بعد 4 سنوات.. اتفاق "نووي إيران" بين الاستبدال والعقوبات
الاتفاق النووي يلزم طهران بتقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب المستخدم في غضون مدة تصل لنحو 15 عاما
قبل أربع سنوات، أعلن يوكيا أمانو مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، دخول الاتفاق النووي الموقع بين إيران والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا (5 + 1) حيز التنفيذ بالتحديد في 17 يناير/كانون الثاني 2016.
وأكد أن طهران أنجزت التزاماتها بشأن الاتفاق الذي وقع في منتصف عام 2015، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى دعوة المجتمع الدولي لرفع العقوبات الاقتصادية والمالية المرتبطة ببرنامج إيران النووي.
ويلزم الاتفاق النووي المبرم بين إيران ومجموعة دول 5+1 في العاصمة النمساوية فيينا، يونيو/حزيران عام 2015 طهران بتقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب المستخدم لصنع وقود المفاعلات النووية وأسلحة الدمار الشامل في غضون مدة تصل لنحو 15 عاما، وخفض عدد أجهزة الطرد المركزي لديها لـ10 سنوات.
إلا أن عام 2019 شهد انتهاكا إيرانيا كبيرا للاتفاق، ودخل النظام الإيراني مرحلة جديدة من الانتهاكات النووية بدأها في مايو/أيار من العام الماضي بزعم مرور عام على انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية الأحادي من الاتفاق النووي المثير للجدل في مايو من عام 2018.
كما قررت إيران، مطلع 2020 تخصيب اليورانيوم بلا قيود، في خامس خطوات تخفيض التزاماتها المنصوص عليها ضمن الاتفاق النووي المبرم مع قوى عالمية عام 2015.
وقالت حكومة الرئيس حسن روحاني، إن هذه الخطوة هي آخر خطوات تخفيض الالتزامات النووية التي بدأتها طهران في مايو/أيار الماضي، حيث لن تضع بموجبها قيودا على عمليات تخصيب اليورانيوم.
وذكر روحاني في البيان أوردته وكالة "تسنيم" الإيرانية في 5 يناير/كانون الثاني الجاري، أن الخطوة الخامسة تنهي أيضا القيود التي فرضها الاتفاق النووي على مستوى الاحتفاظ بالمواد النووية المخصبة، وكذلك البحث والتطوير نوويا.
وهو ما دفع بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإشهار البطاقة الحمراء في وجه طهران، بإعلان الثلاثي الأوروبي تفعيل آلية فض النزاع النووي مع إيران، لعدم احترامها التزاماتها بموجب الاتفاق النووي.
وأرجعت الدول الثلاث، في بيان مشترك، تفعيل آلية فض النزاع المنصوص عليها في الاتفاق النووي مع إيران إلى انتهاكات طهران المستمرة.
آلية فض النزاع تعني عمليا إعادة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي وإمكانية إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران التي رفعت عنها بفضل الاتفاق.
وتُعد "آلية الضغط على الزناد" أحد سبل حل النزاعات في الاتفاق النووي الإيراني، والمنصوص عليها ضمن الفقرتين 36 و37 بالاتفاق نفسه المبرم بين طهران ومجموعة دول 5+1 منذ 2015.
وتمنح تلك الآلية أي طرف من الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني حق إحالة ما يراه انتهاكا من طرف آخر لالتزاماته إلى لجنة مشتركة بغية بحث النزاع خلال 15 يوما، ويمكن تمديد تلك الفترة حال وجود إجماع.
وحال لم تسفر المفاوضات داخل تلك اللجنة المشتركة عن جديد، يمكن أن يتطور الأمر إلى مجلس الأمن الدولي ومن ثم إمكانية إعادة فرض العقوبات الأممية التي وقعت قبل التوصل إلى صيغة نهائية للاتفاق النووي الإيراني.
أما الانتهاكات نفسها التي ارتكبتها طهران، فأزاح وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، الستار عن جزء منها، لعل أبرزها: تكرار الإخلال بالالتزامات ووجود فرنسيين معتقلين في إيران، الوقوف وراء هجمات أرامكو بالسعودية، قمع الاحتجاجات الداخلية.
ويؤخذ على إيران أنها لم تعد تحترم سقف مخزونها من اليورانيوم ضعيف التخصيب (300 كيلوجرام)، ولا نسبة التخصيب التي تعدت مستوى 3.67% المسموح به.
واتجهت إيران كذلك إلى إنتاج اليورانيوم المخصب في موقع "نطنز" باستخدام طاردات مركزية حديثة من طراز (IR – 4، وIR - 6)، أسرع بكثير من الجيل الأول محدودة العدد كما أنها تقوم بتجارب على طاردات جديدة.
من جانبها، أعادت واشنطن فرض حزمتي عقوبات على إيران في أغسطس/آب، ونوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، ضمن حملة الضغط القصوى التي تهدف من خلالها إلى تغيير سلوك النظام الإيراني العدائي وإجباره على الجلوس لطاولة مفاوضات.
وسعت إيران تحت مظلة الاتفاق النووي لتطوير برامج تصنيع صواريخ باليستية، وتوسيع نفوذها العسكري داخل بلدان إقليمية بواسطة تقديم تمويل مادي ولوجستي لمليشيات تقاتل بالوكالة عنها.
وبدا واضحا في أواخر عام 2019 أن النظام الإيراني في طريقه للعودة نووياً بوتيرة متسارعة نحو مرحلة ما قبل إبرام الاتفاق النووي في عام 2015، لا سيما بعد تهديدات جديدة أوردتها منظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
ونقلت صحيفة صبح نو (الصباح الجديد) اليومية، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عن بهروز كمالوندي الناطق الرسمي باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن "بلاده في الوقت الراهن باتت على مسافة قريبة للغاية من العودة إلى مرحلة ما قبل توقيع الاتفاق النووي الإيراني منذ 4 سنوات".
وتضمنت انتهاكات إيران بالترتيب تجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه ضمن الاتفاق النووي لتخزين اليورانيوم المخصب عند كمية 300 كجم بنسبة 3.67%، وعدم بيع فائض اليورانيوم المخصب والماء الثقيل، في مايو/أيار 2019.
وشملت الخطوتان الثانية والثالثة في يوليو/تموز، وسبتمبر/أيلول 2019، رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم عند 3.67%، وتشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة لتسريع تخصيب اليورانيوم، بغية التوصل إلى تصنيع قنبلة نووية.
واستكملت طهران انتهاكاتها لاحقا باستئناف العمل داخل منشأة فوردو، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2019، رغم تعليق عملها بموجب الاتفاق النووي حتى 15 عاما مقبلة.
في حين زعم مسؤولون إيرانيون أن رفع مستوى تخصيب اليورانيوم بفوردو إلى 9500 سو "وحدة قياس نووية" يعني عودة طهران نوويا إلى ما قبل عام 2015.
وعاد الرئيس الإيراني حسن روحاني وأبدى إمكانية رضوخ بلاده لطاولة مفاوضات حول برنامجها النووي مع قوى عالمية بينها الولايات المتحدة، شريطة أن ترفع الأخيرة عقوباتها المفروضة على طهران.
من جانبه، دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى استبدال الاتفاق النووي بآخر جديد برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدا أنه سيكون خطوة للمضي قدما.
وأضاف جونسون، في تصريحات صحفية: "الغرب لا يريد صراعا عسكريا مع إيران ولكن هناك ضرورة لمنع إيران من حيازة سلاح نووي"، مؤكدا أن المنطقة بحاجة إلى التهدئة في ظل هذه الظروف.
وأبدى الرئيس الأمريكي موافقته على مقترح رئيس الوزراء البريطاني عن أن "اتفاقا جديدا برعاية أمريكية ينبغي أن يحل محل الاتفاق النووي مع إيران".
وكتب ترامب، في تغريدة على "تويتر" في وقت متأخر الثلاثاء: "رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون قال علينا أن نبدل الاتفاق النووي باتفاق ترامب.. أنا موافق".
كما طالبت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إيران بالعدول عن جميع الإجراءات المتعارضة مع الاتفاق النووي، مؤكدة عزمها على مواصلة جميع الجهود للحفاظ على الاتفاق النووي.
وطالبت الدول الثلاث، إيران بالتعاون الكامل مع وكالة الطاقة الذرية بموجب كل التزاماتها في إطار الاتفاق النووي، مؤكدة أن جهود نزع فتيل التوتر في المنطقة تزداد صعوبة بسبب تحركات إيران الأخيرة.
aXA6IDUyLjE0LjIwOS4xMDAg جزيرة ام اند امز