جيش الـ101 عام.. "حصن العراق" لم يهدمه جرة القلم الأمريكية
يحتفل العراقيون، اليوم الخميس، بالذكرى الـ"101" لتأسيس جيش بلادهم الذي تشكل بعد عام واحد من إعلان تأسيس دولتهم.
وجاءت ولادة الجيش على أنقاض الهزيمة العثمانية في العراق، وبداية الاحتلال البريطاني للبلاد، إذ أعلنت السلطات في الـ6 من يناير/كانون ثاني من عام 1921، تشكيل أول فرقة عسكرية عراقية تحت اسم "موسى الكاظم".
وخلال تاريخه الممتد، عاش جيش العراق ظروفا وصراعات سياسية، دفعت بنادقه في بعض المراحل إلى التركيز على الانقلابات العسكرية، وحولت مهامه من حماية الحدود، إلى تحصين "أسوار الحكم".
وخلال تاريخه الطويل، اشترك الجيش العراقي في 4 محاولات انقلابية بدأت عام 1936 بقيادة بكر صدقي بعد الإطاحة بحكومة حكمت سليمان؛ مروراً بأحداث يوليو/تموز 1958 التي دشنت بداية الحكم الجمهوري وانتهاء عصر الملكية، وصولاً إلى انقلابي 1963 و1968 ووصول حزب البعث إلى السلطة.
سمعة دولية
وبعد فترة الانقلابات، حظى الجيش العراقي بسمعة دولية وتصنيف متقدم؛ خاصة إبان الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي؛ إذ حل في المرتبة السادسة بين أقوى الجيوش في العالم.
لكن هذا التاريخ الطويل من الانقلابات والنجاحات، شٌطب في عام ٢٠٠٣، بجرة قلم من الحاكم الأمريكي بول بريمر، الذي قرر حل الجيش العراقي وتأسيس قوة جديدة مختلفة في العقيدة والتسليح والهيكل.
وتتزامن ذكرى تأسيس الجيش العراقي الـ101، مع انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف الدولي والجيش الأمريكي في مكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي، وعودة مهمة تأمين البلاد إلى الأيادي العراقية.
وفي هذا الإطار، يقول الخبير العسكري، جودت جهاد، لـ"العين الإخبارية"، إن "الظروف السياسية واشكاليات الصراع تركت بصماتها بشكل كبير على طبيعة وقدرات الجيش العراقي".
ويوضح جهاد، "إذا ما طالعنا البدايات التأسيسية للجيش العراقي وصولاً إلى عام 2003، ومقارنتها بما هذا التاريخ، سنجد فارقا كبيراً وواضحاً في طريقة البناء والانتماء والمهام، حيث طغى غياب المهنية في اختيار القيادات وسيطرت المحسوبية والمحاصصة في اختيار الكوادر العسكرية المتقدمة في الفترة الأخيرة".
ويضيف الخبير العراقي، "تلك السلوكيات التي باتت سائدة في المؤسسة العسكرية، تنذر بتداعيات خطيرة تلقي بظلالها على قدرات الجيش وإمكانيات الصمود بوجه التحديات الأمنية الكبيرة التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن".
سطوة المليشيات
وفي مرحلة ما بعد ٢٠٠٣، برزت مراكز قوى عسكرية أخرى بخلاف الجيش والمفاصل الأمنية الأخرى، إذ تأسست فصائل ومليشيات مسلحة تدين بالولاء للخارج، وارتفعت قدرة بنادقها وسطوة تأثيرها بعد أحداث يونيو/ حزيران 2014 وسيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على كثير من المدن العراقية.
وتطالب أوساط سياسية في الوقت الراهن، بإبعاد الجيش عن قبضة القرار السياسي والنزاعات الإقليمية والدولية التي تصب في صالح قوى خارجية تأتي في مقدمتها إيران.
الخبير الأمني أحمد الشريفي يقول في هذا الإطار، إن "تاريخ الجيش العراقي حافل بالأحداث المهمة التي ساهمت في إنتاج تموضعات مختلفة في خرائط النزاع والمواجهة ليس على المستوى العراقي الداخلي فحسب؛ وإنما خارجياً وصولا إلى فضاءات دولية أبعد من حدود المنطقة برمتها".
ويتابع أن "العقيدة الوطنية ميزت الجيش العراقي خلال الفترة الملكية، لكن بنهاية هذا العهد، تم الزج بالقوة العسكرية في المعترك السياسي والحزبي، ما أدى إلى إبعاد الجيش عن مساره المرسوم ودوره الوظيفي المتبع".
ويضيف الشريفي في حديث لـ"العين الإخبارية"، "كان من المأمول خلال الفترة الحالية أن يتم إبعاد الجيش العراقي عن المحاصصة والتجاذبات السياسية، على اعتبار أنها تؤثر على الولاءات، وتحدث خللاً في المؤسسة الأمنية، وهو ما ظهر في انهيار الهياكل العسكرية بسرعة أمام تنظيم داعش في ٢٠١٤".
الشريفي قال أيضا إن "المرحلة الحالية تفرض أن تملك المؤسسة العسكرية استراتيجيات بعيدة المدى لتسهم في تحقيق الحصانة للجبهة الداخلية والخارجية، حتى لا نعتمد على مساعدة ومساندة القوى الإقليمية والدولية.. هذا سيتحقق في حال تمكين المشروع الوطني".