ضربات إيران ورد باكستان.. موجة توتر تمهد لمرحلة «تصفية الحسابات»
موجة توتر جديدة بالمنطقة حركتها ضربات إيرانية طالت أربيل العراقية وأهدافا في باكستان، وما ارتبط بها من احتجاج ببغداد وقصف باكستاني.
ويرى خبراء ومراقبون أن أهداف الضربات الإيرانية سواء تلك التي في العراق أو سوريا أو باكستان، "تحمل أكثر من بعد، بينها استعراض القوة في مواجهة أمريكا وإسرائيل"، مؤكدين أنها "تشكل تهديداً كبيراً للأمن الإقليمي وتحول دول رئيسية في المنطقة إلى ساحة لتصفية الحسابات".
وقصفت إيران موقعين بالصواريخ والطائرات المسيرة داخل باكستان قرب الحدود لجماعة "جيش العدل" وهي تنظيم مناهض لإيران وتصنفه جماعة إرهابية، وقبل ذلك شنت أيضاً ضربات طالت أربيل بشمال العراق، وكذلك بسوريا بداعي استهداف مقرات تجسس وجماعات إرهابية مناهضة لإيران قبل أن ترد إسلام آباد بتنفيذ ضربات داخل إيران اليوم الخميس، "استهدفت مسلحين انفصاليين".
استعراض قوة
في هذا السياق، قال الدكتور محمد عباس ناجي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية بمصر، إن "هذه الضربات الإيرانية هي الثالثة من نوعها داخل الأراضي العراقية، وحديثها عن استهداف الموساد الإسرائيلي داخل أربيل يأتي للمرة الثانية".
وفي المقابل، قال ناجي، لـ"العين الإخبارية": "ربما هذه هي المرة الأولى التي تستهدف طهران جماعة داخل الحدود الباكستانية، وهي جماعة جيش العدل السنية والتي تقاتل من أجل استقلال محافظة سيستان بلوشستان وهذه المنطقة حدودية بين باكستان وإيران وأفغانستان"، موضحاً أن "رد الفعل العنيف من إيران يرتبط في جزء منه بأنه استعراض قدرات".
واعتبر أن هذا الاستعراض الإيراني "سببه اغتيال إسرائيل رضى موسوي المستشار السابق بالحرس الثوري الإيراني".
وأشار ناجي إلى أن الضربات الإيرانية تأتي أيضا بعد ضربات أمريكية قتلت اثنين من قادة مليشيات "النجباء" التابعة للحشد الشعبي بالعراق، وقبلها كانت هناك ضربات تركية على مناطق في شمال العراق، مضيفا "كأننا نتحدث عن ساحة لتصفية الحسابات بين مختلف القوى، وهذا من شأنه تشكيل ضغوط على حكومة محمد شياع السوداني في بغداد".
الخبير المصري قال: "بالتالي نحن أمام جانب تحذيري من طهران، إذ أنها تتوقع أن تكون هناك هجمات إسرائيلية جديدة، وأن تصفي تل أبيب حساباتها مع إيران خلال الفترة المقبلة".
موضحا "تريد إيران أن تبعث برسالة أن لديها قدرات عسكرية صاروخية ترفع بها كلفة أي عمل عسكري أو أي تصعيد عسكري إسرائيلي ضدها"، معرباً عن اعتقاده بأن "الضربات في الأراضي العراقية أو الباكستانية سيترتب عليها مشكلات وتداعيات".
وكانت الحكومة العراقية احتجت بشكل شديد اللهجة على الضربات الإيرانية في أربيل، ورفضت الاعتداء على سيادة العراق، ملوحة بإمكانية التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لتقديم شكوى ضد طهران، وسط دعوات سياسية لإلغاء اتفاق أمني بين البلدين.
فيما اختارت باكستان ردا مزدوجا، حيث استدعت سفيرها لدى إيران ومنعت سفير الأخيرة من العودة للبلاد من عطلة كان يقضيها في بلاده، فيما وجهت ضربات صاروخية فجر الخميس، لأهداف وصفتها بـ"الإرهابية" في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية.
فوضى وأجندة توسعية
بدوره، قال الدكتور غازي فيصل، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إن "مواصلة إيران الاعتداء على العراق واستهداف المدنيين أمر من شأنه تهديد الأمن الإقليمي وينذر بعواقب وخيمة على المنطقة ككل، ويساهم في الدفع نحو مزيد من الفوضى".
وأضاف فيصل لـ"العين الإخبارية"، أنه "على مجلس الأمن الدولي أن يتحرك ويتخذ إجراءات رادعة ضد هذه الممارسات الإيرانية، ليس فقط الضربات الأخيرة على أربيل، بل تجاه كل الانتهاكات الإيرانية في سوريا ولبنان واليمن، والتي تستهدف إذكاء الحروب خدمة لمشروعها التوسعي في الشرق الأوسط"، على حد وصفه.
أزمة دبلوماسية
وحول تداعيات الضربة الإيرانية على باكستان، قالت الدكتورة لبنى فرح المحللة السياسية الباكستانية، لـ"العين الإخبارية"، إنه من المتوقع أن تكون هناك انعكاسات دبلوماسية للضربات الإيرانية على العلاقات بين إسلام آباد وطهران، لا سيما أن باكستان مقبلة على انتخابات ولديها ظروف سياسية ستؤثر بالتأكيد على طبيعة العلاقات بين البلدين.
وتوقعت فرح أن تمتد تداعيات هذا الانتهاك الإيراني للأراضي الباكستانية إلى الحكومة المقبلة والتي بدرجة كبيرة سيتزعمها نواز شريف، وبالتالي ستكون هناك اضطرابات أكثر بين الجانبين الباكستاني والإيراني.
وعن إمكانية لجوء إسلام آباد إلى مجلس الأمن الدولي ضد طهران، قالت المحللة السياسية الباكستانية "إنه احتمال وارد ولكن بدرجة ليست كبيرة"، مؤكدة أن "الوضع سيكون مختلفاً عندما تنتهي الانتخابات وتأتي بحكومة جديدة".
aXA6IDMuMTQ0LjI1NS4xMTYg جزيرة ام اند امز