"طعام الملوك" على طاولة المعتصمين بالعراق.. مباراة "من جانب واحد" (صور)
يتبارى المتطوعون في صفوف أنصار زعيم تيار الصدر ليس فقط في ترديد الشعارات ورفع اللافتات خلال احتجاجهم المتواصل لأكثر من أسبوعين، ولكن وصل التنافس إلى حد الطعام.
ففي المنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية بغداد، يتنافس مضايف عشائرية وشخصيات ميسورة الحال في تقديم أفضل الخدمات من الراحة ووجبات الغذاء للمعتصمين، وهم يدخلون أسبوعهم الثالث في الحركة الاحتجاجية التي يقودها مقتدى الصدر ضد الفساد والتبعية السياسة للخارج.
ومنذ الأيام الأولى التي اقتحم فيها أنصار الصدر المنطقة وإعلان الاعتصام المفتوح احتجاجاً على المحاصصة وتبعية السلطة السياسية في البلاد، شهدت أروقة المنطقة الخضراء تدافعاً في أعداد المواكب وهي تمارس الطهي وتقدم أجود أنواع الغذاء بشكل مجاني.
وتمثل شرائح الفقراء وأصحاب الأحوال المعيشية المتدنية، النسبة الأكبر من أنصار الصدر الذي طالما عرفوا بالطاعة التامة والولاء لقائدهم طوال العقدين الماضيين وهو يتقدمهم في رفع مطالب تحقيق العدالة الاجتماعية ونزع الفساد من مؤسسات الدولة.
ويرابط أنصار التيار الصدري منذ نحو 17 يوماً عند المنطقة الدولية المحصنة وسط بغداد عند سرادق وخيم موزعة عند مقتربات مبنى البرلمان العراقي في خطوة أراد منها الصدر تعطيل انعقاد الجلسات النيابية بما يهيئ لمعسكره الخصم من الإطار التنسيقي تمرير مرشحه لرئاسة الوزراء.
ومع الألوف التي تتدفق على ذلك المكان بشكل يومي يجد أغلب المعتصمين وجبات غذاء على مدار ثلاثة أوقات جاهزة وبانتظارهم دون تدافع أو شح يربك مشهد الحصول على الطعام.
فضلاً عن ذلك تتوزع بين تلك الفترات موائد منوعة من الحلوى والفواكه وصنوف أخرى ربما لم تصل إلى تلك الأفواه في بيوتها.
وفي الأيام الأولى التي رافقت الاقتحام الثاني في نهاية الشهر الماضي، تحركت جموع مما يعرفون بـ"بمحبي الصدر"، بشاحنات كبيرة تحمل أغنام وعجول بغية تجهيزها وطهيها وتقديمها إلى معتصمي المنطقة الرئاسية.
ولكن وعلى ما يبدو أن ذلك لم يكن مرضياً لبعض المتبرعين وهم يتفانون في تقديم الأفضل والأندر والأغلى لجموع المحتجين، إذ أقدم بعض المتطوعين على نحر قطيع من الغزلان أمام البرلمان العراقي وتقديمها وجبات طعام إلى المتظاهرين.
يقول بسام البطبوطي، الذي يرابط منذ أسبوع عند أحد سرادق الاعتصام، إنه "ورغم الأعداد الكبيرة المتواجدة هنا فإن المأكل والمشرب وتجهيزات المبيت داخل المخيمات تجري في أفضل حالاتها يرافقها تجدد وتنوع كل يوم".
ويضيف البطبوطي، ذو الـ27 عاماً خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "بعض القائمين على خدمة الاحتجاجات والمحتجين عمدوا إلى بذل النفيس والغالي أمام المحتجين بما يحقق لهم الرفاهية والطمأنينة وحالات الراحة القصوى، إذا قدمت خلال اليومين الماضيين صنوف من الغزلان تبعها بعد ذلك حيوانات النعام".
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو، قبل يومين، أظهرت من خلالها مشرفين على سرادق الاعتصام وهو يقومون بنحر الغزلان وتقطيعها بغية إعدادها كوجبات طعام.
وبعدها بنحو يوم واحد، أقدمت بعض العشائر المساندة لمظاهرة الصدر وحركته الإصلاحية بجلب حيوانات النعام ذات الأحجام الكبيرة، لتقديمها على موائد المعتصمين.
أحمد شهاب، أحد أبناء القبائل الداعمة للصدر والمشاركين في تكفل وصول الغذاء إلى المتظاهرين، يقول إن "الغاية من ذلك لتحقيق النجاح في مساع الجماهير الاحتجاجية وهي تقتحم المنطقة التي يسكنها ساسة الفساد على أمل تحقيق التغيير المنشود".
ويوضح شهاب خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه وبمعية أفراد عشيرته جهزوا مجموعة من حيوانات النعام فضلاً عن لحوم الخراف لإطعام الأنصار المحتجين".
ولفت إلى أنه "تم إعداد قائمة ونشرها أمام مخيم الاعتصام لإعلام المتظاهرين بطبيعة الأكلات التي تقدم على مدار أسبوع التي من بينها (المفطح)".
ولاقت تلك الصور تفاعلاً كبيراً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يشيدون بتلك الخطوات وتفاني المحتجين بتقديم كل أسباب الدعم للإبقاء على ديمومة الاحتجاجات الإصلاحية وإمداد الزخم الجماهيري، فيما لا يجد الطرف الآخر من معتصمي الإطار التنسيقي نفس الاهتمام ويفتقد هذا النوع من التباري.
وجاءت بعض التعليقات بإشارة "ساخرة"، إلى المظاهرات التي تقيمها قوى الإطار التنسيقي وهو المعسكر الخصم للصدر، وكيف أن جمهورهم أقصى ما يمكن الحصول عليه "ربع دجاجة"، وقنينة ماء.
ورد آخر في تعليق مشابه: "جمهور الإطار التنسيقي يذهبون وقت الغداء إلى اعتصامات الصدريين للحصول على لحم الغزال والنعام وبعد الانتهاء يعودون إلى سرادق اعتصامهم".
وكان الإطار التنسيقي قد أعلن الجمعة الماضية، اعتصاماً مفتوحاً على غرار الصدريين ولكن جاء بذريعة "الدفاع عن شرعية الدولة والمؤسسات".