واشنطن «محبطة» من إسرائيل.. والرد على إيران في ميزان الاختبار
التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل والدفاع عنها، لا يعني أنها ليست محبطة منها. والسبب: القرار المنفرد.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، كشفت أن الولايات المتحدة محبطة من إحجام إسرائيل عن مشاركة خطط الرد على هجوم إيران الأخير، وتأمل في تجنب تكرار الهجمات المفاجئة، مثل مقتل زعيم حزب الله اللبناني نصر الله.
وفي مكالمتهما الأولى بعد ستة أسابيع، ناقش الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الأربعاء، الرد العسكري المتوقع من جانب إسرائيل ضد إيران، حيث تسعى الإدارة الأمريكية إلى إقناع أقرب حلفائها في الشرق الأوسط بعدم ضرب منشآت النفط أو المواقع النووية في طهران.
ووفقا لبيان صادر عن البيت الأبيض، أكد بايدن "التزامه الراسخ بأمن إسرائيل" وأدان الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني على إسرائيل الأسبوع الماضي.
وقال مسؤول إسرائيلي إن الاتصال الذي استمر حوالي 45 دقيقة، ناقش خطط إسرائيل للرد.
وبحسب مسؤولين أمريكيين، فإن إسرائيل رفضت حتى الآن الكشف لإدارة بايدن عن تفاصيل خططها للرد على طهران، حتى مع حث البيت الأبيض أقرب حلفائه في الشرق الأوسط على عدم ضرب منشآت النفط الإيرانية أو المواقع النووية وسط مخاوف من اتساع نطاق الحرب الإقليمية.
ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالإحباط لأنهم فوجئوا مرارا وتكرارا بالأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان، ويسعون إلى تجنب المزيد من التصعيد.
وذكر مسؤول إسرائيلي أن نتنياهو منع وزير دفاعه يوآف غالانت من التوجه إلى الولايات المتحدة، مساء الثلاثاء، بينما واصلت إسرائيل التخطيط لعمليتها في إيران.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم لا يعرفون حتى الآن توقيت الضربة أو ما قد تستهدفه إسرائيل.
والشهر الماضي، قتلت إسرائيل الأمين العام لحزب الله اللبناني، دون إبلاغ الولايات المتحدة مسبقا. وقد فاجأت هذه الضربة، التي وقعت في الوقت الذي كانت فيه واشنطن تأمل في الانتهاء من خطة وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في "وول ستريت جورنال".
هكذا علمت واشنطن بمقتل نصر الله
وجاء إبلاغ إسرائيل الولايات المتحدة بمقتل نصر الله، عبر مكالمة جرت بين غالانت ونظيره الأمريكي لويد أوستن.
"عفوا، ماذا قلت؟" قال أوستن عندما أخبره غالانت بالأمر، وفقا لمسؤولين أمريكيين مطلعين على المحادثة.
خلال مكالمة ثانية في نفس اليوم، سأل أوستن غالانت عما إذا كانت إسرائيل مستعدة لأن تكون "وحيدة" عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن نفسها، نظرا لعدم وجود إشعار.
ووفق مسؤولين عسكريين، كان أوستن محبطًا لأن الولايات المتحدة لم يكن لديها الوقت الكافي لوضع قواتها للدفاع عن إسرائيل أو لحماية القوات الأمريكية القريبة.
اختبار الاستجابة
ومع تهديد إسرائيل بالرد على إطلاق إيران لما يقرب من 200 صاروخ بعد وقت قصير من مقتل نصر الله، يأمل المسؤولون الأمريكيون هذه المرة أن يكون لديهم المزيد من الأفكار حول ضربة يمكن أن تؤدي إلى مشاركة عسكرية أمريكية أكبر.
وفي هذا الصدد، لفتت "وول ستريت جورنال"، إلى أن إسرائيل استجابت في بعض الأحيان لنصيحة الولايات المتحدة على مدار العام الماضي.
على سبيل المثال، نجحت الولايات المتحدة في إقناع إسرائيل بعدم شن هجوم على حزب الله في لبنان استنادا إلى معلومات استخباراتية خاطئة بعد أيام قليلة من هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، بحسب الصحيفة.
ولكن الصحيفة لفتت إلى أن رد تل أبيب على إيران قد يختبر حدود استجابة إسرائيل.
والأحد الماضي، سافر الجنرال إريك كوريلا، الذي يرأس القيادة المركزية، المسؤولة عن العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، إلى إسرائيل.
والتقى كوريلا غالانت وكبار القادة العسكريين الإسرائيليين، ونقل له رسالة تحذير من ضرب المواقع النووية أو منشآت النفط الإيرانية.
لماذا غالانت؟
ويُنظَر إلى غالانت على نطاق واسع باعتباره الزعيم الإسرائيلي الأكثر استجابة للمخاوف الأمريكية بشأن ملاحقة إسرائيل للحرب في غزة، وخاصة فيما يتصل بزيادة المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، ووضع خطة لحكم القطاع بعد الحرب.
وكان أوستن وغالانت على اتصال وثيق على مدى العام الماضي، حيث تحدثا في بعض الأحيان عدة مرات في الأسبوع عبر الهاتف، ويُعتَقَد عموما أن بينهما علاقة جيدة.
ولكن المسؤولين الأمريكيين رفضوا أن يقولوا ما إذا كانوا قد حصلوا على تأكيدات من إسرائيل بأن واشنطن سوف يتم إخطارها قبل الضربة الإسرائيلية المتوقعة على إيران، بل إنهم يشيرون بدلا من ذلك إلى محادثات متكررة بين كبار المسؤولين.
وذكرت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ، يوم الثلاثاء، أن أوستن وغالانت تحدثا أكثر من 80 مرة على مدار العام الماضي.
وقال مسؤولون أمريكيون إنه خلال اجتماع واشنطن الذي كان من المفترض أن يُعقد يوم الأربعاء، بين أوستن وغالانت، كان من المتوقع أن يقدم الأخير بعض التفاصيل حول خطة الضربة، بما في ذلك الأهداف المحتملة.
ويأمل بعض المسؤولين في واشنطن أن توضح إسرائيل خطتها لإخطار الولايات المتحدة قبل أي ضربة محتملة.
وأفاد شخص مطلع على الأمر، بأن غالانت وأوستن خططا أيضا للحديث عن الأهداف الإسرائيلية في حربها في لبنان.
وقال مسؤول إسرائيلي: "هناك أشياء معينة لا يمكنهم مناقشتها عبر الهاتف".
التعزيزات جاهزة
وعلى مدار العام الماضي، عزز البنتاغون وجوده في المنطقة للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة. وهناك حاليا حاملتا طائرات قريبتان، وسفن هجومية برمائية، ومدمرات، وأسراب إضافية من الطائرات المقاتلة النفاثة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، وفي وقت سابق من هذا الشهر، اعترضت السفن والطائرات الأمريكية بعض الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل.
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة شنّت عشرات الضربات ضد أعداء إسرائيل. وفي الأسبوع الماضي، ضربت 15 هدفا للحوثيين في اليمن، بما في ذلك مواقع الإطلاق والبنية التحتية العسكرية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه قد يكون للضربات الإسرائيلية تداعيات في واشنطن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من الشهر المقبل.
وكون الاقتصاد قضية رئيسية في الحملة الانتخابية. ارتفعت أسعار النفط الأسبوع الماضي بعد أن أشار الرئيس بايدن إلى أن المسؤولين الأمريكيين يدرسون ما إذا كانوا سيدعمون ضربة إسرائيلية على منشآت النفط الإيرانية.
وبعد يوم واحد، ظهر بايدن في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض ليقول إن إسرائيل يجب أن تمتنع عن مهاجمة منشآت النفط الإيرانية.