إضرابات مصافي إيران تتصاعد.. "العين الإخبارية" تحاور أحد المحتجين
الإضرابات العمالية تتواص في عدد من مصافي النفط والغاز داخل أنحاء متفرقة من إيران لأكثر من أسبوع احتجاجا على تأخر الأجور
تتواصل الإضرابات العمالية في عدد من مصافي النفط والغاز داخل أنحاء متفرقة من إيران لأكثر من أسبوع احتجاجا على تأخر الأجور ومشكلات المعيشة.
وشملت موجة الاحتجاجات مصافي قسم النفط الثقيل، وعبادان، وأصفهان، وبارسيان والجفير في الأحواز وحقل غاز بارس الجنوبي، ومجمع لامرد وكنعان للبتروكيماويات.
- لليوم الـ5.. الإضرابات العمالية تتمدد في إيران على وقع أزمة الأجور
- معارض إيراني: العمال سيكررون سيناريو 1979 ضد خامنئي
وتوقف العمل داخل مصفاة بيدخون، وشركة "صنعت إيران" في منطقة عسلوية الواقعة جنوب غرب البلاد.
وطالت الإضرابات والمسيرات الاحتجاجية المستمرة منذ 10 أيام تقريبا قطاعات عمالية أخرى مثل الخدمات العامة والصحية في أنحاء متفرقة من إيران.
واعترض العمال على استغلال أصحاب الأعمال، وانتهاك حقوقهم إلى جانب تأخر أجورهم لعدة أشهر، وأخيرا الفصل التعسفي.
وكانت أقاليم الأحواز، ويزد، وكرمان، ولورستان، وخراسان رضوي، وأذربيجان الغربية ساحة غضب عمال إيران خلال الأيام القليلة الماضية، وفق وسائل إعلام معارضة.
الجدير بالذكر أن المنشآت والمصافي النفطية التي تشهد إضرابات عمالية حاشدة خلال الآونة الأخيرة تعتبر الأكبر والأهم في البلاد.
ويرى مراقبون أن انخفاض صادرات النفط الخام الإيراني لأقل من 10 آلاف برميل/ يوميا مؤخرا، قلص موارد الحكومة من العملة الصعبة وبالتالي أدى لعجزها عن دفع الأجور شهريا للعمال في المصافي النفطية.
وتوقع مهندس داخل مصفاة إيرانية يضرب عمالها عن العمل بسبب أزمة الأجور، اندلاع موجة احتجاجات جديدة أشد سخطا.
وأوضح فرشاد، مهندس متخصص في ميكانيكا الموائع بمصفاة عسلوية، خلال مقابلة مع "العين الإخبارية" عبر تطبيق تليجرام، أن هذه الجولة من الإضرابات مستمرة منذ أكثر من أسبوع ولا تزال متواصلة حتى تتحقق مطالب آلاف العمال.
وقال المهندس الإيراني المحتج في نبرة لا تخلو من غضب مكتوم، "أنا مهندس وعضو في المجتمع العمالي الذي يعاني منذ سنوات بسبب القهر والسياسات الخاطئة ذات الدوافع السياسية وأسلوب العبودية".
وأضاف فرشاد لـ"العين الإخبارية" أن العمال الإيرانيون يطالبون حاليا بحقوقهم بأخوة ووحدة بينهم، مشيرا إلى أن هؤلاء العمال سيقفون بحزم مثل الجبل حتى يحققوا أهدافهم.
واعتبر مهندس ميكانيكا الموائع أن إيران شهدت احتجاجات عمالية على مدار تاريخها في العقود الماضية، لكن ذروتها كانت بمظاهرات عمال مصنع هفت تبه (التلال السبعة) لإنتاج السكر في جنوب غرب البلاد.
وبدأ إضراب عمال مصفاة عسلوية في 1 أغسطس/ آب الجاري، قبل أن يمتد إلى عدد من المناطق الصناعية الأخرى التي تعتمد على البتروكيماويات، وسط تزايد رقعة الاحتجاجات يوما بعد آخر.
ولفت المهندس فرشاد إلى أن دوافع العمال لهذه الإضرابات هو تغيير ظروف بيئة العمل بما في ذلك الأجور، والرعاية الاجتماعية، والصحية وغيرها.
وحول تدخل القوات الأمنية والشرطة الإيرانية في بعض المناطق بهدف قمع وترهيب العمال بالتهديد بالقبض عليهم وطردهم ونسب الاحتجاجات لأعمال شغب ودوافع سياسية، قال فرشاد "لم يعد لدى هؤلاء العمال شيئا يخسرونه، وبالتالي ليس هناك خوف لديهم أيضا".
ورفع العمال في أنحاء متفرقة من إيران شعارات "العامل يموت ولا يقبل الذل"، و"ادعموا عمال إيران".
وهتف المحتجون ضد الظروف المعيشية للعمال الذين وصلت نسبة الفقر بينهم لنحو يقارب 10% بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع معدل التضخم وتدني الأجور، وكذلك الفساد المنهجي داخل المؤسسات العامة والخاصة.
وأصبح ملايين العمال الإيرانيين على استعداد لقبول العمل في ظروف شاقة بغرض كسب لقمة العيش على الرغم من الحصول على القليل من الرعاية والأجور المنخفضة.
وأكد فرشاد لـ"العين الإخبارية" أن الإضرابات والاحتجاجات تشبه موج البحر الذي يكون أقوى وأكثر تدميرا عندما يذهب ويعود مجددا إلى الشاطئ.
وشدد المهندس الإيراني على أن الاحتجاجات العمالية في إيران مختلفة عن كل الأوقات، حيث تحظى بدعم الشعب وتحتاج إلى تضامن من قبل المنظمات الدولية والإنسانية.
"ليس هناك لون أكثر تعتيما من الأسود، لم يعد طردنا من العمل هو القضية الجوهرية"، هكذا رد فرشاد على سؤال "العين الإخبارية" حول مدى قدرة السلطات الحكومية الإيرانية على فصلهم تعسفيا واستبدالهم بآخرين بسبب الإضرابات.
وأشار المهندس بمصفاة عسلوية إلى أن الاحتجاجات العمالية ستزداد حدة بسبب تجاهل حل المشكلات وتلبية المطالب من جانب المسؤولين الإيرانيين.
وتطرق فرشاد إلى أزمة فيروس كورونا المستجد داخل بلاده، قائلا "لا يساورنا شك في أن الحكومة ووسائل الإعلام المحلية لا تذكر العدد الفعلي للمرضى والوفيات، ويعتقد الناس أن عدد الوفيات يتجاوز 100 ألف في إيران".
وأضاف أن "فيروس كورونا زاد من آلام العمال والشعب في إيران، ولا خيار أمامهم سوى المقاومة في ظل تهالك المنشآت العلاجية والمستشفيات حتى بالنسبة للطاقم الطبي".
واعتبر مهندس ميكانيكا الموائع أن تخلف بلاده عن سائر دول العالم يرجع لحكم النظام الديني ذو العقلية التي تعود للقرون الوسطى ويعتمد على القتل والقمع والاعتقالات والإعدامات لوقف الحراك الشعبي ضده.
لكن هذا الترهيب لم يمنع "فرشاد" من أن يتوقع تصاعد مستوى الإضرابات العمالية والمدنية بسبب ضعف النظام وتدهور الوضع الاقتصادي للعمال.
وعن إمكانية الإطاحة بالنظام الإيراني، قال المهندس فرشاد إن "هذا الأمر مرهون بحدوث وحدة بين كافة شرائح المجتمع الساخطة على الوضع الراهن".
واختتم فرشاد مقابلته مع "العين الإخبارية"، بقوله "الشعب الإيراني يرفع شعارات مناهضة للإعدامات التي تهدف إلى ترهيب وإخافة الناس لكنها لن توقف إراداتهم بل ستزيد من غضبهم".