شمعة الكاظمي المفبركة.. قد يحتاجها العراق في نفقه السياسي المعتم
تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لرئيس الوزراء العراقي وهو يعمل على ضوء شمعة.
وجرى نشر الصورة على نطاق واسع مع توضيح مفاده أن الكاظمي أقدم على العمل على ضوء الشموع تضامناً مع الشعب العراقي، على خلفيّة تراجع التزويد بالتيار الكهربائي في البلاد.
وتظهر الصورة الكاظمي جالساً على مكتبه في أجواء معتمة وقد أضيئت أمامه شمعتان، إلا أنّ هذا الادعاء خطأ، فالصورة متلاعب بها والشموع مركّبة.
وعلّق ناشرو الصورة بالقول "الكاظمي ينشر صورة له في مكتبه ويظهر أن التيار الكهربائي مقطوع…"، وأضافوا "تضامناً مع الشعب العراقي".
ويأتي انتشار هذه الصورة بعد أيام على إعلان العراق عن تأخره في دفع الاستحقاقات المالية لإيران مقابل إمدادات الغاز، بحسب بيان الأربعاء لوزارة الكهرباء العراقية التي أوضحت أن خفض كميات الغاز سبب تراجعاً بساعات التغذية الكهربائية وسط موسم صيف حار يخيّم عليه الجفاف.
وكان العراق أعلن عن اتفاقه مع طهران على تسديد 1,6 مليار دولار اعتباراً من مطلع يونيو/حزيران لضمان تدفق الغاز خلال أشهر الصيف.
وعلى الرغم من أنه بلد غني بالنفط، يعاني العراق من أزمة في الطاقة والكهرباء، تتفاقم عادةً في موسم الصيف الذي تلامس فيه الحرارة 52 درجة مئوية أحياناً. ويعتمد البلد الذي تدهورت بنيته التحتية بسبب عقود من الحروب والعقوبات، على إيران لتأمين ثلث احتياجاته من الغاز.
صورة مركّبة
لكنّ هذه الصورة مركّبة ولا تظهر تضامن الكاظمي مع الشعب العراقي.
فالتفتيش عنها باستخدام محركات البحث، بحسب موقع "في ميزان فرانس برس" يرشد إليها منشورة في يوليو/تموز 2020، أي قبل نحو سنتين، على الحساب الرسمي للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء عبر تويتر.
ويبدو واضحاً التلاعب بالصورة، فالأصليّة غير مظلمة وفيها إنارة قويّة، كما عمد المروّجون للصورة المضلّلة إلى إضافة الشمعتين عليها.
النفق المظلم
وربما يحتاج العراق لضوء في نهاية النفق المعتم الذي دخله أمس الأحد مع التعقيدات السياسية التي قادت كتلة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى مطالبة نوابه الاستقالة من البرلمان، حتى وإن كان هذا الضوء لشمعة مفبركة في مكتب رئيس الوزراء.
ووقع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، أمس استقالات أعضاء الكتلة الصدرية من البرلمان الذي انتخب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومن شأن استقالة الكتلة الصدرية المكونة من 73 نائبا أن تضع المشهد السياسي في العراق أمام تطورات جديدة عبر التلويح إما بخيار حل البرلمان وإما الذهاب لانتخابات مبكرة.
ولا يمكن حل البرلمان إلا بقرار من مجلس النواب نفسه.
والتيار الصدري يرأس تحالف "إنقاذ وطن" مع كتلة "تقدّم" السنية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني، يُصر على تشكيل حكومة أغلبية.
بينما الإطار التنسيقي المكون من كتل أبرزها دولة "القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران، فيريد تشكيل حكومة توافقية تضم الأطراف الشيعية كافة، كما جرى عليه التقليد السياسي في العراق منذ سنوات، وهو ما يرفضه الصدر.
ومنذ الانتخابات النيابية الأخيرة التي شهدها العراق في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعيش العراق انسدادا سياسيا إثر عقدة سياسية أفرزت ثلاث محاولات فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية.
وكان الصدر وتحالفه الأقرب للمضي بتشكيل الحكومة الجديدة قبل أن تصدر المحكمة الاتحادية قرارها بإلزام التصويت على رئيس الجمهورية، بحضور 220 نائبا، ما فرض معادلة جديدة عرفت بـ"الثلث المعطل".