إستراتيجية "الهروب إلى الأمام" هي إستراتيجية المهزوم وإيران هي أكبر المهزومين في المنطقة اليوم، ومن هنا علينا أن نكون في حالة يقظة دائمة لصد طلقات رجل المنطقة المريض في هذه اللحظة الجيوستراتيجية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط.
إستراتيجية "الهروب إلى الأمام" هي إستراتيجية المهزوم وإيران هي أكبر المهزومين في المنطقة اليوم، ومن هنا علينا أن نكون في حالة يقظة دائمة لصد طلقات رجل المنطقة المريض في هذه اللحظة الجيوستراتيجية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط.
وفي إحدى الطلقات الطائشة والمضحكة في الوقت نفسه، خرج علينا مسعود جودرزي، عضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، ليطلق إحدى نكات التاريخ والسياسة بالادعاء أن دولة الملالي تعد وثائق للمطالبة بجزيرتي آريانا وزركوه الإماراتيتين.
خطوة طائشة جديدة، وصفها الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، عن حق بأنها تعبير عن الموقف المهزوز لإيران حول احتلال الجزر الإماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وكونها جزءا من منق اختراع التاريخ وتصديق الكذبة.
وكما قال الدكتور أنور قرقاش فإن السياسة التوسعية الإيرانية في المنطقة تبقى أساس التوتر في الخليج العربي. وكون هذه الادعاءات الجديدة مضحكة وجزءا من سياسة الهروب للأمام وغياب المصداقية وتبادل الأدوار.
وهنا علينا أن نفهم لماذا خرجت هذه التصريحات المضحكة والهزلية اليوم من طهران؟ والإجابة عن هذا السؤال تتطلب فهم حجم الضغوط والأزمات التي يتعرض لها نظام الملالي في الوقت الراهن.
ونبدأ من اليمن؛ حيث يتعرض الانقلاب الإيراني الذي يقوده الحوثيون وأنصار المخلوع صالح لمتوالية هزائم على يد التحالف العربي وقوات الشرعية اليمنية دفعت إلى إرباك الحسابات الإيرانية التي كانت تتوهم إمكانية السيطرة على اليمن وبسط النفوذ على مضيق باب المندب. هذه الحسابات التي تحولت إلى "حلم ليلة صيف" وانتقلت من حيز الأحلام إلى كوابيس.
بالتوازي، فإن حلفاء وأذرع إيران في المنطقة من "حزب الله" الإرهابي والعصابات الإجرامية في البحرين و"الحشد الشعبي" في العراق لم ينجحوا في تحقيق الأهداف التي رسمتها طهران ودفعت إلى جيوب زعماء هذه العصابات المليارات من خزائنها التي أصبحت شبه فارغة.
وثالثاً جاء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ليزيد من مواجع هذه الخسائر المتتالية وفشل إستراتيجية التوسع والهيمنة. بغض النظر عن اتفاق البعض أو اختلافهم مع الرئيس الأمريكي الجديد فإنه لا يمكن إنكار أن إدارة ترامب صدّرت الرعب إلى نظام الملالي بعد شهر عسل طويل مع إدارة أوباما المهتزة والخائفة.
فإدارة ترامب تدرك حجم التهديدات التي تمثلها إيران وشددت على ضمانها لأمن الخليج والمنطقة. فالبيت الأبيض اليوم عاد إلى العقيدة الإستراتيجية الخاصة بأن أمن الخليج العربي وأمن الملاحة يمثل أولوية في السياسة الأمريكية وأنه لا يمكن السماح لطهران بأي محاولة لبسط نفوذها بل السعي لتقليص نفوذها في المنطقة. وفي هذا السياق يبدو أن نظام الملالي ما زال غير قادر على استيعاب قول الرئيس الأمريكي صراحة إن كل الخيارات مطروحة للتعامل مع إيران وأن أعمالها العدائية لن تمر دون رد.
ورابعاً، لا يمكن فصل مهاترات مسعود جودرزي عن الانتخابات الرئاسية في إيران التي ستجرى بعد أقل من 3 أشهر. فقد اعتدنا أنه قبل أي انتخابات في دولة الملالي يتبارى السياسيون في محاولة الاحتشاد خلف النزعة الفارسية التوسعية بهدف التقرب من الشارع الإيراني والأهم إخفاء الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لمجمل النظام. فقد اعتاد النظام الإيراني ترديد الأكاذيب قبل أي محفل انتخابي ليمنع الإيرانيين من الحديث عن همومهم الاقتصادية والاجتماعية ومحاولة إلهاء الرأي العام بأكاذيب للحيلولة دون انفجار برميل الظلم الاجتماعي في وجه النظام ومؤسساته.
هذا بشأن الأسباب، ولكن ماذا عن القضية الوهمية التي تحدث عنها المدعو مسعود جودرزي. إن الحقائق والوثائق التاريخية تحدثنا بما لا يجعل أي مجال للشك أن جزيرتي آريانا وزركوه تتبعان لدولة الإمارات.
ولا نجد عند المؤرخ ج. لوريمر الذي يعد أحد أبرز المؤرخين الذين وصفوا منطقة الخليج العربي في بداية القرن الماضي في كتابه الأهم "دليل الخليج" أي حديث عن تبعية آريانا وزركوه لإيران والدولة الفارسية في ذلك الوقت.
والأهم أن الإمارات تبسط سيادتها الكاملة على الجزيرتين وقامت مؤخراً بتطوير حقل زاكوم النفطي وهناك مطار بهذه الجزيرة يتبع السيادة الإماراتية تديره شركة تطوير حقل زاكوم. وعلى الإيرانيين أن ينفقوا دقائق للبحث على الإنترنت عن اسم الجزيرتين ليجدوا أن وصف الجزيرتين واضح بأنهما جزيرتان تتبعان دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها.
ولكن هل هذا نهاية الحديث، بالطبع لا. فستخرج علينا طلقات طائشة أخرى من بندقية نظام الملالي الصدئة ولكنها لن تصيب دولتنا. فنحن نمتلك قيادةً وجيشاً وشعباً قادراً على مواجهة أية تحديات. إن دولة الإمارات قامت وازدهرت تحت قيادة ناجحة ليس فقط في توفير الحياة الكريمة لمواطنيها بل في قيادة السفينة وسط أمواج وعواصف المنطقة دون أن تهتز السفينة. فما دام الربان يعرف الطريق ويدرك حجم الصعاب فإن الوصول إلى الشاطئ مضمون.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة