الانتخابات الإيرانية.. معركة هيمنة للمحافظين تصطدم بالإصلاحيين والعزوف
«انتخابات وازنة» تتشابك فيها الخيوط بين المتنافسين إذ تثور المخاوف بشأن عودة انحسار المنافسة بين المحافظين بجناحيهم واستبعاد الإصلاحيين.
وتتقاطع فيها الطرق بين الداخل والخارج على وقع حرب في غزة خطفت أضواء الحملات الانتخابية وقد تؤثر على نسب المشاركة والنتائج.
- أمريكا والتصعيد.. هل تثير هجمات «وكلاء إيران» شهية الحرب الأوسع؟
- إيران وإسرائيل.. سؤال صعب في اختبار غزة
أهمية الانتخابات الإيرانية 2024
وتكمن أهمية الانتخابات التي ستُجرى في الأول من مارس/آذار 2024، في أنها ستقود لانتخاب 88 عضوًا لمجلس خبراء القيادة المسؤول عن تعيين المرشد الأعلى والإشراف على عمله وإمكان إقالته.
ومن بين المرشحين لولاية جديدة في هذا المجلس، رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي وسلفه المعتدل حسن روحاني الذي أكد في تصريحات سابقة أنه يخوض "مسارا صعبا".
كما أنها ستكون "وازنة"، إذ إن الدورة الأخيرة التي أجريت عام 2020 شهدت إقصاء عدد كبير من المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين، ما أدى عمليًا إلى تحويل الانتخابات إلى منافسة بين المحافظين والمحافظين المتشددين، وسيسعون خلال الانتخابات المقبلة إلى تعزيز سيطرتهم على مراكز القرار.
في حين يخشى الإصلاحيون تكرار سيناريو عام 2020 حين استُبعد العديد من مرشحيهم عن خوض المعركة.
وأدى الإقصاء الواسع والمثير للجدل لهؤلاء المرشحين إلى تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات.
إذ توجّه 42.57% فقط من الناخبين إلى مراكز الاقتراع، وهو أدنى معدّل يُسجّل منذ 1979.
انقسامات وخلافات الداخل
وبحسب الخبير السياسي أحمد زيد أبادي، فإنه "في ظل غياب معسكر معتدل مؤثر، فإن المناقشات التشريعية حاليًا شابتها خلافات بين المحافظين، لا سيما بين البراغماتيين والراديكاليين الذين يتمتعون بنفوذ كبير داخل السلطة".
كما نشبت خلافات بشأن أسس القانون الذي يشدد العقوبات على النساء اللاتي لا يلتزمن بالحجاب الإلزامي واللاتي ازداد عددهن بشكل ملحوظ بعد احتجاجات العام 2022.
ورغم اعتماد البرلمان هذا النص رسميًا في سبتمبر/أيلول لكنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد.
وبالكاد اجتازت العملية المعقّدة لاختيار المرشحين النهائيين لانتخابات مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) مرحلة كبيرة، بعد رفض مجلس صيانة الدستور 28% من ترشيحات 24982 شخصًا.
كما لا يمكن توقّع عدد المرشحين الذين سيتنافسون في الأول من مارس/آذار 2024 لتجديد المقاعد الـ209 للبرلمان والـ88 لمجلس خبراء القيادة، قبل أن تصبح القوائم نهائية قبل شهر فقط من موعد الانتخابات.
معارك الخارج تؤثر على الداخل
ولم يتوقف وقع الحرب المستمرة في قطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي على الداخل، بل باتت الانتخابات الإيرانية على المحك جراء تأثيرها عليها.
وتشغل الحرب بين إسرائيل وحماس مساحة كبرى من الاهتمام في السياسة ووسائل الإعلام المحلية، ما يترك مجالا محدودا للحملة للانتخابات النيابية المقررة في مارس/آذار 2024.
ويخشى الإيرانيون من احتمال انخراط طهران في الحرب بين إسرائيل وحماس في حال اتساع نطاقها أبعد من قطاع غزة.
واعتبر الخبير السياسي زيد أبادي أن "تطوّر الحرب بين إسرائيل وحماس قد يؤثر على نتائج الانتخابات النيابية، إذ أن أي هزيمة لحركة حماس المدعومة من إيران سيضعف موقف الموالين للحكومة في حال حدوثها".
بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية وتداعيات حركة الاحتجاجات التي هزّت البلد بعد وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر/أيلول 2022 على إثر توقيفها من شرطة الأخلاق في طهران على خلفية عدم التزامها قواعد اللبس المحددة للنساء.
لكن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، دعا، إلى بذل كل الجهود اللازمة لضمان إجراء "انتخابات حماسية" في مارس/آذار المقبل.
جاء ذلك خلال استقباله أعضاء مجلس صيانة الدستور الذي تعود إليه صلاحية البت بأهلية المرشحين للانتخابات.
من جهته، أكّد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن حكومته ليس لديها "أي مرشح" للانتخابات النيابية وأنها تحاول "فقط تشجيع زيادة المشاركة" بمشاركة "جميع المكونات السياسية".
عزوف الناخبين والمرشحين
ويتوقع الخبير السياسي زيد أبادي أن يستمر الناخبون في الابتعاد عن صناديق الاقتراع "ما لم يتمكن النظام من أن يقدّم لهم دوافع أمل وتغيير".
من جهتهم، يخشى الإصلاحيون تكرار سيناريو العام 2020 حين استُبعد العديد من مرشحيهم عن خوض المعركة.
وكتبت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية أن "شخصيات هذا التيار السياسي تدرك أنه حتى لو كانت الشخصيات الإصلاحية معروفة، لن يتمّ الموافقة إلّا على ترشيحات عدد قليل منهم من قبل مجلس صيانة الدستور المؤلف من 12 عضوا".
وقررت شخصيات تعدّ قريبة من التيار الإصلاحي عدم دخول المنافسة، على غرار الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني الذي كان يرجح أن يكون المنافس الأبرز لإبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، قبل أن يتمّ إبطال ترشيحه.
وفي مايو/أيار، اتهم لاريجاني "تيارًا" بقيادة حملة لـ"تطهير" الفضاء السياسي من خلال إقصاء كل الخصوم.
ووصف النائب الإصلاحي المنتهية ولايته مسعود بزشكيان المعروف بانتقاده للسلطات، قرار إبطال ترشحه بـ"السخيف" من قبل "الذين يحاولون القضاء على الشعب من خلال إهماله".
ووصف وزير الداخلية أحمد وحيدي هذه الانتقادات بأنها "غير أخلاقية"، مؤكدًا أن الحكومة "غير متورطة على الإطلاق" في إقصاء المرشحين.
aXA6IDE4LjExOC4xNDYuMTgwIA== جزيرة ام اند امز