الهجمات الإرهابية المتتالية التي تحمل جميعها بصمات إيران لا تهدد فقط أمن دول الخليج العربي والمنطقة
لا يختلف اثنان في أن المتهم الأول في الهجمات التي تعرضت لها ناقلات النفط في بحر عمان هو إيران، ولا خلاف في الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل في أن صاحب هذه النوعية من الأعمال التخريبية والإرهابية في مياه الخليج العربي، هو النظام الإيراني أولا وأخيرا. وما من دليل أقوى من صورة بألف كلمة، تتمثل بما نشرته البحرية الأمريكية من مقطع مصور يظهر نزع عناصر من الحرس الثوري الإيراني للغم بحري لم ينفجر من على هيكل إحدى الناقلتين المستهدفتين في الهجوم.
لعل الحوادث الأخيرة ترسل رسائل واضحة من إيران إلى العالم، بأن نظام الملالي لن يتوقف عن الإخلال بأمن المنطقة والعالم، كما من المفترض بها أن تكون محركا لوقوف جميع الدول أمام مسؤولياتها، واتخاذ قرار حاسم للتصدي للأعمال التخريبية الإيرانية، ليردعها بشكل كامل ودائم عن العبث بالأمن والاقتصاد العالميين.
تسارع الأحداث الأخيرة وتعاقبها، بدءا من الاعتداء السابق على أربع ناقلات نفط، من بينها ناقلتان سعوديتان وناقلة تحمل علم النرويج وأخرى تحمل علم الإمارات، لأعمال تخريبية في المياه الإقليمية الإماراتية، إلى استهداف مطار أبها المكتظ بالمدنيين في المملكة العربية السعودية، ومن ثم ناقلتي النفط اللتين ترفع إحداهما علم جزر مارشال واسمها "فرنت ألتير"، بينما الناقلة الثانية اسمها "كوكوكا كاريدغس" وترفع علم بنما، يوحي بعدم وجود نية صادقة لدى نظام الملالي في طهران، في التوقف عن محاولات إشعال منطقة الخليج العربي.
هذه الهجمات الإرهابية المتتالية التي تحمل جميعها بصمات إيران، لا تهدد فقط أمن دول الخليج العربي والمنطقة، بل تمتد لتطال الأمن العالمي، لتضر بمصالح جميع دول العالم، التي تعي تماما أن كل عمل على هذه الشاكلة يضرب الاقتصاد من الشرق إلى الغرب، ويهدد بحصول ركود صناعي وتجاري، باستهداف إمدادات النفط العالمي من مصادر تسهم في تغذية أكثر من نصف دول العالم.
الولايات المتحدة الأمريكية التي صرح وزير خارجيتها مايك بومبيو بأن "إيران تقف وراء الهجوم على ناقلتي النفط في خليج عمان، وأن الهجمات التي تنفذها إيران جزء من حملة لتصعيد التوتر، وأن طهران تعمل على تعطيل تدفق النفط عبر مضيق هرمز"، يعكس بوضوح مدى الاهتمام والقلق الأمريكي المتزايد، على الرغم من ظاهر الموقف المعلن الذي يبدو متمهلاً في اتخاذ قرار حاسم لردع التهديد الإيراني.
وفيما يرى مراقبون أن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران لم تأتِ أكلها بالشكل المطلوب، إذ لا يزال التهديد الإيراني مستمرا إلى حد ما، وهو ما نراه اليوم من خلال أذرع طهران السامة ومليشياتها الإرهابية التي تستمر باستهداف المدنيين في المملكة العربية السعودية، وتعطل الحياة السياسية وتعيث في الأرض فسادا في كل بقعة ترفع فيها مليشياتها أعلام إيران ورموزها، كما هو الحال في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، كما لم تمنع العقوبات الاقتصادية بمفردها امتداد يد العدوان الإيراني لتطال إمدادات النفط العالمي.
ولا يعد الخطر والتهديد الإيراني المتزايد في استهداف إحدى أهم ممرات تصدير النفط العالمية جديدا، ويذكر العالم بدقة ثمانينيات القرن الماضي عندما واجه العالم "حرب الناقلات" التي بدأتها إيران، وألحقت الضرر بـ546 سفينة تجارية وقتلت نحو 430 بحارا مدنيا -بحسب مؤسسة لويدز البريطانية للتأمين- لتسهم هذه الهجمات بتأثير سريع وكبير على إمدادات النفط، ترافق مع ارتفاع غير مسبوق بأسعاره عالميا.
لعل الحوادث الأخيرة ترسل رسائل واضحة من إيران إلى العالم، بأن نظام الملالي لن يتوقف عن الإخلال بأمن المنطقة والعالم، كما من المفترض بها أن تكون محركا لوقوف جميع الدول أمام مسؤولياتها، واتخاذ قرار حاسم للتصدي للأعمال التخريبية الإيرانية، ليردعها بشكل كامل ودائم عن العبث بالأمن والاقتصاد العالميين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة