مليشيات إيران تفاقم آلام العراق وسط أزمتي كورونا والنفط
مسؤول أمني عراقي أكد أن مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران تخطط لعمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية بالعراق والشرق الأوسط
تتأهب مليشيات عراقية تابعة لإيران لشن هجمات إرهابية جديدة ضد المصالح الأمريكية، ما يرفع من درجة التوتر في البلد الذي يعاني من تفشي فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط.
وقال مسؤول أمني عراقي إن مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية وحلفائها في العراق، بالتزامن مع الانشغال العالمي بأزمة كورونا.
ومع ارتفاع عدد المصابين بفيروس كورونا وبلوغ العراق مرحلة الذروة، زاد تدهور الوضع الأمني بالبلاد في ظل تحكم مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران بمفاصل الدولة واستمرارها بتنفيذ خطتها لجعل هذا البلد ساحة حرب بين واشنطن وطهران، بحسب خبراء ومراقبين.
وارتفعت حالات الإصابة بفيروس كورونا، الأحد، في العراق إلى 506 حالات بعد تسجيل 48 إصابة جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية.
هجمات إرهابية
المسؤول الأمني تحدث لـ"العين الإخبارية"، مؤكداً أن "فيلق القدس الإيراني والحشد الشعبي، خاصة مليشيا كتائب حزب الله، تستعد لشن هجمات إرهابية واسعة ضد مصالح أمريكا المدنية والعسكرية وحلفائها في العراق، بعد أن حصلت على أسلحة وصواريخ متنوعة وطائرات مسيرة من إيران لتنفيذ هذه الهجمات.
وما يزيد من خطورة الأمر، تنفيذ مليشيا كتائب حزب الله، مساء الخميس، مناورات عسكرية بالذخيرة الحية في بلدة جرف الصخر جنوب غرب بغداد التي تحتضن العديد من قواعد الحشد الشعبي وفيلق القدس ومليشيا حزب الله اللبنانية.
وحملت المناورات اسم "صيد الغربان"، ونفذها آلاف المسلحين ضمن تمرين تعبوي استخدمت فيه أسلحة متطورة، وحاكت خوض معركة في الغابات والتدريب على حرب المدن، وسيناريوهات التصدي لإنزال جوي ولتعرض بري.
وتزامنا مع هذه المناورات، كشفت تقارير صحفية أمريكية أن البنتاجون أصدر أوامر للقادة العسكريين بالاستعداد لتصعيد القتال في العراق، وسط تحذيرات من وقوع حرب مع إيران.
وفي مذكرة الأسبوع الماضي، قال القائد بالجيش الأمريكي الجنرال روبرت وايت إن الحملة العسكرية الجديدة ستتطلب إرسال آلاف من الجنود الإضافيين إلى العراق، وتحويل الموارد من المهمة العسكرية الرئيسية هناك، التي تقوم على تدريب القوات لقتال تنظيم داعش.
يأتي هذا وسط صراع محتدم داخل الإدارة الأمريكية بشأن السياسة تجاه إيران ومسار العمليات الأمريكية في العراق، التي بدأت قبل 17 عاما.
لكن بعض المسؤولين رفيعي المستوى، من بينهم وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، كانوا يدفعون باتجاه عملية جديدة ضد إيران ووكلائها.
ضربة أمريكية قريبة
أمام ذلك، اعتبر الخبير العسكري العراقي أعياد طوفان أن الأحداث الحالية زادت من أوضاع العراق سوءا وعمقت من معنى اللادولة به.
وتابع طوفان: "بات العراق على شفا حفرة من النار بسبب الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والصحية السيئة، ففي الوقت الذي يجب فيه أن نعمل جميعا لمواجهة وباء كورونا نرى أن دولة العصابات والمليشيات والفصائل المسلحة المنفلتة غير معنية بالكارثة الصحية التي ستعم البلد وتراهم بين الحين والآخر يقصفون القواعد المشتركة التي توجد فيها القوات الأمريكية".
وبدا واضحاً الآن أن أمر المليشيات قد حسم بالنسبة للبيت الأبيض، بحسب طوفان الذي أضاف: "المناورات العسكرية الأمريكية وإجراءاتهم وتحركاتهم الأخيرة ستكون بمثابة رصاصة الرحمة التي ستطلقها واشنطن على هذه المليشيات".
وأشار إلى أن تغيير القوات الأمريكية مواقع تمركزها وتحركاتها يعد مؤشرا كبيرا على استعدادها لتوجيه ضربة قاضية للمليشيات الإيرانية، وجميعها تؤكد أن عملا عسكريا قادما سيكون قريبا جدا.
ومع انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع الدول الكبرى، سعت إيران للرد على خطوة واشنطن في الساحة العراقية عبر أدواتها لكن المواجهة باتت مفتوحة في أعقاب مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في غارة أمريكية قرب مطار بغداد، مطلع العام الجاري.
وسلمت القوات الأمريكية، منذ أكثر من شهر، قاعدتي الرمانة شمال القائم والقيارة جنوب الموصل للقوات العراقية، وكلتاهما من القواعد المؤقتة التي أقامتها فرقة المهام المشتركة الأمريكية لحماية الحدود العراقية السورية والموصل، لكنها عززت قواعدها في عين الأسد والتاجي وبلد والحبانية وقاعدة مطار بغداد بمنظومة باتريوت، وفقاً لـ"طوفان".
أزمة اقتصادية
وفي ظل استمرار التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي واستمرار مليشيات الحشد بتأزيم الوضع داخليا وخارجيا من خلال ممارستها الإرهابية، باتت بغداد أمام أزمة اقتصادية تلوح بالأفق لتزيد من عمق مشكلاته وسط تفاقم أزمته الصحية بسبب فيروس كورونا الذي قد يتحول إلى كارثة صحية في البلاد، بحسب مصادر طبية.
وشدد الخبير الاقتصادي العراقي خطاب عمران الضامن على أن الحكومات المتعاقبة منذ عام 2004 في البلاد فشلت حتى الآن في إدارة وتنمية القطاعات الإنتاجية.
ويواجه العراق في الظروف الراهنة أزمة مالية خطيرة، تتمثل في انخفاض أسعار النفط عالمياً، الأمر الذي سيحرم الموازنة العامة من مليارات الدولارات، ويمكن تقدير خسائر البلاد بـ3.8 مليار دولار شهريا، في وقت يتم تصدير 3.4 مليون برميل يومياً، وفقاً لما أكده الضامن.
وزاد الطين بلة ظهور أزمة توقف شحنات المواد الغذائية والسلع الأجنبية المختلفة بعد إيقاف حركة النقل البحري والبري والجوي بين بلدان العالم، ما يهدد الأمن الغذائي في حال استمرت أزمة كورونا لأشهر أخرى.
ووصف الضامن الإمكانيات الطبية العراقية لمواجهة كورونا من حيث الفحص والإيواء والعناية بـ"الضعيفة" بسبب الفساد والنقص الحاد بأجهزة العناية المركزة، وتقادم البنى التحتية للمستشفيات.
ولم يعد أمام حكومة تصريف الأعمال التي يقودها رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي حلولا اقتصادية تلوح في الأفق سوى استنزاف خزينة البنك المركزي من الدولارات، والاستمرار بالاقتراض الداخلي والخارجي، وربما الادخار الإجباري من رواتب الموظفين، لتمويل الإنفاق العام ومتطلبات مواجهة أزمة كورونا.
ووسط عاصفة الأزمات التي تضرب العراق، دعا الضامن إلى تشكيل لجنة خبراء مستقلين ومتخصصين من البنك المركزي العراقي والجامعات لدراسة الحلول العلمية الممكنة لمواجهة هذه الأزمة المركبة وتقديمها للحكومة، مع ضرورة إبعاد رجالات الأحزاب ووكلائهم عن إدارة الأزمة كونهم غير مختصين.