من أزمة الرهائن لاقتحام بالعراق.. سفارة أمريكا في مرمى إرهاب إيران
إيران التي حملها ترامب مسؤولية اقتحام سفارة بلاده في العراق، تعمل على استخدام بغداد سياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا
بأساليب ملتوية دائما ما تحارب طهران خصومها، فقبل 40 عاما، أعلن النظام الإيراني عن نفسه بحادثة اقتحام السفارة الأمريكية واليوم يكررها مجددا ولكن بالوكالة وفي بلد آخر لإثبات وجوده وسط اضطرابات واحتجاجات يشهدها داخليا قد تعصف به وتشهد نهايته.
إيران التي حملها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مسؤولية اقتحام سفارة بلاده في بغداد، تعمل على استخدام العراق سياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا في تخفيف وطأة العقوبات الأمريكية عليها عبر مد نفوذها في البلد الذي أنهكته الاضطرابات للضغط على واشنطن التي لها تواجد كبير ببغداد.
ففي 4 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1979، بينما كانت الثورة الإيرانية تطوي شهورها الأولى شهدت البلاد أزمة سياسية حادة بين واشنطن وطهران إثر اقتحام مجموعة من الطلاب الثوريين في إيران، أطلق عليهم "أتباع خط الإمام"، نسبة إلى الإمام آية الله الخميني قائد الثورة، مقر السفارة الأمريكية بطهران.
واحتجز المقتحمون 52 رهينة أمريكية من موظفي السفارة ودبلوماسيين فيما أطلق عليها أزمة "احتجاز الرهائن الأمريكية".
واستمرت الأزمة 444 يوما قبل أن تنتهي بالإفراج عن 52 أمريكيا، لكن الولايات المتحدة قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في عام 1980.
اعتداءات بالوكالة
وبعد نحو 6 شهور من اعتداء مليشيات تابعة لإيران على السفارة البحرينية ببغداد، اقتحمت اليوم عناصر من حزب الله العراقي الموالية أيضا لطهران مقر السفارة الأمريكية في العاصمة بغداد.
وجاء الاقتحام بعد مقتل عشرات الإرهابيين من كتائب حزب الله بينهم قياديون في ضربات جوية استهدفت منشآت تابعة للمليشيا.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن عناصر الحزب بدأت نصب خيام اعتصام أمام السفارة الأمريكية في بغداد، كما رفعوا شعارات مطالبة بإغلاق السفارة وطرد السفير.
وقالت وكالة فرانس برس إن المحتجين أحرقوا أعلاما وحطموا كاميرات مراقبة، بعد أن تمكنوا من عبور جميع حواجز التفتيش دون صعوبة في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين.
وأشارت إلى أن عناصر الأمن العراقية كثفوا تواجدهم عند بوابة السفارة، فيما لجأ المتظاهرون إلى العنف.
وأمس الأول الأحد، شن الجيش الأمريكي غارات جوية استهدفت 5 منشآت للمليشيا، بعد يومين من مقتل أمريكي في هجوم على قاعدة عسكرية عراقية في كركوك.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، في بيان، إن الضربات الجوية نفذتها طائرات مسيرة، واستهدفت 3 مواقع للمليشيا في العراق وموقعين في سوريا بينها مخازن أسلحة ومواقع للقيادة والسيطرة.
ترامب يحمل إيران المسؤولية
وحمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، إيران مسؤولية اقتحام سفارة بلاده في بغداد.
وقال ترامب في تغريدة على تويتر: "نحمل إيران المسؤولية الكاملة عن تنظيم هجوم على سفارتنا في بغداد، ونتوقع من قوات الأمن العراقية أن تحمي السفارة".
وأضاف: "هجماتنا كانت ردًا على قتل إيران لمقاول مدني أمريكي وإصابة الآخرين، ولن نتوقف عن الرد بحزم على أفعالها".
العراق الخاسر الأكبر
وقالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية إن المواجهة بين الولايات المتحدة والمليشيات الموالية لإيران تعد مصدرا إضافيا لعدم الاستقرار بالعراق الذي يعيش بالفعل أزمة بالغة من احتجاجات وشلل سياسي.
وذكرت الشبكة الأمريكية، الثلاثاء، أن هذه الحرب بالوكالة بين واشنطن وطهران، التي تعتبر كابوسا للحكومة العراقية، قد اقتربت خطوة مع الهجمات الأمريكية، الأحد، على مليشيا موالية لإيران في العراق.
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن المواجهة بين الولايات المتحدة وطهران ستزيد من زعزعة استقرار البلد الغارق في أزمة بالفعل قد تؤدي إلى تهديد تجدد الإرهاب.
و"كتائب حزب الله" واحدة من أكثر المليشيات الطائفية تطرفا في العراق، ولها علاقات وثيقة مع الحرس الثوري الإيراني، وقد حملها المسؤولون الأمريكيون مسؤولية عدد متزايد من الهجمات الصاروخية التي استهدفت منشآت أمريكية في البلاد.
ويشهد العراق احتجاجات كبيرة منذ أكتوبر/تشرين الأول مع ضيق الشباب ذرعاً بالفساد وقلة فرص العمل، وتحركهم ضد قوات الأمن والمليشيات الإيرانية وتزايد نفوذها.
اعتداءات متكررة
ويشهد التاريخ على كثير من حالات الاعتداء الإيراني على المقار الدبلوماسية للدول سواء داخل إيران أو خارجها، ورغم أن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة وسارية منذ عام 1961، تلزم الدول بحماية دبلوماسيي الدول الأخرى لديها وحماية المقار الدبلوماسية، فإن نظام طهران لا يعبأ بتداعيات الاعتداء على السفارات والقنصليات.
ففي صيف عام 1987 هاجمت مجموعة كبيرة من الإيرانيين مقر سفارة المملكة العربية السعودية في طهران، وقامت باحتلالها واحتجاز الدبلوماسيين السعوديين بداخلها والاعتداء عليهم من قبل مليشيات الحرس الثوري الإيراني.
وقامت مجموعة كبيرة من المليشيات برشق السفارة بالحجارة والزجاجات الحارقة، وتمكنوا من الدخول إلى فناء السفارة، وأحرقوا ثلاث سيارات بعد تحطيمها بالكامل، واقتحموا بعد ذلك المكاتب، وأتلفوا غرفة الاتصالات وعبثوا بأوراقها وأضرموا النيران في أثاث السفارة، بعد تحطيم نوافذها وأبوابها.
كما قاموا بالاعتداء على الدبلوماسيين الموجودين بداخلها، وقاموا بخطفهم إلى جهات مجهولة، قبل أن يتم إطلاق سراحهم وإغلاق السفارة السعودية في طهران.
حادث آخر شاهد على همجية النظام الإيراني ومليشياته، تمثل في الاعتداء على السفارة السعودية في طهران ومقر القنصلية في مدينة "مشهد" الإيرانية.
ففي صباح 2 يناير/كانون الثاني 2016 قامت مجموعة من المليشيات الإيرانية بالهجوم على السفارة السعودية في طهران، وتمكنوا من اقتحام مبنى السفارة وإحراقها وإنزال العلم السعودي وتهشيم وسرقة ما فيها.
كما قام متظاهرون آخرون بالهجوم على القنصلية السعودية في "مشهد" وقاموا بتهشيم الأثاث وزجاج النوافذ، وقام بعضهم بنهب محتويات القنصلية، وتلقى الدبلوماسيون السعوديون تهديدات بالقتل من قبل مليشيات "الباسيج" الإيرانية قبل مغادرتهم إلى السعودية.
عقب ذلك قطعت المملكة العربية السعودية جميع علاقاتها مع إيران، وتبعها عدد من الدول العربية، كما قامت دول أخرى بتخفيض تمثيلها الدبلوماسي في إيران إلى قائم بالأعمال، بالإضافة إلى استدعاء عدد من الدول السفراء الإيرانيين لديهم، للاحتجاج على حرق السفارة السعودية.
السفارة العراقية
وفي فبراير/شباط 2018 أقدمت مجموعة من مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران بالاعتداء على السفارة العراقية في صنعاء، والأرض التابعة لها، في تحدٍ سافر للمواثيق والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات الدبلوماسية بين الدول.
وأصدرت الخارجية اليمنية وقتها بياناً قالت فيه "إن الاعتداء على البعثات الدبلوماسية سياسة ممنهجة دأبت المليشيا الانقلابية على اتباعها ومؤشر للسقوط الأخلاقي والقيمي لتلك المليشيا التي لا يمكن أن ترتقي إلى مستوى فهم القواعد والأعراف الدبلوماسية واحترامها والالتزام بها".
وأضافت: "إن مثل هذه الأفعال تثبت أن الحل الوحيد لمشكلة اليمن هو في إنهاء الانقلاب وإنهاء تسلط المليشيا المدعومة من إيران واحتلالها للعاصمة ومؤسسات الدولة، وتضافر الجهود الدولية لتحقيق ذلك، انتصاراً للقوانين والمواثيق الدولية، ورفضاً لاستمرار قانون الغاب الذي تتعامل به مليشيا الانقلاب".