النظام الإيراني "يرجع للخلف".. إلغاء شرطة الأخلاق ومراجعة قانون الحجاب
لم تعد إيران قادرة على تحمل "لسعات" نيران الاحتجاجات فسارعت إلى محاولات إخمادها بـ"حفظ ماء الوجه" عبر خطوتين تلتقيان مع مطالب المحتجين.
ألقت السلطات الإيرانية بـ"الكارت الأخير" في لعبة العض على الأصابع مع المتظاهرين بمراجعة قانون الحجاب وإلغاء شرطة الأخلاق، باعتبارهما المحركين الرئيسيين للاحتجاجات المستمرة منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
مشهد كانت بطلته الشابة الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) فجر موجات غضب من قبل الآلاف بعد احتجازها من قبل شرطة الأخلاق في 16 سبتمبر/أيلول الماضي.
جرم واجهته "مهسا" بمخالفة قواعد اللباس الصارم في إيران لكنها دخلت في غيبوبة بعد وقت قصير ثم توفيت بعد ثلاثة أيام ومعها اندلعت احتجاجات واسعة كان لها صدى كبير للغاية بدول العالم.
قانون الحجاب
بعد أربعة عقود من "إلزامية الحجاب" على الإيرانيات، اضطر البرلمان والسلطة القضائية إلى مراجعة القوانين المفروضة على النساء، إذ كان غطاء الرأس هو الشرارة التي أطلقت الاحتجاجات الدامية.
تاريخيا يرتبط قانون الحجاب بالثورة الإسلامية، حيث جرى تطبيقه في أبريل/ نيسان 1983، أي بعد أربع سنوات فقط من الإطاحة بنظام الشاه، وإعلان قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وفي 2022، خرجت موجات احتجاجية واسعة بعد رحيل مهسا أميني، وهي من منطقة كردستان في شمال غرب إيران، إثر تعرضها لضربة على الرأس في أثناء احتجازها، رغم نفي السلطات في طهران.
ومن مدينة قم، التي تحظى بمكانية دينية في إيران، أكدت المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري أن البرلمان والسلطة القضائية يعملان على هذه القضية، أي تعديل قانون الحجاب.
ولم يبد "منتظري" أي معلومات حول طبيعة المواد التي سيتم تعديلها في قانون الحجاب، غير أن الرئيس إبراهيم رئيسي أكد أن بلاده تستند لـ"أسس راسخة في الدستور لكن وسائل تطبيق الدستور يمكن أن تكون مرنة".
والأسبوع الماضي، عقدت الهيئة المكلفة بالمراجعة بأعضاء اللجنة الثقافية في البرلمان الإيراني، حيث ينتظر الإعلان عن التعديلات المنتظرة خلال الأسبوع الجاري أو المقبل.
شرطة الأخلاق
رغم محاولات النظام الإيراني المستميتة لحماية "درعه الأخلاقي" أو ما يعرف بشرطة الأخلاق، أعلنت طهران إلغاءها اليوم الأحد في محاولة لتهدئة الاحتجاجات.
وشرطة الأخلاق عمرها من عمر الثورة الإسلامية أيضا، حيث كانت تتواجد تحت مسميات مختلفة منذ ثمانينيات القرن الماضي، عبر دوريات تشبه التوجيه لكنها اشتهرت باسمها الحالي في عام 2005.
وفي حديث سابق له عن شرطة الأخلاق، قال إسماعيل أحمدي مقدم، القائد السابق لقوة الشرطة، إن تشكيل دورية التوجيه ارتبط بموافقة المجلس الثوري الأعلى خلال الأيام الأخيرة من نشاط حكومة محمد خاتمي.
وتوسعت شرطة الأخلاق الإيرانية في مهامها في وقت مبكر من الإدارة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، باعتبارها من الإدارات المتشددة الملتزمة بتعليمات مرشد إيران.
وفي المقابل، كان الإصلاحيون يعملون عن توليهم زمام الأمور في إيران على الحد من استعراض قوات شرطة الآداب والأخلاق "عضلاتها"، حيث كانت النساء تلاحق الفتيات اللاتي لا يلتزمن الحجاب واعتقالهن.
بينما تتولى قوات شرطة من الرجال، الشبان الذين يرتدون ملابس تعتبرها السلطات بـ"غير لائقة وجزء من الغزو الثقافي الغربي للمجتمع الإيراني".
وظلت الإيرانيات يتعرّضن للضرب بسبب تسريحة شعر "غير ملائمة" في عيون عناصر "شرطة الأخلاق" أو لأنهن لم يغطين شعورهن "بشكل كافٍ"، أو لأنهن "أكثرن" من وضع مساحيق التجميل.
وعلى مدار الأسابيع الماضية، فرضت الولايات المتحدة، عقوبات تتعلق بإيران، وتستهدف بالتحديد شرطة الأخلاق ومسؤولين أمنيين في طهران.