مؤشرات متضاربة.. مفاجآت في تقريرين سريين حول ملف إيران النووي
قبل أيام من اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إيران، كان ملف طهران النووي على موعد مع تحرك جديد، قد يقود إلى حلحلة للأزمة الحالية.
فرغم أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت إن إيران زادت بنسبة كبيرة في الأشهر الأخيرة مخزونها من اليورانيوم المخصب، قالت الهيئة التابعة للأمم المتحدة في تقرير سري ثان إن هناك "تقدما" في التعاون مع طهران، معلنة إغلاق ملف وجود مواد نووية في موقع مريوان، أحد المواقع الثلاثة غير المعلنة.
جاء التقريران قبل أيام من اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراجعة التقدم المحرز في معالجة المخاوف المتبقية للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي تقريرها الفصلي قالت الوكالة الدولية، إن مخزون إيران المقدّر من اليورانيوم المخصب تجاوز بأكثر من 23 مرة الحد المسموح به بموجب اتفاق 2015 بين طهران والقوى الكبرى، ليصل إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب في 13 مايو/أيار الجاري، ما يقدر بـ4744,5 كيلوغرام، في حين أن الحد المسموح به في الاتفاق يبلغ 202,8 كيلوغرام.
وبحسب التقرير فإن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى من نسبة 3,67% الواردة في الاتفاق النووي الذي تعطلت جهود إحيائه منذ الصيف الماضي.
ويُعتقد الآن أن مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 20% بلغ 470,9 كيلوغرام - بزيادة 36,2 كيلوغرام منذ التقرير الأخير في فبراير/شباط الماضي، بينما تبلغ الكمية المخصبة بنسبة 60% 114,1 كيلوغرام، بزيادة 26,6 كيلوغرام. ويتطلب تطوير سلاح نووي مستويات تخصيب تناهز 90%.
وقال دبلوماسي إن التقدم الذي حدث، رغم محدوديته بحسب ما جاء في التقريرين، شمل تركيب معدات مراقبة لحظية للتخصيب على خطوط أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم التي تصل درجة نقائها إلى 60%، التي تقارب درجة صنع الأسلحة، في نطنز وفوردو.
تقدم جديد
في غضون ذلك، تمكنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إعادة تثبيت بعض معدات المراقبة المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015 والتي أزالتها إيران، مشيرة إلى أن إيران سمحت لها بتركيب معدات مراقبة في منشأتي تخصيب معلنتين.
كما تم تركيب بعض كاميرات المراقبة الإضافية في منشأتين في أصفهان حيث "يتم تصنيع" معدات تستعمل في أجهزة الطرد المركزي، بحسب الوكالة الدولية، التي قالت إنها تنتظر تفاعلا من إيران من أجل "استكمال تركيب معدات المراقبة والمتابعة، والوصول إلى سجلاّت البيانات والأجزاء المنقوصة من التسجيلات".
وبشأن رصد جزيئات يورانيوم في منشأة فوردو مخصبة إلى مستوى قريب من العتبة التي تتيح تطوير قنبلة نووية، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه "ليس لديها المزيد من الأسئلة حول هذا الموضوع" في الوقت الحالي.
وجاء في التقرير أن "الوكالة قيّمت أن المعلومات المقدّمة لا تتعارض مع تفسير إيران لمنشأ هذه الجزيئات"، مضيفة في التقرير السري الثاني أنها قررت إغلاق الملف المتعلق بوجود مواد نووية في موقع مريوان غير المعلن بعد تلقي "تفسير محتمل" من إيران.
وجاء في التقرير أن الوكالة "ليس لديها أسئلة إضافية... ولم تعد المسألة عالقة في هذه المرحلة".
مواد مشعة
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أبلغت عن اكتشاف آثار مواد مشعة في ثلاثة مواقع لم تعلن عنها إيران.
ويعد موقع مريوان في محافظة فارس (جنوب) أول موقع يتم معالجته بموجب خطة عمل اتفقت عليها إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في مارس/آذار الماضي.
وفي ظل تدهور العلاقات بين إيران والغرب، حدت إيران في وقت سابق من تعاونها مع الوكالة وأوقفت العمل بعدد من كاميرات المراقبة العائدة للوكالة في بعض منشآتها.
كما تراجعت تدريجيا عن معظم التزاماتها في إطار الاتفاق المبرم عام 2015 مع ست قوى دولية (واشنطن، باريس، لندن، موسكو، بكين، وبرلين)، ردا على سحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بلاده منه أحاديا عام 2018، ولطالما نفت إيران أي طموح لتطوير أسلحة نووية، وتشدد على أن أنشطتها النووية أغراضها مدنية.
خطوات إيرانية
وتمضي إيران قدما في برنامج التخصيب الذي توسعت فيه بشكل مطرد وسريع، وشمل موقع فوردو تحت الأرض الذي تم تطويره سرا وربما أقيم داخل جبل من أجل حمايته من الضربات الجوية.
ووضع اتفاق إيران النووي في 2015 قيودا صارمة على أنواع أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لإيران استخدامها وكذلك نسبة النقاء التي يمكن الوصول إليها وكمية اليورانيوم المخصب التي يمكنها امتلاكها وذلك في مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران.
وبعد قرار الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق عام 2018 وإعادة فرض العقوبات، انتهكت إيران الاتفاق وتجاوزت القيود التي نص عليها لدرجة جعلت المدير العام للمنظمة الدولية للطاقة الذرية يصفه بأنه "بلا قيمة"، ودفعت دبلوماسيين للقول إن فرص إحيائه ضعيفة.