"إشاعة خوف" أم "تكتيك"؟.. إلغاء شرطة "الأخلاق" الإيرانية تحت المجهر
"إشاعة خوف" وربما "تكتيك" يسبق العاصفة.. هكذا ينظر ناشطون إيرانيون إلى تصريح رسمي بإلغاء جهاز "شرطة الأخلاق" المثير للجدل.
وشرطة الأخلاق أو "قشت إرشاد" بالفارسية، هي وحدة تابعة لقوة الشرطة الإيرانية تأسست في عهد الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد.
وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، اعتقلت هذه الوحدات الشرطية مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما في طهران لعدم ارتدائها الحجاب، قبل أن تقتادها إلى مركز للشرطة، حيث دخلت في غيبوبة، ومن ثم أُعلن عن وفاتها في الـ16 من الشهر نفسه جراء
ضربة على الرأس تعرضت لها أثناء احتجازها، وهو ما تنفيه السلطات.
وأثارت وفاة أميني غضبا واسع النطاق، وأشعلت شرارة احتجاجات مناهضة للحكومة ما زال صداها يعلو في كل أرجاء إيران وخارجها.
غضبٌ أتى أُكله حين أعلن المتحدث باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إيران، علي خان محمدي، مساء الإثنين، انتهاء مهمة شرطة الآداب والأخلاق بأمر من النيابة العامة، لكنه استدرك بأنه سيتم إصدار قرار جديد بشأن الحجاب.
استدراكٌ جرّ مخاوف في أوساط الإيرانيين ممكن اعتبروا قرار السلطات "لن يمثل أي تغيير في سياسة إيران بشأن الحجاب".
بل "سيعكس تغييرا في التكتيكات التي تتبعها السلطات لفرض الحجاب" بحسب ناشطين.
ووفقا للقانون الإيراني ، يجب على جميع النساء فوق سن البلوغ ارتداء غطاء للرأس وملابس فضفاضة في الأماكن العامة.
وعلى الرغم من عدم تحديد العمر بدقة، فإنه في المدارس عادة ما تضطر الفتيات إلى ارتداء الحجاب من سن السابعة ، لكن هذا لا يعني أنهن بحاجة بالضرورة إلى ارتدائه في الأماكن العامة الأخرى.
ولا توجد إرشادات أو تفاصيل واضحة حول أنواع الملابس التي تعتبر غير مناسبة ، مما يترك مجالا كبيرا للتفسير وإثارة الاتهامات بأن شرطة "الأخلاق" تحتجز النساء بشكل تعسفي.
إشاعة خوف وعلاقات عامة
وفي تفنيدها للقرار الصادر عن النيابة العامة في إيران، رأت المؤسسة المشاركة لمركز عبد الرحمن بوروماند لحقوق الإنسان ومقرّه الولايات المتحدة رؤيا بوروماند، أنه "ما لم ترفع طهران جميع القيود القانونية على لباس النساء، فإن هذه الخطوة لا تنصب إلا في إطار العلاقات العامة".
وقالت بوروماند لوكالة فرانس برس، إن إلغاء هذا الجهاز الشرطي سيشكّل خطوة "ضئيلة جدا ومتأخرة جدا على الأرجح" بالنسبة للمحتجين الذين يطالبون بتغيير النظام بأكمله، مشيرة إلى أنه "لا شيء يمكن أن يمنع سلطات إنفاذ القانون من مراقبة وتطبيق القوانين".
وهو ما يتفق معها المحلل المتخصص في شؤون إيران لدى منظمة "الديموقراطية الآن للعالم العربي" أوميد ميماريان.
ميماريان اعتبر أن قرار إلغاء شرطة الأخلاق "لا معنى له حيث بات غير ذي صلة، مع مستوى العصيان المدني الكبير الذي تقوم به النساء وتحدي القواعد المرتبطة بالحجاب".
وفيما وصف الحجاب الإلزامي بأنه "إحدى ركائز الجمهورية الإسلامية"، نوّه بأن إلغاء هذه القوانين "سيعني تغييرا جوهريا في هوية ووجود" هذه الجمهورية.
ومنذ الاحتجاجات التي خرجت على إثر وفاة مهسا أميني، تقول تقارير إعلامية إن دوريات شرطة الأخلاق اختفت تقريبا من الشوارع.
كما أن العديد من النساء في شمال طهران أصبحن يخرجن بدون حجاب في خطوة احتجاجية على "القمع" الذي يقولون أنه يتعرضون له.
في المقابل، هناك من يفسر قرار إلغاء شرطة الأخلاق، بأنه مؤشر على الاضطراب في صفوف النظام بإيران بشأن كيفية التعامل مع الاحتجاجات المستمرة رغم الحملات الأمنية التي تفيد تقارير حقوقية بأنها أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص.
"شاهد ماشفش حاجة"
وبينما تناولت الصحف الإصلاحية قرار إلغاء شرطة الأخلاق في صفحاتها الأولى، تجاهلته وسائل الإعلام المحافظة في إيران،
صحيفة "شرق" التي تساءلت في عنوان لها "هل هذه نهاية الدوريات؟"،ذكرت أن قسم العلاقات العامة التابع للشرطة لم يؤكد الأمر.
وهو أمرٌ قاد المحلل المتخصص في شؤون إيران لدى منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" أوميد ميماريان، إلى التشكيك مرة أخرى في نوايا النظام الإيراني، بقوله: "يجب ألا تنطوي على إحدى الخطوات المخادعة التي توظفها إريان في أوقات اليأس".
فالخوف- بحسب ميماريان- يكمن في أن إيران "قد تعود بسياسات وإجراءات أخرى مقيدة".
aXA6IDMuMTQ1LjEwNi43IA== جزيرة ام اند امز