ضربات «وكلاء» إيران لقواعد أمريكية.. الدلالات وسيناريوهات المستقبل
صواريخ تضرب قواعد أمريكية في سوريا والعراق، لا تحدث خسائر، لكنها رسائل عابرة من فصائل مدعومة إيرانيا، للولايات المتحدة، عنوانها "غزة".
وقال خبراء في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، إن هذه الرسالة مفادها بأنه إذا استمر الهجوم على غزة بهذا الشكل، فإنه يهدد بفتح المجال أمام حرب أوسع وأشمل.
وتابع هؤلاء الخبراء، أن هناك شبه اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران، بالاكتفاء بقواعد الاشتباك المتعارف عليها، والتي لن تمتد حاليا لمواجهة مباشرة.
وأشار الخبراء، إلى أن ما يحدث "تسخين للجبهات" وليس حربا بالمعنى المعروف، بهدف تأكيد وكلاء إيران حضورهم في المشهد الحالي.
وأمس، قالت نائبة المتحدث باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، إن "هجمات الجماعات الموالية لإيران ضدنا في سوريا والعراق، بلغت 46 منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي"، وفق ما أوردت "فرانس برس".
وأضافت: "جرح 56 جنديا أمريكيا جرّاء هذه الاعتداءات في البلدين"، بل أشارت إلى تعرض القوات الأمريكية خلال الساعات الـ24 الماضية، لأربع هجمات من جماعات موالية لإيران.
"ضبط مسار رد الفعل"
الدكتور خطار أبودياب، أستاذ العلاقات السياسية والدولية بجامعة باريس، رأى في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "الهجمات ضمن رسائل محددة لإسرائيل وللولايات المتحدة معا بأن استمرار العدوان على غزة بهذا الشكل، يفتح المجال أمام حرب أوسع وأشمل، وأن المصالح والقواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، ضمن دائرة الاستهداف".
أبودياب قال إن "خطة الإدارة الأمريكية تقوم على ضبط مسار ردة الفعل، وعدم توسيع إطار الحرب إلى أي امتدادات إقليمية، وذلك من أجل استفراد إسرائيل بقطاع غزة، وعدم الوصول إلى الاشتباك مع إيران".
ويلفت في هذا الإطار، إلى أنه "كانت هناك أفكار في إسرائيل بحرب استباقية ضد حزب الله، لكن الولايات المتحدة أجهضت ذلك".
وينبه إلى أنه "مقابل دعمها المطلق وحمايتها لإسرائيل، تضغط الولايات المتحدة على القيادة الإسرائيلية من أجل تجنب توسيع الجبهات، والدخول في حرب إقليمية، وتبدو هذه المهمة دقيقة وحساسة".
ويضيف أبودياب، أن "الانتشار العسكري الأمريكي عبر حملات الطائرات والمارينز وشبكة الدفاع الصاروخي، الهدف منه هو الردع، لمنع إيران من التفكير بالحرب".
لكنه شدد على أنه "إذا راجعنا تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية فكان دوما فيه التجاذب، وليس الصدام المباشر". ويلفت في الوقت ذاته، إلى أن ما تريده إيران وما تعمل له هو استخدام وكلائها أو حلفائها من أجل تحقيق غاياتها.
"رسالة إيرانية"
الدكتور محمد قواص الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، المقيم في بريطانيا، يرى في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "هجمات فصائل تابعة لإيران تمثل حتى الآن رسالة إيرانية مستمرة بالحفاظ على نمط ومستوى معتدل من المناوشات ترتبط بما يجري في غزة".
ويتابع "ما زالت الهجمات تقع ضمن قواعد الاشتباك الإيراني الأمريكي، فهي على الصعيد العسكري والفني ضمن ما هو مقبول أمريكيا"، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة تكون بين الفينة والأخرى بردود جراحية داخل سوريا وليس داخل العراق لعدم توسيع مساحة الاشتباك".
لكن قواص يلمح إلى أنه "في حال ردت الولايات المتحدة بقصف عنيف لمواقع للفصائل المسلحة في العراق، فقد يكون أكثر استفزازا للطرف الإيراني".
ومضى قائلا "هناك زيارة قام بها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى بغداد لبحث سبل وقف مناوشات الفصائل الموالية لإيران ضد قواعد أمريكية، وحاول الوصول لتعهد يتعلق بمسألة نأي العراق بالنفس".
قواص قال أيضا "فيما يبدو فإن الجواب الإيراني ما زال مصرا على أن هذه الفصائل مستمرة في التحرك، خاصة أنه في ظل استمرار الحرب في غزة، فإن طهران لن تكون مستعدة لأن تطلب من فصائلها في العراق أو في لبنان، وقف هذا التدخل المضبوط إيرانيا".
ويبرز المحلل السياسي اللبناني أن "أولوية إيران هي مصالحها فقط، أما غزة أو لبنان أو العراق أو سوريا أو اليمن، فهي أوراق تستخدمها لتحقيق هذه المصالح". وزاد بالقول "إيران لن تدخل في صدام مباشر، أو تذهب إلى تصعيد قوي يجعل من الولايات المتحدة ندا، سواء من أجل غزة أو أي دولة أخرى".
بل يعتقد أيضا أن "هناك تفاهمات واتفاقات وصفقات كان آخرها صفقة تبادل الأسرى بين واشنطن وطهران التي يبنى عليها إمكانية التوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران في وقت لاحق".
ويضيف "إيران تريد أن تحتفظ بأوراقها لا أن تحرقها، لا سيما أنه بالنهاية ستنتهي هذه الأزمة، وسيكون لإيران دور معين في هذه المنطقة".
"تسخين الجبهات"
ومن وجهة نظر الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، فإن ما يحدث هو "تسخين للجبهات وليس حربا بمعناها المعروف، وتأكيد لحضور الوكلاء الإقليميين سواء حزب الله أو الحوثيين أو بطبيعة الحال الحشد الشعبي، في المشهد".
ويتابع في حديث لـ"العين الإخبارية "جميع الأطراف تحاول أن توقع وتسجل حضورها في المشهد بصورة كبيرة"، محذرا في هذا الصدد من أن "هناك جبهات غير مدربة على المواجهة؛ فالحوثيون لم يدخلوا في مواجهات، لكن الوصول إلى إيلات والبحر الأحمر معناه رسائل أولية لإسرائيل".
وفي تقدير فهمي، "لن تكون هناك حرب شاملة في الإقليم، وإذا وقعت الحرب فستكون بالخطأ نتيجة للحشود العسكرية التي حركتها أمريكا سواء بالبحر المتوسط أو البحر الأحمر، فربما تحدث مواجهة بالخطأ في هذا الإطار".
وقبل أيام، انضمت حاملة الطائرات «يو إس إس آيزنهاور» ومجموعة السفن الحربية التابعة لها إلى الحاملة "جيرالد فورد" التي سبق أن تم نشرها في المنطقة في أعقاب هجوم حماس.
"لا مواجهة مباشرة"
ورغم تصاعد الهجمات على القواعد الأمريكية في العراق، يقول الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث لـ"العين الإخبارية"، يبدو أن هناك تفاهما ضمنيا بين إيران وأمريكا لعدم الدخول في مواجهة مباشرة، والاكتفاء بحروب الوكالة في ضوء قواعد الاشتباك المتعارف عليها.
ويفسر "الهجمات التي استهدفت الوجود العسكري الأمريكي في سوريا والعراق استوجبت ردا أمريكيا قويا على منشآت ومواقع للحرس الثوري في سوريا دون العراق، بهدف ردع إيران وحلفائها، في وقت أكدت استعدادها لمزيد من التصعيد حال مواصلة إيران هجماتها أو تكرارها، ما يعني أن أمريكا تريد أن تحقق الردع ولا تريد المواجهة".
وقال إن أمريكا "تتجنب أي تصعيد ولا تريد توسيع نطاق العمليات، ولا تريد أي توسع أفقي للحرب على جبهات أخرى، وهدف الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة هو ردع أي فصائل أو دول أخرى من الاشتراك في الحرب وفتح جبهات جديدة ضد إسرائيل".
ويتابع: "واشنطن ساعدت إسرائيل بشكل غير مباشر، وتتجنب استفزاز إيران، وتحرص أيضا على عدم التورط أو الانخراط بشكل مباشر في العمليات؛ لأن الرئيس جو بايدن لا يحتمل التورط في حرب جديدة قبل الانتخابات، المنتظرة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".
aXA6IDMuMTQ2LjIwNi4yNDYg
جزيرة ام اند امز