مؤتمر بغداد.. العراق يعيد التموضع كأرض للفرص لا منصة لحروب بالإنابة
اختتم مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في نسخته الثانية أعماله في الأردن بالتأكيد على دعم وإسناد العراق في مختلف المجالات.
ورأى مراقبون ومختصون في الشأن العراقي أن المؤتمر الذي جرت وقائعه اليوم الثلاثاء حمل رسالة بشأن إرادة سياسية إقليمية ودولية على وضع العراق عل المسار الصحيح بما يعود بالفائدة على المنطقة برمتها.
وخلال المؤتمر قدم رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني أوراق اعتماده على الساحة السياسية الإقليمية في استكمال لخطوات دشنها سلفه مصطفى الكاظمي تكللت بالانفتاح على الفضاء الخارجي الإقليمي والدولي بتحريك العراق من الشرق إلى الغرب .
ويأمل العراق من انعقاد ذلك المؤتمر، تعزيز حضوره الإقليمي والدولي وربط البلاد باستثمارات واتفاقيات من شأنها تذليل الكثير من المشكلات الكبيرة والمستعصية بينها الفساد والسلاح المفلت والاقتصاد الريعي القائم على واردات النفط الخام.
وتدفع تلك الخطوة في كسب السوداني موثقية أكبر في المحيط الإقليمي والعربي على وجه العموم من خلال السير على خطى الكاظمي الذي شهدت البلاد في حقبته أفضل حالاتها على مستوى العلاقات الخارجية والقبول الدولي.
وتسود الأوساط العراقية العامة حالة من الجدل وعدم الاطمئنان لحكومة السوداني بوصفها تنحدر من الإطار التنسيقي الذي يضم قوى مقربة من إيران وهو ما يفاقم من معاناة الشارع الجماهيري الذي ينتظر الخلاص من التبعية السياسية وبناء القرار الوطني وفق المصالح السيادية.
وفي هذا الإطار قال عضو مجلس النواب عباس الزاملي، إن "العراق بدأ مرحلة جديدة باتجاه الإعمار والبناء وتطوير قدراته على الصعيد الداخلي وكذلك بدأ مساعي ليكون حلقة وصل واتصال بلعب دور التقريب والوساطة إزاء الكثير من الأزمات التي تعكر صفو العلاقات بين دول المنطقة".
وأكد الزاملي خلال حديث لـ"العين الإخبارية" أن "العراق ومن خلال حكومة السوداني عازم على تعضيد الدور الريادي للبلاد وتوجيه بوصلة العلاقات وفق منطق المصالح المشتركة".
بدوره، رأى المحلل السياسي، نجم القصاب، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "العراق أمام فرصة جديدة للبناء والتواصل ومد الجسور مع كبرى الدول على المستوى الجيوسياسي للبلاد والمناطقي للخارطة الدولية بما يفرض الإمساك بتلك اللحظة وترجمتها على شكل وقائع وحقائق ومشاريع على الأرض".
وأضاف القصاب أن "مخرجات مؤتمر بغداد بنسخته الثانية كان أكثر وضوحاً وأقرب دقة في تشخيص مشكلات العراق وخصوصاً مع رفض الخروقات السيادية والتأشير على خطر التدخلات الخارجية في شأنه الداخلي وهو ما يعد بمثابة خارطة طريق دولية يتحرك من خلالها السوداني مشفوعاً بذلك الدعم الكبير".
وأشار إلى أن "المنفعة ليست مقتصرة على العراق وإنما تكاملية وبأكثر من اتجاه في ظل وجود دول مشاركة تعاني من أزمات اقتصادية كبيرة يجعلها أمام فرص كبيرة للاستثمار مع بغداد بما يهيئ لها إمكانات وقدرات لتذليل مشكلاتها التنموية والمالية وحتى السياسية".
من جهته، لفت الخبير الاستراتيجي غازي فيصل، إلى أن "العراق وبحكم الموقع والمعطى الحاضر يجعل منه محط اهتمام للكثير من القوى الدولية المهمة بينها فرنسا التي كانت وما زالت حاضرة بقوة وهي لا تمثل ذاتها فقط وإنما تنسحب مشاركتها على تمثيل الاتحاد الأوروبي والخط الغربي بشكل عام".
إلا أن ذلك ليس كافياً لانتزاع الشرعية الدولية بحسب فيصل، كون العراق بلداً أخفق كثيراً وأهدر الوقت الكثير بإضاعة الأموال والموارد جراء الفساد ونفوذ المليشيات التي ما زالت تمتلك تأثيراً كبيراً على القرار السيادي والسياسي في البلاد.
وشدد على أن "المؤتمرات وعقود الصداقة مع تلك الدول المهمة تحتاج إلى مواثيق عمل وبرامج حتى يستطيع العراق إثبات شفافية قراره السياسي وتصدير موقعه الجغرافي كأرض حياد وليس كمنصات للحروب بالإنابة".