المرشد يعتبر ما يجري من تخريب ودمار لعبة، ودوره الهروب والتحايل، وهذه المرة سينجو من مطاردة دونالد ترامب كما نجا كل مرة من قبل.
بساطة الاستدلال كما عبّر بها المرشد الأعلى في طهران تعبر جيداً عن رؤيته للصراع في المنطقة، يقول آية الله علي خامنئي في رده على العقوبات الأمريكية، حالنا والأمريكيون مثل حال «توم وجيري»، الكرتون المعروف.
توم هنا هو الأمريكي، القط الكبير المغفل الذي يمضي وقته عبثاً يطارد الفأر جيري محاولاً اصطياده ويفشل مرة تلو المرة، تصوير صحيح، وهو بالفعل ما جرى ويجري بين أمريكا وإيران منذ أربعين عاماً، وما كانت الاتفاقية JCPOA إلا واحدة من ألاعيب الهروب من العقوبات التي فرضتها واشنطن على إيران في بدايات سنوات رئاسة باراك أوباما، وبالتوقيع عليها دون أن توقفه أفلت الفأر من المصيدة مرة أخرى.
خطاب وزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو الأسبوع الماضي أفضل ما قيل، حيث عرى نظام المرشد الأعلى، والشروط الاثنا عشر التي أعلنها إملاءات صعبة مقابل رفع العقوبات، ولو نفذها فإنه لن يكون النظام الإيراني الذي نعرفه، وإن لم يفعل تهاوى
المرشد يعتبر ما يجري من تخريب ودمار لعبة، ودوره الهروب والتحايل، وهذه المرة سينجو من مطاردة دونالد ترامب كما نجا كل مرة من قبل، على الرغم من أن الرئيس وضع خطة تبدو محكمة لمحاصرة الفأر الإيراني.
لقد مرّ زمن طويل على لعبة المطاردة مع دولة المرشد، التي نجحت في التهرب من مسؤولياتها في الإضرار بشعبها وبالمنطقة، والخراب المهول الذي ألحقته بِنَا جميعاً.. السؤال هل تفلت هذه المرة أيضاً؟
الصراع لعبة معقدة، وليس كما بسطها المرشد بأنها مطاردة، إيران تستحضر في معاركها الدين والثقافة والتاريخ، وتلعب على محاور المنطقة وصراعاتها، تقنع العراقيين بأنهم شيعة مستهدفون طائفياً، والسنة بأنهم مسلمون مستهدفون في عالم مسيحي كافر، والعرب بأنهم في خطر من إسرائيل، والشرق بأنه منهوب من الغرب، تستأجر تنظيمات مثل «حماس»، وتتحالف مع أعدائها مثل «القاعدة»، وتبني تنظيمات كأذرعة لها مثل «حزب الله» اللبناني، و«الحوثي» اليمني، وتستخدم الجماعات المعارضة في بلدانها بغض النظر عن مذاهبها وأعراقها، وتتحالف مع الروس، وتبتزّ الدول الكبرى بما فيها الصين وأوروبا مهددة بأنها قادرة على الجماعات الإرهابية في بلدانها، إيران ليست فأراً صغيراً بل دولة إقليمية كبيرة، سخرت كل طاقاتها للشر ولم تبنِ شيئاً مثمراً، لا لمواطنيها ولم تترك شعوب المنطقة تعمر أحلامها في سلام.
أنا أعتقد أن إيران استنفدت كل ألاعيبها، ولم يعد أمامها من مفر سوى مواجهة الحسم، لقد لعبت على ذلك طويلاً وكثيراً، وآخر ضحاياها كان أوباما، أوهمته أنها تعلمت الدرس، ووعدته بما يريد أن يسمعه، فحصلت منه على كل ما تريده وأكثر وغدرت به، أما الآن، فلم أرَ في سنين مواجهات إيران إدراكاً وفهماً للنظام كما أراه وأسمعه اليوم، ليس من قبل الأمريكيين فقط بل حتى معظم العرب والمسلمين الذين غررت بهم لأربعة عقود، فاصطفوا إلى جانبها بعد أن استمالتهم للدفاع عن قضاياها في مواجهة الغرب وإسرائيل، الأغلبية صارت تراها على حقيقتها، إيران مارد شرير في كل قضية ومنطقة، صحيح أنها نجحت في خداع معظم الناس معظم الوقت، لكن أرجو أن يكون الوقت قد انتهى.
خطاب وزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو، الأسبوع الماضي، أفضل ما قيل، حيث عرى نظام المرشد الأعلى، والشروط الاثنا عشر التي أعلنها إملاءات صعبة مقابل رفع العقوبات، ولو نفذها فإنه لن يكون النظام الإيراني الذي نعرفه، وإن لم يفعل تهاوى.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة