤول إيراني نظرا للحساسية البالغة التي يتمتع بها الموضوع.
ويمر المسار بأراض شاسعة ومسافات طويلة من المناطق التي تسيطر عليها قوات حليفة أو موالية لإيران، ومعظمها تسيطر عليها الحكومة العراقية التي من المستبعد أن تعارض المطالب الإيرانية، أما باقي الأراضي فيسيطر عليها نظام الأسد في سوريا.
ورغم ذلك، قال مسؤول أمريكي بارز يتعامل مع الشرق الأوسط -لم تذكر المجلة اسمه- إن المسار غير جاهز بعد للاستخدام من قبل إيران؛ حيث لا يزال هناك فاعلون كثيرون على الأرض يمكنهم إحباط جهود الإيرانيين للمرور، قائلا: "إنه طريق طويل جدا عبر سوريا، والإيرانيون لا يمكنهم السيطرة على هذه الطرق".
لكن العديد من المناطق العراقية التي يمر بها الطريق كانت حتى مؤخرا تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي قبل أن تستولى عليها المليشيات الشيعية، الذين معظمهم عراقيون لكن أغلبهم تدرب ويتم توجيهه من إيران.
وفي سوريا، العديد من المناطق التي يمر بها الطريق يسيطر عليها حلفاء إيران ومليشياتها هناك، بما في ذلك حزب الله، والجماعات الشيعية التي تشكلت من عراقيين وأفغان يدعمون نظام الأسد في حربه للبقاء في السلطة.
ويعد العائق المحتمل الوحيد في الجانب السوري من المسار الإيراني هو أكراد سوريا، الذين يسيطرون على الجزء الشمالي الشرقي من البلاد ويعملون بشكل مستقل عن كردستان العراق، حيث يعبر جزء كبير من المسار في الأراضي الكردية بسوريا.
إلا أنه خلال الأعوام الماضية، انخرط أكراد سوريا في تحركات خطيرة للحفاظ على توازنهم ومنطقتهم وسط الفوضى التي اجتاحت أجزاء كبيرة من سوريا، وهو ما أدى لدخولهم ما يعتبر اتفاق عدم اعتداء مع حكومة الأسد، والذي تطور بدوره في أوقات معينة إلى تعاون عسكري صريح.
كما قادت تلك السياسة أكراد سوريا إلى التعاون مع القوات الأمريكية والغربية بشكل عام في الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، لأنهم كما أي مجموعة كردية في المنطقة يرون أن تقريبا كل الدول حولهم وخاصة تركيا يعارضون استقلالهم.
وقالت المجلة إن مسؤولين أكراد في سوريا قالوا إنهم لا يريدون من أي مليشيات شيعية عراقية العبور من مناطقهم، وهو ما يفترض أن يعني رفضهم لعبور الإيرانيين كذلك.
لكن حلفاء إيران بدأوا بالفعل في الضغط على أكراد سوريا لدفعهم إلى التعاون مع طهران، فحسب المجلة، قال الأكراد إنه خلال الأيام الماضية قامت روسيا بتهديدهم بأن تضربهم القوات التركية.
وقال مسؤول كردي عراقي إنه يعتقد أن الطريق الإيراني إلى المتوسط بات حتميا ما لم تتدخل الولايات المتحدة لإيقافه غالبا عن طريق الضغط على أكراد سوريا، موضحا أن كل شيء الآن يتوقف على إرادة واشنطن في منع وصول الإيرانيين إلى البحر المتوسط.