ثورة الأفواه المكممة بإعلام إيران.. الاستقالات تسبق الإقالات
تحتل إيران المرتبة الـ173 ضمن الدول ذات الوضع السيئ للغاية في التصنيف الأخير لحرية الإعلام الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"
يبدو أن الإعلام الإيراني يشهد ثورة داخلية ضد القيود التي تمارسها السلطات الحكومية تجاه العاملين في هذا المجال.
وتحتل إيران المرتبة الـ173 ضمن الدول ذات الوضع السيئ للغاية في التصنيف الأخير لحرية الإعلام الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود".
المنظمة، التي تنشر تقارير سنوية حول حرية الإعلام دوليا منذ عام 2002، أدرجت إيران التي فقدت 3 درجات ضمن الدول الأكثر قمعا للصحفيين.
وقالت منظمة "مراسلون بلا حدود"، في تقريرها الصادر أبريل/ نيسان الماضي إلى أن النظام الإيراني أعاق حرية الوصول للمعلومات، وقمع الحريات الأساسية لمواطنيه داخل البلاد.
استقالات مراسلين
وكشفت صحيفة "إيران المحلية" في تقرير لها، الأحد، عن انضمام 5 من مراسلي هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية (صدا وسيما) إلى محطة إيران إنترناشونال الناطقة بالفارسية التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها هربا من تكميم الأفواه.
وذكرت الصحيفة الحكومية إلى أن المراسلين الثلاثة أحمد صمدي، وإسماعيل فلاح، ونيلوفر بور إبراهيم كانوا آخر المنضمين إلى محطة إيران إنترناشونال مؤخرا، بعدما أعلنوا استقالتهم.
واعتبر التقرير أن المعرفة والمهارات المهنية للمراسلين الصحفيين ليست أولوية أو ذات أهمية لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، ويريد بعض المديرين حل المشكلات عن طريق إلصاقها للأمن أو بـ"الأعداء".
وأثار انضمام المراسل الرياضي المخضرم مزدك ميرزائي، في أغسطس/ آب 2019 إلى محطة "إيران إنترناشونال" المؤيدة لأنشطة المعارضة المناهضة للنظام الإيراني في الخارج ردود أفعال واسعة.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن انفصال ميرزائي عن التلفزيون الرسمي كان بسبب تغييرات متسارعة في سياسة المحطة التلفزيونية الثالثة التي كان يقدم عبرها برنامجه اليومي.
وتخضع هيئة الإذاعة والتلفزيون لسلطات المرشد الإيراني علي خامنئي، في حين لم ترد على الانتقادات الموجهة إليها في هذا الصدد.
طرد أقدم مذيع
وعلى صعيد متصل، كشف أحد أشهر مذيعي التلفزيون الإيراني عن تقاعده من العمل بعدما طلب منه عدم الذهاب إلى مقر عمله إثر إشادته بمغني معارض مقيم في خارج البلاد.
وأعلن محمد رضا حياتي، مقدم النشرات الإخبارية في التلفزيون الرسمي، خلال مقابلة مع صحيفة هفت صبح المحلية (السابعة صباحا) أنه تلقي اتصالا هاتفيا لإبلاغه بعدم الذهاب لمقر عمله، لكنه رد بتقديم طلبا للتقاعد نهائيا.
ولفت رضا حياتي إلى التلفزيون الإيراني فقد العديد من المقدمين مؤخرا، معتبرا أن هؤلاء الأشخاص كان ينبغي الاستفادة من مستواهم الإعلامي بدلا من الاستغناء عنهم بهذه الطريقة.
وأردف المذيع الإيراني المعروف أنه أشاد بمغني موسيقي البوب إبراهيم حامدي الملقب باسم "ابي" على خلفية اشتباك كلامي حاد للأخير عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع المطرب المقيم في الداخل محسن جاوشي.
وقال حياتي "أعشق صوت ابي وأستمع لجميع أغانيه منذ نصف قرن حيث استعيد من خلالها الذكريات البعيدة"، وأثارت تصريحات المذيع الإيراني الشهير التي انحاز فيها لمغني البوب ضد جاوشي ردود أفعال واسعة بالداخل.
يذكر أن السلطات الإيرانية بعد عام 1979 حظرت على العديد من الفنانين ممارسة أنشطة غنائية وتمثيلية الأمر الذي اضطرهم للمغادرة إلى بلدان أخرى، ومنعت بث أغانيهم وأعمالهم عبر شاشة التلفزيون الرسمي.
ويعتبر محمد رضا حياتي من أقدم مذيعي نشرات الأخبار في التلفزيون الإيراني، كما عرف بكونه (حياتي) قارئ بيان وفاة المرشد الراحل الخميني في يونيو/حزيران عام 1989.
يشار إلى أن المطرب ابي شارك مع مغنيين إيرانيين آخرين مقيمين بالخارج ضمن مهرجان شتاء طنطورة الذي أقيم في مدينة العلا الواقعة في شمال غرب المملكة العربية السعودية.
إقالة رئيس وكالة رسمية
أدت تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها قبل عدة أيام أحد جنرالات الجيش الإيراني إلى إقالة رئيس وكالة الأنباء الرسمية في البلاد.
وانتقد المساعد المنسق في الجيش الإيراني حبيب الله سياري في مقابلة مع وكالة أنباء "إيرنا" التابعة للحكومة، مطلع الشهر الجاري، التمييز الإعلامي ضد مؤسسته العسكرية، وعارض ضمنيا الأنشطة الاقتصادية لمليشيا الحرس الثوري.
وحذفت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية بعد ساعات جزءا من مقابلتها مع سياري، دون تقديم توضيح في هذا الصدد ما أثار كثيرا من التكهنات بالداخل.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية، الأحد، أن وزير الثقافة والإرشاد علي جنتي عين محمد رضا نوروز بور رئيسا جديدا لوكالة إيرنا.
وتولي نوروز بور المدير الجديد لوكالة إيرنا مناصب حكومية سابقا، أبرزها مساعد الناطق الرسمي، ورئيس المركز الإعلامي، ومساعد مدير العلاقات العامة بالمكتب الرئاسي.
واعتبر سياري في مقابلته أن دعاية الحرس الثوري والباسيح تخالف المبادئ العسكرية منتقدا في نفس الوقت ما وصفه بتجاهل وسائل الإعلام الرسمية للجيش الإيراني.
وسرعان ما أحدثت التصريحات المحذوفة لمساعد المنسق بالجيش الإيراني خلال مقابلته مع إيرنا ارتباكا في الأوساط الداخلية.
وأصدرت العلاقات العامة في الجيش الإيراني بيانا عسكريا لاحقا قالت فيه أن "قادة الجيش مخلصون لولاية الفقيه وأوامر المرشد علي خامنئي".
وزعم البيان أن من نعتهم بـ "الأعداء" قاموا بتفسير وتحليل ونشر مقابلة حبيب الله سياري بشكل منحاز، حسب قوله.
وأعادت مواقع إخبارية إيرانية بث الجزء المحذوف من المقابلة المصورة والذي وصلت مدته إلى 14 دقيقة، تطرق فيها سياري إلى أن ممارسة أنشطة اقتصادية وسياسية ليست في صالح القوات المسلحة داخل بلاده.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4xNDQg جزيرة ام اند امز