رصاص واحتجاز ودماء.. طلاب جامعة إيرانية تحت نيران "القمع"
"إنهم يطلقون النار علينا"، كانت تلك صيحة استغاثة من أحد أصدقاء فريد يدعوه لنجدته في جامعة شريف التكنولوجية بالعاصمة الإيرانية.
وعندما وصل فريد إلى حرم جامعة النخبة، فاجأته مشاهد العنف و"الوحشية"، حيث حاصر الحرس الثوري الإيراني المئات من الطلاب بإحدى ساحات انتظار السيارات، بحسب مقاطع فيديو تحققت منها شبكة "سي إن إن" على الشبكات الاجتماعية.
وقال فريد، الذي تم تغيير اسمه حفاظا على سلامته: "كان بحوزتهم بنادق وأسلحة كرات الطلاء وهراوات، وكانوا يستخدمون الغاز المحظور دوليا، كانت ساحة حرب... كان هناك دماء بكل مكان".
وخلال مقطع فيديو منشور عبر الشبكات الاجتماعية من مسرح الأحداث، يمكن رؤية الشرطة تحتجز الناس وتنقلهم على دراجات نارية، وفي مقطع آخر، يمكن سماع أصوات صاخبة.
كان ذلك في أول أيام الدراسة، حيث رفض العديد من الطلاب الانضمام للصف الدراسي. وبدلًا من ذلك، كانوا يحتجون ضد النظام، في حركة غضب واسعة أثارتها وفاة مهسا أميني (22 عاما)، التي رحلت عن العالم الشهر الماضي في المستشفى بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق وأرسلتها إلى "مركز إعادة تعليم" بسبب عدم الالتزام بقوانين الدولة الخاصة بالحجاب.
ولأكثر من أسبوعين، اندلعت الاحتجاجات في أكثر من 45 مدينة في إيران، بينها العاصمة، مع تقارير عن مقتل العشرات في الاشتباكات مع قوات الأمن.
ولم يتسن لـ"سي إن إن" التحقق بشكل مستقل من ادعاءات الاعتقالات أو الاحتجاز؛ إذ يستحيل تأكيد العدد الدقيق للمتظاهرين الذين تم اعتقالهم أو احتجازهم على من هم خارج الحكومة الإيرانية.
وتختلف الأرقام بين تلك الصادرة عن جماعات المعارضة، أو المؤسسات الحقوقية الدولية، أو الصحفيين المحليين، فيما أفادت شبكة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بأن ما لا يقل عن 41 لقوا حتفهم في إيران خلال الاحتجاجات الأخيرة.
وبحسب منظمة العفو الدولية، قتلت أعمال القمع ما لا يقل عن 52 شخصا، وأصابت مئات آخرين. وفي حين بدأت المظاهرات بالمطالبة بتحقيق العدالة في مقتل أميني، تحولت منذ ذاك الحين إلى حركة أكبر، موحدة أطيافا من الطبقات والفصائل الاجتماعية.
دماء في كل مكان
وقال فريد إن حادثة يوم الأحد بدأت بعدما تعرضت مجموعة من الطلاب للتوبيخ من قبل أمن الجامعة -الذين طلبوا تعزيزات- بسبب تنظيمهم مسيرة والمشاركة في ترديد هتافات مناهضة للنظام.
وأضاف فريد لـ"سي إن إن": "بدأت الأحداث برفض الطلاب الذهاب إلى فصولهم الدراسية. ثم جاء (أستاذ) علوم للتحدث معهم لأنهم كانوا يرددون هتافات... أخرجت قوات الأمن الطلاب من الجامعة، ثم أوقفتهم (قوات الحرس الثوري الإيراني)".
وتابع: "أخبروهم أنهم إذا اقتربوا من محطة مترو الأنفاق، فسنبدأ إطلاق النار، عودوا إلى الجامعة. ثم بعد عودة نصف الطلاب إلى الجامعة، سمحوا لآخرين بالذهاب إلى ساحة انتظار السيارات. وبعد ذلك، بدأوا بإطلاق بكرات الطلاء عليهم، ونقلوهم إلى الحجز بطريقة وحشية للغاية".
وأفادت الصحيفة الرسمية للجامعة، "شريف ديلي"، بأن قوات الأمن أطلقت طلقات أقل خطرًا على المجموعات الكبيرة من الطلاب في ساحة الانتظار بالحرم الجامعي في أثناء محاولتهم الهروب من قوات الأمن، الأحد. والتقطت مقاطع الفيديو على الشبكات الاجتماعية التي راجعتها "سي إن إن".
وقال فريد لـ"سي إن إن": "بينما نتحدث، ما زال هناك طلاب يختبئون في الجامعة بساحات الانتظار أو بغرف الأساتذة".
ولا تستطيع "سي إن إن" التحقق بشكل مستقل مما حدث خلال المواجهات بجامعة شريف أو عدد الطلاب المحتجزين في أعقاب ذلك. ولم يمكن التوصل فورًا إلى ممثلين عن الجامعة للتعليق.
وفي بيان صدر الإثنين، حثت الرابطة الإسلامية لطلاب جامعة شريف جميع "الأساتذة والطلاب بجامعة شريف على عدم حضور الفصول الدراسية حتى إطلاق سراح جميع الطلاب الذي ألقي القبض عليهم"، داعين الطلاب والأساتذة بشتى أنحاء إيران لوقف الصفوف الدراسية.
ومن غير المرجح أن الحكومة -التي ألقت باللوم على وسائل الإعلام الغربية في التحريض على الاحتجاجات- ستقدم تنازلات، بحسب محللين، حيث يرجح أن تأتي نهاية المظاهرات من خلال استخدام القوة الغاشمة.
لكن يصر فريد وآخرون على أنهم ليسوا خائفين، قائلين إن ليس لديهم شيئا ليخسروه. وقال: "هذا لم ينته بعد. لسنا خائفين. نحن غاضبون. نحن حانقون. كما تعلمون، هؤلاء الناس يعتقدون أننا الجيل السابق – وأنهم إذا فعلوا هذا فسنتوقف. لن نتوقف".