الموقف الدولي بعد العدوان على مجمع "أرامكو" ليس كما كان قبله.
اختلافات الرؤى بين الأوروبيين وواشنطن تقلصت، ومواقفهما بعد العدوان على منشآت "أرامكو" تجانست، فهل تطوي هذه الاعتداءات صفحة التقارب الجزئي بين طهران من جهة وباريس وغيرها من العواصم الغربية من جهة أخرى فيما يتعلق بموضوع إنعاش الاتفاق حول البرنامج النووي؟ وما حدود المناورة المتبقية لدى طهران بعد هذا الموقف الدولي؟ وأين أصبحت أولويات المجتمع الدولي في التعامل مع النهج الإيراني؟
قطعا؛ الموقف الدولي بعد العدوان على مجمع "أرامكو" ليس كما كان قبله، حسابات بعض عواصم الدول الغربية إبان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق حول البرنامج النووي مع طهران اعتمدت لغة براغماتية وأسلوب نهج خاص للتعامل مع المشكلة الناشئة انطلاقا من مصالح ووجهات نظر خاصة بكل طرف، بعد العدوان على بقيق وخريص انضمت تلك الأصوات إلى مواقف الدول المطالبة بوجوب محاسبة المعتدين، البعض منهم سعى كما يقول لإنقاذ الاتفاق النووي كون أوروبا شريكا فيه.
الآن الجميع منهمك من أجل تشكيل تحالف دولي يحمي مصادر الطاقة من اعتداءات مماثلة، آخرون أرادوا تقليص الفجوة بين واشنطن وطهران على أمل بلورة قواسم مشتركة وصيغ تفاهم جديدة، حاليا يعلنون رسميا أن الاعتداء على منشأة بحجم "أرامكو" يعد نقطة تحول في المنطقة، التصعيد الإيراني سياسيا وعسكريا واستعراضيا في مياه منطقة الخليج وحولها منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي قابله رد فعل من أغلبية الدول الأوروبية لم يتخطَ عتبة التنديد والدعوة إلى ضبط النفس، وكانوا يراهنون وفقا لمسؤوليهم على حدوث تحول ما قد يحدث في الموقف الإيراني، جاءت الاعتداءات على بقيق وخريص لتطوي صفحة الأماني والآمال الغربية وتفصح بشكل علني عن خطورة التهاون في مواجهة مثل هذه التحديات مستقبلا.
فرنسا كانت استبعدت الانضمام إلى تحالف بقيادة الولايات المتحدة لحماية ناقلات النفط وسفن الشحن من تهديدات إيران في مضيق هرمز، اليوم تدرس مع دول أوروبية فكرة تشكيل قوة بحرية أوروبية دولية، كما أعلنت الدنمارك، يكون نطاق عملها مضيق هرمز للمهمة ذاتها وتكون نواة للالتحاق بتحالف دولي يزداد عدد أعضائه تباعا.
فرنسا كانت استبعدت الانضمام إلى تحالف بقيادة الولايات المتحدة لحماية ناقلات النفط وسفن الشحن من تهديدات إيران في مضيق هرمز، اليوم تدرس مع دول أوروبية فكرة تشكيل قوة بحرية أوروبية دولية، كما أعلنت الدنمارك، يكون نطاق عملها مضيق هرمز للمهمة ذاتها وتكون نواة للالتحاق بتحالف دولي يزداد عدد أعضائه تباعا.
ليس من شك في أن تأمين الملاحة الدولية في الخليج العربي وغيره من ممرات الملاحة العالمية يشكل الأولوية القصوى لدى دول العالم، وتأمين مصادر الطاقة العالمية أولوية لا تقل أهمية عن سابقتها، التصرفات الإيرانية في مياه الخليج مؤخرا أعطت دفعا للقوى الدولية للتوجه فعليا نحو إنشاء قوة دولية تحمي الملاحة ومصادر الطاقة، الادعاء الإيراني بقدرتها على ضمان أمن الملاحة في الخليج تدحضه الوقائع على الأرض حين وظفت قدراتها العسكرية وأسطولها البحري لعرقلة الملاحة ولابتزاز العالم.
سياسة طهران وضعت الأوروبيين أمام خيارات معقدة فلا هم قادرون الآن على المضي قدما بشأن تهدئة التوتر الناشئ بينها وبين الولايات المتحدة، ولم يعد بإمكانهم القفز فوق الحقائق الماثلة التي أفرزها الهجوم على بقيق وخريص وتبعاته.
النظام الإيراني وضع الإيرانيين أمام تحديات إضافية بطابع دولي خارجي، مناوراته لم تعد تنطلي على أحد، الأوضاع الاقتصادية في البلاد نحو مزيد من التردي، سياسة الاستعراض والابتزاز لم تكن في يوم من الأيام سبيلا للخروج من المآزق.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة