إلغاء تعويم الدينار العراقي.. حرب مستعرة بين مليشيات الفساد والكاظمي
لا تزال بعض القوى السياسية في العراق تحشد الرأي العام في محاولة للضغط على الجهات التشريعية والتنفيذية للتراجع عن قرار تعويم الدينار.
ورغم إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2021، في الـ31 من مارس/آذار الماضي، وتثبيت البند القانوني الخاص بصرف الدولار عند 145 للدينار العراقي الواحد، إلا أن تحركات بعض الأحزاب ما زالت قائمة بمهاجمة ذلك التوجه وكيل الاتهامات لحكومة الكاظمي.
وقبيل إقرار الموازنة، جمع أكثر من 130 توقيعاً نيابياً لتقديم طلب إلى رئاسة البرلمان بخفض سعر الدولار والانتهاء من تعويم العملة بذريعة ارتفاع أسعار النفط العالمية وانتفاء الحاجة إلى الابقاء على تلك السياسة النقدية.
فيما أبدى رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي رفضه لتلك المطالبات بعد أن حقق العراق نموا في الاحتياطي النقدي، وتحسن تصنيف العراق الائتماني دوليا، مطالبا النواب بالتراجع عن هذه "المزايدات".
- سعر الدولار في العراق اليوم الأحد 4 أبريل 2021.. قفزة جديدة
- أخيرا.. برلمان العراق يصوت على مشروع موازنة 2021 الاتحادية
وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قرر البنك المركزي العراقي تعديل سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار ليكون 1460 دينارا مقابل الدولار الواحد بعدما كان السعر يقارب الـ1200 دينار.
واضطر العراق إلى تعويم عملته أمام الدولار بعدما بلغت الأزمة المالية ذروتها، حينما أعلنت الحكومة عجزها عن تأمين رواتب الموظفين نتيجة انخفاض أسعار النفط والظروف التي رافقت جائحة كورونا العالمية.
يقول الخبير الاقتصادي، علاء الفهد، إن قرار رفع قيمة صرف الدولار إجراء نقدي تفرضه المعطيات الآنية وضرورات المرحلة لتدارك انخفاض الاحتياطات، نتيجة عمليات تهريب العملة التي تمارس من قبل الكثير من الجهات طيلة السنوات الماضية.
ويوضح الفهد، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، عن مكامن القوة والضعف في ذلك الإجراء الحكومي، مبيناً أن "القرار فيه سلبيات وإيجابيات، ولكن لا يمكن حصشد ثماره في المرحلة الأولى كون أن هنالك سياسة إغراق تمارس بإدخال بضائع عشوائية وغير مفيدة ولا يستطيع القطاع المحلي إنتاج هذه البضائع لكونها رخيصة جدا".
ويردف بالقول، "هذا القرار يرفع سعر هذه السلع المستوردة، وهو ما يسمح بدخول البضائع المحلية لسوق المنافسة أمام السلع الأجنبية.. ولكن هذا لا يمكن تمريره بين ليلة وضحاها.. وإنما يحتاج إلى تنشيط القطاع الزراعي والصناعي وتطوير البنية التحتية.. وتفعيل إجراءات وقائية لحماية الطبقات الفقيرة وسط ارتفاع معدلات التضخم.. مثل تفعيل البطاقة التموينية وشبكة الرعاية الاجتماعية ".
وبشأن المطالبات الرامية إلى خفض صرف الدولار، يبين الفهد، أن "الموضوع فيه مزايدات سياسية أكثر من كونه اقتصاديا، فعلى سبيل المثال كان الدولار يباع بسعر 118 دينارا قبل قرار الرفع، فيما كان يصل سعره إلى نحو 130 دينارا للدولار الواحد في السوق الموازية، وبالتالي فإن المواطن لم يكن يستفاد من ذلك وإنما الفائدة تعود إلى الجهات المسيطرة على منافذ بيع العملة التي يشوبها الفساد".
يأتي هذا في وقت أكد فيه هيثم الجبوري، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، أن قرار رفع الدولار أمام الدينار تم اتخاذه بحضور وموافقة جميع الكتل السياسية وضمن اجتماع عقد مع رئيس الوزراء.
وأضاف الجبوري، خلال تصريح لإحدى القنوات التلفزيونية، أمس الإثنين، أن إدعاءات الكتل السياسية بالاعتراض على سعر الصرف "كلام يهدف لإحراج حكومة الكاظمي خوفاً من أن تحقق الحكومة أي إنجاز من بناء مدرسة أو تأهيل شارع، خوفاً من تصاعد حظوظه الانتخابية مع الذهاب إلى أكتوبر المقبل".
وحول الأطراف الخاسرة ومحاولات تأجيج الوضع المعاشي للمواطن، يبين الخبير الاقتصادي، علاء الفهد، أن هنالك جهات تأثرت كون أن لديها مكاسب تصل لملايين الدولارات، لذا تحاول أن تشوش على الرأي العام من خلال الطعن وتشويه ذلك القرار، وهو ما يتوجب على خبراء السياسة النقدية في البلاد توضيح الحقائق وتفويت الفرصة على هؤلاء النفعيين".
ويستدرك بالقول، إنه "لا يمكن أن تتحكم السياسية في كل شيء، فهنالك مصالح تحتاج إلى رؤية وخبرة وأرقام تخضع لمعادلة الربح والخسارة والحسابات الاستراتيجية، وهو ما تجلى في قرار تعويم العملة بعد اتخاذه بالتشاور بين الجهات الاقتصادية العراقية والبنك الدولي".
ويؤكد الفهد، أنه "ليس قرار مثالي ولكن تم اتخاذه لظروف طارئة وتحت وطأة أزمة خانقة جاءت نتيجة الفساد وضعف الأنظمة المالية والبنكية التي سهلت لبعض الجهات التلاعب والاكتناز غير المشروع على حساب النمو الاقتصادي".
ويلفت إلى أنه "لو أجرينا مراجعة لميزان المدفوعات والواردات خلال المدد الماضية لوجدنا أن حجم الأموال من العملة الصعبة من الصادرات لا توازي قيمة العملة الصعبة التي استخدمت لاستيراد سلع وبضائع".
وحول التذرع بالعودة إلى قيمة الصرف السابقة قبيل ديسمبر/كانون الأول الماضي كون أن اسعار النفط شهدت تصاعداً تجاوز الـ60 دولار، يوضح الخبير الاقتصادي، أنه "منطق غير مدروس ويخلو من النظرة العلمية والعملية، وذلك لأن ظروف الغلق نتيجة ظروف جائحة كورنا تجعل من أسعار النفط متذبذبة وغير مستقرة ولا يمكن الوثوق بتعافي نموها في السوق العالمية.