«F-14» تحت وابل الضربات الإسرائيلية.. هل تودع إيران «الأيقونة الجوية»؟

تُعد مقاتلات إف-14 تومكات الإيرانية آخر ما تبقى من هذا الطراز الأسطوري في العالم، بعد تقاعدها رسمياً من الخدمة في القوات الأمريكية.
اشتهرت هذه الطائرات بفضل ظهورها اللافت في فيلم "توب غان" الشهير، وبفضل تاريخها الطويل مع البحرية الأمريكية، ومشاركتها في العديد من النزاعات، بدءا من حرب فيتنام إلى الشرق الأوسط، وفقا لموقع بيزنس إنسايدر.
ومع دخول مقاتلات إف-إيه/18 سوبر هورنت الأكثر تطوراً وسهولة في الصيانة، خرجت الـ إف-14 من الخدمة الأمريكية عام 2006، لتبقى إيران الدولة الوحيدة التي لا تزال تشغّلها.
حصلت إيران على عشرات الطائرات من هذا الطراز في منتصف السبعينيات، حين كانت تربطها علاقات وطيدة بالولايات المتحدة، لكن هذه العلاقة انقطعت بعد الثورة الإيرانية عام 1979، وتوقفت معها إمدادات قطع الغيار والدعم الفني.
رغم ذلك، تمكنت إيران من الحفاظ على عدد محدود من هذه الطائرات في الخدمة، مستعينة بقدراتها المحلية في الصيانة وبالسوق السوداء لتوفير ما يلزم من قطع الغيار.
لكن هذه الطائرات باتت في الوقت الحالي هدفاً مباشراً للهجمات الإسرائيلية، ضمن حملة أوسع تستهدف القدرات العسكرية الإيرانية وبرامجها النووية والصاروخية.
ونشرت إسرائيل مؤخراً مقطعاً مصوراً يظهر ضربة جوية استهدفت طائرتين من طراز إف-14 في أحد مطارات طهران. ورغم أن الطائرتين المستهدفتين كانتا على الأرجح خارج الخدمة، إلا أن قطع الغيار الخاصة بهما كانت ضرورية لإبقاء بقية الأسطول محدود العدد في حالة تشغيلية، خاصة في ظل الاعتماد على ما يُعرف بظاهرة "التفكيك لأجل البقاء".
تميزت الـ إف-14 بقدراتها الفائقة، إذ زُوّدت برادار متطور وأجنحة قابلة للتعديل وصواريخ بعيدة المدى من طراز AIM-54 Phoenix، ما منحها تفوقاً في اعتراض الأهداف الجوية البعيدة وحماية حاملات الطائرات الأمريكية. وقد شاركت في عمليات بارزة، مثل عملية إجلاء سايغون في نهاية حرب فيتنام، وحققت أولى ضرباتها القتالية ضد طائرات ليبية عام 1981، واستُخدمت في عمليات عاصفة الصحراء وغيرها.
ومع ذلك، عانت هذه الطائرات من صعوبة الصيانة وارتفاع كلفة التشغيل، ما دفع البحرية الأمريكية لاستبدالها بطائرات أكثر مرونة وأقل عبئاً من حيث الصيانة. ومع تفكيك معظم الأسطول الأمريكي، أصبحت إيران الدولة الوحيدة التي تعتمد عليها، رغم محاولات الولايات المتحدة تقويض هذا الاعتماد عبر العقوبات وتدمير الطائرات ومنع وصول قطع الغيار.
خلال الحرب الإيرانية-العراقية، منحت هذه الطائرات إيران تفوقاً جوياً ملحوظاً، حيث ادعت طهران أنها أسقطت أكثر من 100 طائرة عراقية. ومع مرور الوقت وتراجع الدعم الخارجي، لجأت إيران إلى تطوير قدراتها المحلية في الصيانة، واستخدمت الطائرات غير القابلة للطيران كمصدر لقطع الغيار.
وفي ظل ضعف سلاح الجو الإيراني واعتماده على طائرات قديمة من مصادر غربية وشرقية وصينية، أصبحت الـ إف-14 تمثل رأس الحربة في مهام الإنذار المبكر والتحكم الجوي بفضل رادارها القوي.
ويرى بعض الخبراء العسكريين أن استهداف إسرائيل لهذه الطائرات خطوة استراتيجية، إذ كانت تمثل التهديد الجوي الوحيد المحتمل أمام بعض الطائرات الإسرائيلية المتقدمة، خاصة مقاتلات إف-15.
ومع تراجع القدرة الجوية الإيرانية، تعتمد طهران بشكل متزايد على أنظمة الدفاع الجوي الأرضية، التي تتعرض هي الأخرى لضربات إسرائيلية ممنهجة.
في الوقت الراهن، تؤكد إسرائيل أنها تسيطر على الأجواء الإيرانية، ما يحد من قدرة طهران على التصدي للغارات داخل مجالها الجوي، خاصة مع امتلاك إسرائيل لطائرات إف-35 المتطورة.
ورغم إعلان إيران مؤخراً عن شراء مقاتلات روسية من طراز سو-35، إلا أن موعد وصولها، وإن حدث، لا يزال غير مؤكد.
وهكذا، تظل طائرات إف-14 الإيرانية رمزاً لعصر مضى، لكنها تواجه الآن خطر الزوال تحت وطأة الضربات والهجمات المتكررة.