20 عاما على الغزو الأمريكي للعراق.. صفحات الفوضى وسنوات الصراع
20 عاما مضت على الغزو الأمريكي للعراق تجر وراءها صفحات من الفوضى وسنوات من الصراع، فيما لا تزال بلاد الرافدين تتطلع لديمقراطية ليبرالية.
كان ذلك المصطلح الذي تحدث عنه جورج بوش عندما أطاح بصدام حسين قبل عقدين من الزمن، كبديل عن النظام السابق، لكن ما حدث لاحقا كتب تاريخا أليما لشعب لا يزال يواجه محنا بأبعاد متعددة.
وما بين تاريخ الغزو في 20 مارس/آذار 2003 و2023 تمتد سنوات طويلة اختبر فيها العراق -ولا يزال- النزاعات الدامية والفساد ويعاني فيها من معاول خراب تمتد من إيران المجاورة لتفسد مساعيه نحو الاستقرار.
كان الهدف المعلن للإدارة الأمريكية واضحا، فالأوامر الموجهة إلى قواتها وقوات التحالف الدولي التي أرسلت إلى الصحراء العراقية قبل 20 عاما كانت مصادرة أسلحة الدمار الشامل المزعومة التي يملكها نظام صدام حسين، لكن قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) لم تعثر على أي أسلحة دمار شامل.
في المقابل، ما حصل هو الإطاحة وبلمح البصر بصدام حسين الذي كان يهيمن على السلطة في العراق منذ عام 1979، وتعهد بوش حينها "بفرض ديمقراطية ليبرالية" كبديل عن النظام، وهو ما لا يزال العراق يتطلع إليه دون نتائج ملموسة.
أحداث دامية
سامويل هيلفونت، أستاذ مساعد في الاستراتيجية والسياسة في الكلية البحرية للدراسات العليا في كاليفورنيا، يرى أن "الولايات المتحدة كانت تجهل كل شيء عن العراق".
ويقول هيلفونت. في حديث لوكالة فرانس برس: "لم يفهموا لا طبيعة المجتمع العراقي ولا طبيعة النظام الذي أطاحوا به".
وفي الواقع، فتح الغزو الباب أمام سلسلة من الأحداث الدامية من ذلك الهجوم الذي استهدف في 22 فبراير/شباط 2006 مرقدا شيعيا في سامراء (شمال بغداد) والذي كان الشرارة في اندلاع حرب طائفية ووقوع أعمال عنف غير مسبوقة استمرّت حتى عام 2008.
ومنذ 2003 وحتى عام 2011، تاريخ انسحاب القوات الأمريكية من العراق، قتل أكثر من 100 ألف مدني عراقي، وفق منظمة "ضحايا حرب العراق". في المقابل فقدت الولايات المتحدة قرابة 4500 عنصر في العراق.
لكن الصدمة الكبيرة والأخيرة التي تعرض لها العراق كانت سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من البلاد في صيف 2014 شملت نحو ثلث مساحة العراق، وانتهت أواخر عام 2017 عندما أعلنت بغداد "الانتصار" العسكري على التنظيم المتطرّف بعد معارك ضارية ودعم من تحالف دولي بقيادة واشنطن.
على طريق الديمقراطية
وبشكل بديهي، أفرزت أحداث العنف خلال العقدين الماضيين تغييرا عميقاً في المجتمع العراقي الذي يتميز بتنوعه العرقي والمذهبي الكبير.
فقد تراجعت أعداد المسيحيين في البلاد، بسبب تعرض هذه الأقلية لهجمات خلال الحرب الطائفية، وانتهاكات على أيدي عناصر تنظيم داعش، ما أنتج موجاتٍ متتالية من الهجرة.
أما الأيزيديون، وهم أقلية يعود تاريخهم لعدة قرون ويعتنقون ديانة توحيدية باطنية، فقد كانوا ضحايا جرائم ارتكبها التنظيم المتطرف، وصنّفها محققون في الأمم المتحدة على أنها إبادة جماعية.
وإجمالا، انتقل العراق من حالة فوضى إلى حالة حرب، فيما توترت العلاقات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي، خصوصا بشأن ملف صادرات النفط التي تخرج من الإقليم.
وأواخر 2019، شهدت بغداد والعديد من المناطق العراقية احتجاجات واسعة غير مسبوقة، تنديداً بـالفساد و"سوء الإدارة" و"التدخّل" الإيراني في شؤون العراق.
وأعقبت المظاهرات انتخابات تشريعية مبكرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وتطلب الأمر من الأحزاب السياسية عاماً كاملاً قبل الاتفاق على اسم رئيس جديد للوزراء، بعد مواجهات دامية بين فصائل مسلحة شيعية.
واليوم، يؤكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في حديث لوكالة فرانس برس، أنه يريد معالجة الفساد "وفقا للسياقات القانونية"، في بلد تهيمن هذه الآفة على أغلب مؤسساته ويحتل المرتبة 157 من بين 180 دولة من أكثر الدول فسادا في العالم، وفقا لمنظمة الشفافية الدولية.
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuMTkzIA==
جزيرة ام اند امز