امتطاء ظهر الإخوان.. سليماني يكشف مخطط إيران للتوغل في مصر
علاقة لا تنقطع بين ذراعي الشر، الإخوان وولاية الفقيه، مبنية على التطرف والإرهاب، وتقتات على التوغل في الدول ونشر المليشيات والخراب.
وتعود جذور تلك العلاقة إلى بدايات تأسيس التنظيم الإرهابي في مصر، لكن عودها اشتد بعد ثورة الخميني، معتمدة على أيديولوجيات التطرف التي وضعها مؤسسو الإخوان ولاقت هوى نظام ولاية الفقيه الذي اعتمدها كمرجعية لإرهابه وعمل على نشرها.
- وثائق إيران 2019.. مساعي للهيمنة وتحالف إرهابي مع الإخوان
- وثائق تكشف لقاء سريا بين "حرس إيران" و"الإخوان" للتحالف ضد السعودية
هذا التقارب الذي دفع نظام طهران إلى وضع مخطط للتوغل في مصر، معتمدا على العلاقة التاريخية مع جماعة الإخوان الإرهابية، في أعقاب ثورة 2011 التي أسفرت عن صعود التنظيم في مصر.
تفاصيل المخطط كشفتها وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم"، المحسوبة على الحرس الثوري الإيراني، على لسان قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، قبل أيام قلائل من الذكرى السنوية لاغتياله.
وبحسب الوكالة فقد أدلى سليماني بهذه التصريحات، في جلسةٍ بأحد مساجد العاصمة الإيرانية طهران في يونيو/حزيران 2011، والتي تحدث فيها عن مصر وعلاقة النظام الإيراني بالإخوان.
قدسية الإخوان لدى نظام إيران
وفي حديثه عن أحداث 2011 في مصر، لفت سليماني إلى أن "وجود جماعة كالإخوان في مصر محرك رئيسي يجعل الأحداث في مصر شبيهة بثورة الخميني في إيران".
وأشار إلى أن "مؤسسي جماعة الإخوان يحظون بقدسية لدى إيران، وأن أحد شوارعنا الرئيسية سمي باسم حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان".
وتابع: "أحد أكثر الشخصيات احترامًا بين علماء الدين لدينا هو سيد قطب، حيث كانت أهم أعمال المرشد الأعلى (علي خامنئي) هو ترجمة شرح لكتب سيد قطب".
ولفت سليماني إلى أن "حركة حماس هي الفرع الرئيسي لجماعة الإخوان، والأصدقاء الرئيسيون لثورتنا مثل رجب طيب أردوغان في تركيا، وأحمد شاه مسعود ورباني في أفغانستان، ومهاتير محمد في ماليزيا، هم شخصيات رئيسية في جماعة الإخوان".
واعتبر سليماني أن "كل هذه المؤشرات تعد ركائز لقيام نظام في مصر يشبه النظام الإيراني".
إيران والإخوان.. تحالف الإرهاب التاريخي
وقبل قيام "ثورة الخميني" عام 1979 وإقامة الاستبداد تحت راية "ولاية الفقيه"، كانت الأفكار التنظيمية لمؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، وتصوره عن حركته تتشابه لحد بعيد مع البنية المذهبية لإيران فضلا عن نظامها السياسي لاحقا.
وقد سمح التشابه بين أفكار الإخوان وأيديولوجية أصحاب العمائم السوداء في قم ومشهد، في التقارب المبكر بين الجماعة الإرهابية وإيران.
ومع رواج فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية تأسست في القاهرة عام 1947 جماعة التقريب بين المذاهب التي كان أحد أعضائها حسن البنا، الذي كان قد رسخ وجود جماعته خلال السنوات العشرين السابقة على لقائه بالمرجع الشيعي محمد تقي القمي.
ويؤكد مرشد الإخوان الأسبق عمر التلمساني العلاقة بين الإخوان ونظام ولاية الفقيه، قائلا: "إنها بدأت في العقد الأربعين، (حين) التقى محمد تقي القمي بحسن البنا لمرات متعددة".
ويرى مراقبون أن "أوجه التشابه بين طبيعة الاستبداد داخل البنية التنظيمية لجماعة الإخوان ونظام ولاية الفقيه لا تخفى على أحد، فكما يتحكم المرشد في أتباعه عبر مبدأ الولاء والطاعة التي لا تقبل المراجعة أو التعقل، يدمج المرشد الإيراني سلطته الروحية في حيز المجال السياسي".
التفاهم بين البنا والقمي فتح الطريق أمام لقاءات أخرى مع مرشد الإخوان آنذاك، ففي العام ذاته التقى البنا بأبو القاسم الكاشاني قائد الحركة الإسلامية في إيران خلال موسم الحج.
وكان هذا اللقاء خطوة أخرى لتقوية العلاقات بين إيران والإخوان، حيث اتفق الاثنان على عقد مؤتمر دولي للوحدة، إلا أن مقتل حسن البنا بعد عودته من الحج قطع الطريق على إتمام هذه الفكرة.
ولاية الفقيه في مصر
لم يضع مقتل حسن البنا نهاية للعلاقة بين الجماعة الإرهابية وطهران، فقد التقى القياديان الإخوانيان سعيد رمضان وسيد قطب بقيادات دينية إيرانية أبرزها محمود طالقاني وشيخ خليل كمراي ومجتبى نواب صفوي خلال المشاركة في مؤتمر حول القدس، ووجه القياديان الإخوانيان الدعوة للقيادات الإيرانية لزيارة مصر.
وكتب سالم البهنساوي أحد أبرز شخصيات جماعة الإخوان في كتابه "السنة المفترى عليها: "لقد كان لإنشاء منظمة دار التقريب بين المذاهب الإسلامية دور كبير في إيجاد تعاون مشترك بين الإخوان والشيعة، وقد استقر هذا التعاون بلقاء نواب صفوي بقادة الجماعة عام 1952 بالقاهرة".
كان نشر كتابات القيادي الإخواني سيد قطب وأدبيات إخوانية أخرى ثمرة اللقاءات بين الإخوان والقيادات الإيرانية، حيث قامت الحوزات العلمية في مدينتي قم ومشهد بترجمة ونشر عدد من الكتب الإخوانية وأعيد طبعها لأكثر من 50 مرة.
وفي أعقاب الانفتاح الإيراني على كتابات الإخوان، تبادل الجانبان الرسائل ومن أبرزها رسالة سيد قطب للكاشاني التي أكد فيها أنه "بين كل هذه العداءات يوجد صرخة مشتركة في العالم الإسلامي، فيمكن القول الآن بأن جماعة الإخوان ليست بمفردها، فمطلب الكاشاني بإنشاء منظمة اقتصادية بالعالم الإسلامي لصرخة قوية ليست فقط من إيران بل من كل أنحاء العالم الإسلامي".
كما أرسل مصطفى مشهور، مرشد الإخوان السابق، رسالة خطية يتحدث فيها أيضًا عن وجوب التقريب بين إيران والعالم الإسلامي، وعدم الركون إلى الاختلافات الفرعية القائمة بينهما.
الإخوان ودولة ولاية الفقيه
كانت جماعة الإخوان أول من أيد "ثورة الخميني" في إيران، وانتقدت السماح للشاه باللجوء السياسي في مصر، كما طالبت كل مسلمي العالم بالتأسي بإيران، فكانت هذه الجماعة أول من ذهب إلى إيران بعد سقوط الشاه مباشرةً؛ لتهنئة المرشد الإيراني الخميني.
بالإضافة إلى ذلك نشرت الجماعة كتابا اسمه "الخميني الحل الإسلامي والبديل" بقلم فتحي عبدالعزيز، والذي زعم فيه أن "ثورة الخميني هي مركز القيم والمعتقدات المشتركة التي توحد العالم".
وفي عهد مرشد الإخوان السابق مهدي عاكف، الذي رحل العام الماضي خلال محاكمته في اتهامات تتعلق بالإرهاب، بشأن الانفتاح على إيران، كان للجماعة الإرهابية مواقف داعمة لإيران، إلى تشجيع قيادات أخرى على المجاهرة بالدعوة للتقارب مع نظام ولاية الفقيه، وهو ما ظهر في مقالات يوسف ندا، المسؤول عن العلاقات الدولية في التنظيم الدولي للجماعة.
وفي وقت لاحق أعلن عاكف استعداده لدعم حزب الله اللبناني الموالي لإيران، ومده بالمقاتلين.