اتفاق إيران النووي في 2019.. انتهاكات ومآلات متوقعة
شغل الاتفاق النووي الإيراني حيزا كبيرا على مستوى وسائل الإعلام المحلية خلال عام 2019، بعد أن أبدت طهران نيتها للاستدارة نحو الوراء
شغل الاتفاق النووي الإيراني حيزا كبيرا على مستوى وسائل الإعلام المحلية والعالمية خلال عام 2019، لا سيما بعد أن أبدت طهران نيتها للاستدارة نوويا نحو الوراء أي كما كان الحال قبل 4 سنوات.
ويلزم الاتفاق النووي المبرم بين إيران ومجموعة دول 5+1 في العاصمة النمساوية فيينا، يونيو/حزيران عام 2015 طهران بتقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب المستخدم لصنع وقود المفاعلات النووية وأسلحة الدمار الشامل في غضون مدة تصل لنحو 15 عاما، وخفض عدد أجهزة الطرد المركزي لديها لـ10 سنوات.
ودخل النظام الإيراني مرحلة جديدة من الانتهاكات النووية بدأها مايو/أيار 2019 بدعوى مرور عام على انسحاب الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق النووي المثير للجدل مايو/أيار 2018.
وأعادت واشنطن فرض حزمتي عقوبات على إيران في أغسطس/آب، ونوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، ضمن حملة الضغط القصوى التي تهدف من خلالها إلى تغيير سلوك النظام الإيراني العدائي وإجباره على الجلوس لطاولة مفاوضات.
ولطالما أثيرت شكوك دولية بشأن مدى التزام إيران بالاتفاق الذي وقعت عليه مع قوى عالمية (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الصين).
وسعت إيران تحت مظلة الاتفاق النووي لتطوير برامج تصنيع صواريخ باليستية، وتوسيع نفوذها العسكري داخل بلدان إقليمية بواسطة تقديم تمويل مادي ولوجستي لمليشيات تقاتل بالوكالة عنها.
وبدا واضحا في أواخر عام 2019 أن النظام الإيراني في طريقه للعودة نووياً بوتيرة متسارعة نحو مرحلة ما قبل إبرام الاتفاق النووي في عام 2015، لا سيما بعد تهديدات جديدة أوردتها منظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
ونقلت صحيفة صبح نو (الصباح الجديد) اليومية، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عن بهروز كمالوندي الناطق الرسمي باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن "بلاده في الوقت الراهن باتت على مسافة قريبة للغاية من العودة إلى مرحلة ما قبل توقيع الاتفاق النووي الإيراني منذ 4 سنوات".
وتضمنت انتهاكات إيران بالترتيب تجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه ضمن الاتفاق النووي لتخزين اليورانيوم المخصب عند كمية 300 كجم بنسبة 3.67%، وعدم بيع فائض اليورانيوم المخصب والماء الثقيل، في مايو/أيار 2019.
وشملت الخطوتان الثانية والثالثة في يوليو/تموز، وسبتمبر/أيلول 2019، رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم عند 3.67%، وتشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة لتسريع تخصيب اليورانيوم، بغية التوصل إلى تصنيع قنبلة نووية.
واستكملت طهران انتهاكاتها لاحقا باستئناف العمل داخل منشأة فوردو، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2019، رغم تعليق عملها بموجب الاتفاق النووي حتى 15 عاما مقبلة.
في حين زعم مسؤولون إيرانيون أن رفع مستوى تخصيب اليورانيوم بفوردو إلى 9500 سو "وحدة قياس نووية" يعني عودة طهران نوويا إلى ما قبل عام 2015.
وضخت إيران في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، 2000 كجم من غاز سداسي فلورايد اليورانيوم لـ1044 جهاز طرد مركزيا داخل موقع فوردو النووي لإعادة تخصيب اليورانيوم بغرض التوصل إلى تصنيع أسلحة نووية.
وتلخيصا للتطور الحاصل نوويا، رجح الباحث المتخصص في الشأن الإيراني أحمد الأمير استعداد طهران للهروب نحو الأمام في عام 2020 بغرض مواصلة سعيا للتوصل إلى تصنيع أسلحة نووية، وذلك بذريعة تصاعد خلافاتها مع الدول الغربية.
وأكد الأمير في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "الشروط الإيرانية المسبقة إلى جانب عدم الجاهزية لتقديم تنازلات عرقلت التوصل لحل نهائي بعد عديد من المباحثات واللقاءات الرسمية المتعلقة بالاتفاق النووي على مدار عام 2019".
ولم تخفِ طهران خرقها لبعض بنود الاتفاق النووي بدعوى الرد على الانسحاب الأمريكي وفرض عقوبات اقتصادية عليها، الأمر الذي يضعف الأمل على ما يبدو في التوصل إلى حل وسط في ظل غضب إيران من عدم وجود حماية أوروبية لها من العقوبات الأمريكية، حسب الأمير.
واختتم الباحث المتخصص بالشأن الإيراني حديثه لـ"العين الإخبارية" بالتأكيد على أن نبرة المفاوضات ستظل متذبذبة بين المرونة والتهديد، مشيرا إلى أن تقليص طهران التزاماتها بموجب الاتفاق النووي جعل من الصعب تقييم إيجابية التفاوض بين الطرفين من حيث مدى السوء أو التحسن على حد سواء.
وأبدى الرئيس الإيراني حسن روحاني إمكانية رضوخ بلاده لطاولة مفاوضات حول برنامجها النووي مع قوى عالمية بينها الولايات المتحدة، شريطة أن ترفع الأخيرة عقوباتها المفروضة على طهران العام الماضي.
وقال روحاني في تصريحات بثها التلفزيون الإيراني الرسمي، 4 ديسمبر/كانون الأول 2019، إن "طهران على استعداد للدخول في محادثات نووية مع الولايات المتحدة إذا رفعت عقوباتها، بل التفاوض على مستوى قادة دول 5+1"، على حد قوله.
وتشير توقعات أغلب المراقبين للملف النووي الإيراني إلى أن انتهاكات طهران خلال عام 2019 ستعجل من وصولها إلى مرحلة ما قبل الوصول للاتفاق النووي المبرم قبل 4 سنوات.
إلى جانب تصاعد التوتر بمجال العلاقات الإيرانية-الأوروبية على غرار فرنسا التي اعتبر رئيسها إيمانويل ماكرون في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن إعادة التخصيب داخل منشأة فوردو تمثل خطوة خطيرة وإيذانا بانسحاب إيراني كلي من الاتفاق النووي.
aXA6IDE4LjE5MS4xNjIuNzMg جزيرة ام اند امز