تحجيم دور إيران في سوريا.. ملف يتصدر أجندة متخمة لقمة ترامب وبوتين
محللون يرون أن أي اتفاق سيكون عاما في طبيعته، وستتركز النقاشات حول الحد من الوجود الإيراني في سوريا
عندما يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الإثنين، سيكون الصراع السوري إحدى القضايا الملحة التي تتصدر أجندة الأعمال واسعة النطاق.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أنه مع تراجع القتال الذي دام 7 أعوام، هي عمر الحرب السورية، بات تقويض النفوذ الإيراني في سوريا ما بعد الحرب هدفا استراتيجيا للولايات المتحدة. ورأى مسؤولون أمريكيون وروس أن الإطار العام للاتفاق المحتمل بين الجانبين سيكون على الأرجح النتيجة الرئيسية للقمة.
وقال محللون إن أي اتفاق سيكون عاما في طبيعته، وستتركز النقاشات حول الحد من الوجود الإيراني (في سوريا)؛ فالانسحاب التام للقوات المدعومة من إيران من سوريا فرضية غير واقعية؛ نظرا لأنه بعد سنوات من الحرب المدمرة، عملت إيران ومليشياتها، من بينها حزب الله، على بناء قاعدة كبيرة لها تمتد من الحدود العراقية مرورا بسوريا ووصولا إلى لبنان.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد، بمساعدة عسكرية وسياسية من إيران وروسيا، استعاد 60% من البلاد، ليضع نهاية لأي حوارات جدية بشأن تغيير النظام، ووسط تراجع الدور الأمريكي هناك، بينما برزت روسيا كوسيط قوي بلا منازع في البلاد.
لكن لا يزال تجمع روسيا والولايات المتحدة مصالح في العمل معا داخل سوريا وما وراءها، ففي حين توجد روسيا وإيران بنفس الجانب في الحرب، لكن لا تتلاقى مصالحهما دائما.
طاولة النقاش
أصبح النفوذ الإيراني في سوريا هو محل الاهتمام والتركيز في الوقت الراهن، حيث يعتقد أنها تقود ما يصل إلى 80 ألف مقاتل في سوريا، هم عبارة عن مليشيات وقوات شبه عسكرية موالية لإيران.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، خلال لقاء مع شبكة "سي بي إس" هذا الشهر، إن إيران هي "القضية الاستراتيجية" وليس الأسد.
ملامح اتفاق
طرحت "واشنطن بوست" سؤالا حول كيفية الاتفاق الذي يمكن التوصل إليه، واستشهدت بما قاله وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأسبوع الماضي، حول أن توقع الانسحاب التام لإيران من سوريا سيكون غير واقعي بالمرة، ما يشير إلى القبول الروسي بسحب بعض تلك القوات على الأقل من هناك.
وقد أشارت تعليقات بعض المسؤولين الأمريكيين إلى ما يمكن أن يكون حل وسط.
هل تقبل إيران الاتفاق؟
طالبت روسيا القوات الإيرانية بالانسحاب من سوريا بعد الحرب، لكن لا يمكنها ضمان التزام طهران بذلك.
لكن ربما يكون لدى موسكو النفوذ الكافي لإقناع طهران بتقليل عدد قواعدها ومعاملها الصاروخية ومستشاريها الذين تبقيهم في البلاد.
وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، تواجه طهران عقوبات صارمة وبالتالي لا يمكنها خسارة الدعم الروسي، كما لن تكون قادرة على تقديم نفس مستوى الدعم للأسد.
وقال أيهم كامل، المحلل في مجموعة يوراسيا، إنه في حين يحتاج الأسد إلى الإيرانيين والروس، لن تكون إيران التي تقيدها العقوبات مفيدة له على المدى الطويل، ومع قرب انتهاء الحرب سيصبح الدعم الاقتصادي والسياسي الروسي أكثر أهمية.
رغبات مكلفة
وفي سياق متصل، عرضت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرا بعنوان "ما يريده بوتين من ترامب"، أشارت فيه إلى أن الرئيس الأمريكي يريد تحسين العلاقات بين البلدين، لكن سيكون الثمن باهظا.
وأوضحت الصحيفة، أن بوتين أنجز ما كان يسعى وراءه عندما دخل سوريا عام 2015، ويريد من ترامب التصديق على مكاسبه وسحب القوات الأمريكية من شرق سوريا، وفي المقابل ربما سيكون سعيدا بمساعدة الولايات المتحدة في احتواء الوجود الإيراني في سوريا، لكن لا توجد ضمانة على ذلك.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن الأولوية القصوى على المدى القريب بالنسبة لبوتين تتمثل في رفع العقوبات، حيث أصبحت العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا معضلة كبيرة، وأيضا هناك قضية مراقبة الأسلحة، حيث كان الرئيس الأمريكي يتحدث عن فكرة محادثات جديدة بشأن الأسلحة مع روسيا، لذا ربما سيحاول بوتين استغلال رغبة ترامب في تحقيق سلام نووي عبر تقديم فرصة عقد جولة محادثات جديدة لتخفيض الترسانة النووية الأمريكية والروسية.
ولم تفوّت الصحيفة الفرصة للإشارة إلى الأولوية القصوى للرئيس الروسي في جميع الأوقات وهي النفوذ، حيث أوضحت "وول ستريت جورنال" أن بوتين يعمل على تعزيز موقفه السياسي في بلاده التي يفتقر فيها للشرعية الديمقراطية، ما يعني أن تخطو روسيا على الساحة العالمية كما لو كانت قوة عظمى، ويساعد ترامب نظيره في هذا الشأن بمجرد اللقاء معه.