وسط غياب حكومي.. أزمة أسعار الأراضي وتكلفة السكن تستعر في إيران
شهد سوق الإسكان في إيران قفزة حادة في الأسعار خلال الأشهر الأخيرة.
وتأثرت أسعار الأراضي في ضواحي العاصمة الإيرانية طهران بهذه الزيادة فضلاً عن باقي المدن، وسط غياب خطة حكومية لمواجهة أزمة السكن المتجذرة في إيران.
ارتفاع متوسط أسعار المساكن في إيران
ويقول إيرج رهبر عضو مجلس إدارة جمعية بناء السكن في محافظة طهران، إن سعر المساكن "في أسوأ" المناطق في ضواحي طهران حالياً "لا يقل عن 30 مليون تومان" للمتر الواحد (800 دولار)
وقال رهبر "إن هذا السعر يصل إلى 300 مليون تومان في المنطقة الأولى بطهران".
وفي الآونة الأخيرة، قال البنك المركزي الإيراني إن أغلى المنازل المتداولة في طهران - في المنطقة الأولى بطهران في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تم تداولها بمتوسط أكثر من 95 مليون تومان للمتر المربع.
وكانت هذه المؤسسة قد أعلنت في تقريرها الأخير عن تطورات سوق الإسكان بالعاصمة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن متوسط سعر كل متر مربع من المنازل المتداولة الشهر الماضي بلغ قرابة 46 مليون تومان، وهو ما شهد زيادة بنحو ثلاثة ملايين تومان في شهر واحد.
وقال إيرج رهبار لوكالة أنباء العمل الإيرانية (إيلنا): "حاليا، تتأرجح أسعار الأراضي في طهران بين 30 و 300 مليون تومان، وتختلف أسعار البنود والخدمات الأخرى اللازمة لبناء المساكن من بداية الأسبوع إلى نهاية الأسبوع نفسه ولا يعرف المنشئ "كم ستتغير الأسعار بنهاية الأسبوع؟".
فشل حكومي متعاقب
وأدى ارتفاع تكلفة مواد البناء في تشييد المساكن بسبب التضخم العام وارتفاع سعر الدولار إلى ارتفاع سعر التكلفة الذي انتقل إلى المستهلك، وفي بعض الحالات أدى إلى تباطؤ أو توقف البناء.
وأشار رهبر إلى ارتفاع سعر مشروع إنشاء "الحركة الوطنية للإسكان"، وقال: "واجه المقاولون مشكلة مع الحكومة، وبهذه الأسعار ستمتد بالتأكيد فترة التنفيذ ويطول أمد تجربة بناء الشقق السكنية التي تقودها وزارة الإسكان الإيرانية".
وتعود هذه الخطة إلى وعد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ببناء 4 ملايين منزل خلال السنوات الأربع التي يقضيها كرئيس للجمهورية، والتي حذر الكثيرون منذ البداية من عدم الوفاء بها.
وفي عهد محمود أحمدي نجاد بدأ مشروع مهر السكني، وبدأت هذه الخطة بعد الزيادة الحادة في أسعار المساكن في إيران، واقترضت الحكومة الإيرانية آنذاك أموالاً من البنك المركزي لتمويل هذا المشروع، مما أدى إلى نمو السيولة وزيادة حادة في التضخم.
عدم التوازن
وأحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار المساكن في إيران في السنوات الأخيرة هو عدم التوازن بين العرض والطلب وبناء المساكن لا يتناسب مع احتياجات السوق، ولهذا السبب، تضاعفت أسعار المساكن في إيران في العديد من المجالات في السنوات الأخيرة.
ولا تقدم حالة إيجار المساكن صورة أفضل في هذا الصدد؛ وفقًا لإعلان البنك المركزي، من نوفمبر من العام الماضي إلى نوفمبر من هذا العام، ارتفعت أسعار الإيجارات في طهران وفي جميع المناطق الحضرية في إيران بنسبة 39.8 و 45٪ على التوالي.
وخلال العقود الأخيرة، قدمت حكومات مختلفة في إيران خططًا مختلفة بهدف تنظيم سوق الإسكان، لكن نمو عدد المستأجرين يظهر أن هذه الخطط لم تكن ناجحة.
وكان ارتفاع معدل التضخم والقفز في سعر الدولار من بين العوامل المؤثرة في ارتفاع أسعار المساكن في الأشهر الأخيرة.
وارتفع سعر الدولار في السوق الإيرانية المفتوحة من حوالي 33 ألف تومان نهاية تشرين الأول إلى عتبة 40 ألف تومان في الشهر الحالي، ومعدل التضخم السنوي لشهر نوفمبر في هذا البلد هو 44٪، على الرغم من أن هذا المعدل أعلى في مجموعة الغذاء.
وأثرت الزيادة الأخيرة في سعر الصرف بشدة على الأسواق المختلفة، بما في ذلك السيارات؛ ويعتبر رئيس البنك المركزي الإيراني علي صالح آبادي، أن هذه الزيادة مرتبطة بالاحتجاجات التي تعم البلاد في إيران.
وعلى الرغم من أن تعليق المفاوضات المتعلقة بإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) مع الغرب ترك أثره على سوق العملات الإيرانية.
30 عامًا للحصول على منزل صغير
وفي سياق متصل، قال "بيت الله ستاريان" الخبير في سوق الإسكان لموقع "اعتماد" الإصلاحية: "أحد الأشياء التي تؤثر دائمًا على هذا السوق هو تحديد سعر الصرف، ولهذا السبب، احتفظ بائعي العقارات سواء تجار التجزئة أو البنائين، بما لديهم وتوقفوا عن تزويد السوق به".
وأوضح "بالنظر إلى متوسط سعر متر الوحدة السكانية في طهران وهو ما يقرب من 40 مليون تومان، يمكن القول أن العامل براتب شهري 4 ملايين تومان في الشهر، وهو رقم قريب من الحد الأدنى للراتب، بافتراض أنه يوفر المبلغ بالكامل، سيكسب 44 مليون تومان سنويًا"، وأضاف أن "هذا الرقم يساوي 1.5 متر لكل وحدة سكنية في طهران".
وتابع :"بافتراض عدم حدوث زيادة في التضخم، يمكن للعامل شراء منزل بمساحة 45 مترا مربعا في طهران مع توفير كامل ما يقرب من 30 عامًا من دخله، هذه الحقيقة تدل على أن امتلاك منزل لا يزال حلمًا كبيرًا لشريحة كبيرة من الناس وهناك طريق طويل لتحقيقه".
وتابع متسائلا:"لماذا السكن في طهران ومدن أخرى في البلاد باهظ الثمن وكيف يمكن حل هذه المشكلة؟" وتابع يقول إن على "الحكومة الإجابة عن هذا الواقع المرير".
وفي الختام قال ستاريان: عندما يتم حل مشكلة التسعير الصحيح للدجاج والبيض في إيران، والذي يشكل عُشر سلة الأسرة، سيتم أيضًا حل مشكلة الإسكان.
aXA6IDMuMTQ1LjguMiA= جزيرة ام اند امز