رسائل فرنسا لإيران.. هل تكبح توسع حرب غزة؟
وسط مخاوف من اتساع دائرة النزاع في قطاع غزة إلى المنطقة، وجهت فرنسا رسائل إلى إيران.
وسط مخاوف من اتساع دائرة النزاع في قطاع غزة إلى المنطقة، وجهت فرنسا رسائل إلى إيران، محملة إياها مسؤولية أي توسعة لنطاق الصراع الحالي بين حركة حماس وإسرائيل.
وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية إنها أبلغت نظيرها الإيراني، اليوم الخميس، إن طهران ستتحمل مسؤولية كبيرة إذا امتد الصراع في غزة إلى المنطقة.
وأضافت كاثرين كولونا بعد اتصال هاتفي مع نظيرها الإيراني حسين أمير عبداللهيان "الاتصال اليوم بنظيري الإيراني كان على شكل تحذير من أن توسعة نطاق النزاع الحالي في غزة لن يفيد أحدا، وستتحمل إيران مسؤولية كبيرة".
ويوم الأربعاء، قال ثلاثة مسؤولين كبار إن المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي وجه رسالة واضحة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس عندما التقيا في طهران في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، قائلا إن حماس لم تبلغ إيران بهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل ومن ثم فإن طهران لن تدخل الحرب نيابة عنها.
وقال آية الله علي خامنئي لإسماعيل هنية إن إيران -التي تدعم حماس منذ فترة طويلة- ستواصل تقديم دعمها السياسي والمعنوي للحركة لكن دون التدخل بشكل مباشر، حسب ما أفاد المسؤولون، وهم من إيران وحماس ومطلعون على المناقشات وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم حتى يتسنى لهم التحدث بحرية.
وذكر مسؤول من حماس لـ«رويترز» أن خامنئي حث هنية على إسكات تلك الأصوات في الحركة الفلسطينية التي تدعو علنا إيران وحليفتها اللبنانية القوية جماعة حزب الله إلى الانضمام إلى المعركة ضد إسرائيل بكامل قوتهما.
وأكدت ثلاثة مصادر قريبة من حزب الله أن الجماعة فوجئت أيضا بالهجوم الذي شنته حماس الشهر الماضي، والذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي، وأن مقاتلي الجماعة لم يكونوا في حال تأهب حتى في القرى القريبة من الحدود والتي شكلت الخطوط أمامية في حربها مع إسرائيل عام 2006، وكان لا بد من استدعائهم بسرعة.
وقال قيادي في حزب الله "لقد استيقظنا على الحرب".
وتخوض جماعة حزب الله أعنف اشتباكات مع إسرائيل منذ ما يقرب من 20 عاما، واستهدفت فصائل مسلحة مدعومة من إيران القوات الأمريكية في العراق وسوريا. كما أطلق الحوثيون في اليمن صواريخ وطائرات مسيرة على إسرائيل.
ويمثل الصراع أيضا اختبارا لقدرات حزب الله وحماس وجماعات مسلحة أخرى من العراق إلى اليمن، وسط اختلاف الأولويات والتحديات فيما بينهما.
هل تتدخل إيران؟
وقال مهند الحاج علي الخبير في شؤون حزب الله في مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت إن هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ترك شركاءها أمام خيارات صعبة في مواجهة خصم يتمتع بقوة عسكرية متفوقة بكثير، مضيفا "عندما توقظ الدب بمثل هذا الهجوم، فمن الصعب جدا على حلفائك أن يتخذوا نفس موقفك".
ويرى ستة مسؤولين على دراية مباشرة بتفكير طهران ورفضوا الكشف عن أسمائهم بسبب حساسية الأمر أن إيران لن تتدخل بشكل مباشر في الصراع ما لم تتعرض هي نفسها لهجوم من إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وقال المسؤولون إنه بدلا من ذلك يخطط حكام إيران لمواصلة استخدام محور المقاومة من الحلفاء المسلحين، بما في ذلك حزب الله، لشن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف إسرائيلية وأمريكية في أنحاء الشرق الأوسط.
وأضافوا أن هذه الاستراتيجية تهدف لإظهار التضامن مع حماس في غزة وإرهاق القوات الإسرائيلية دون الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل يمكن أن تستقطب الولايات المتحدة.
وقال دنيس روس، الدبلوماسي الأمريكي الكبير السابق المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والذي يعمل الآن في معهد أبحاث واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: "هذه هي طريقتهم في الردع.. طريقة تقول ‘انظروا، طالما لم تهاجمونا فستبقى الأمور على هذا الوضع، ولكن إذا هاجمتمونا سيتغير كل شيء".
مشاكل حزب الله
وتبادل حزب الله، الذي يضم 100 ألف مقاتل، إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية عبر الحدود بشكل يومي تقريبا منذ أن دخلت حماس في حرب مع إسرائيل وأسفر ذلك عن مقتل أكثر من 70 من عناصر حزب الله، ومع ذلك تجنب حزب الله مثل إيران الداعمة له المواجهة الكاملة.
وقالت مصادر مطلعة على تفكير حزب الله إن الجماعة جعلت هجماتها محسوبة بطريقة أبقت العنف محدودا إلى حد كبير في شريط ضيق من الأراضي على الحدود، حتى مع تصعيد تلك الضربات في الأيام القليلة الماضية.
وقال أحد المصادر إن حماس تريد من حزب الله أن يشن ضربات أعمق داخل إسرائيل بترسانته الهائلة من الصواريخ، لكن حزب الله يعتقد أن هذا سيدفع إسرائيل إلى تدمير لبنان دون وقف هجومها على غزة.
ويدرك حزب الله، وهو أيضا حركة سياسية منخرطة في شؤون الحكومة اللبنانية، أن لبنان لا يستطيع تحمل حرب أخرى مع إسرائيل، بعد أكثر من أربع سنوات من الأزمة المالية التي أدت إلى تفاقم الفقر وأضعفت المؤسسات الحاكمة في البلاد.
واستغرق لبنان سنوات لإعادة البناء بعد حرب عام 2006 التي قصفت خلالها إسرائيل جنوب البلاد الذي يسيطر عليه حزب الله ودمرت مساحات واسعة من معقله في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.
وقال الأمين العام للجماعة حسن نصر الله في خطاب ألقاه في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إن حماس أبقت هجومها على إسرائيل سرا عن حلفائها، وهذا ما ضمن نجاحها ولم "يزعج أحدا" في محور المقاومة. وأضاف أن هجمات حزب الله على الحدود الإسرائيلية لم يسبق لها مثيل وكانت بمثابة "معركة حقيقية".
مهاجمة أمريكا
والولايات المتحدة أيضا حريصة على تجنب أن تمتد رقعة الحرب إلى ما هو أبعد من غزة، فبعد أن خاضت حربين مكلفتين مشؤومتين في العراق وأفغانستان على مدى العقدين الماضيين تجد نفسها الآن تمول الدفاع عن أوكرانيا ضد الغزو الروسي.
ويسعى الرئيس جو بايدن حتى الآن إلى حصر الدور الأمريكي في أزمة غزة بالأساس في ضمان المساعدات العسكرية لإسرائيل. كما حرك حاملتي طائرات ومقاتلات إلى شرق البحر المتوسط في خطوة تهدف في جانب منها إلى تحذير طهران.
وتصاعد التوتر مع شن ما لا يقل عن 40 هجوما بطائرات مسيرة وصواريخ على القوات الأمريكية من جانب فصائل المحور في العراق وسوريا منذ بدء حرب غزة ردا على الدعم الأمريكي لإسرائيل، وفقا لوزارة الدفاع الأمريكية. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الولايات المتحدة نفذت ثلاث مجموعات من الضربات الانتقامية ضد منشآت في سوريا تستخدمها فصائل مسلحة مرتبطة بإيران.
وحذر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن يوم الإثنين من خطر فتح جبهة رئيسية أخرى في الصراع. وقال في مؤتمر صحفي في سول "ما رأيناه طوال هذا الصراع وطوال هذه الأزمة هو تراشق متبادل بين حزب الله اللبناني والقوات الإسرائيلية". وأضاف "لا أحد يريد أن يرى صراعا آخر يندلع في الشمال".
وقال مصدران أمنيان إسرائيليان، طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن إسرائيل لا تسعى إلى اتساع رقعة الأعمال القتالية، لكنهما أضافا أنها مستعدة للقتال على جبهات جديدة إذا لزم الأمر لحماية نفسها. وقالا إن مسؤولي الأمن يعتبرون أن التهديد المباشر الأقوى لإسرائيل يأتي من حزب الله.
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuMjIzIA== جزيرة ام اند امز