رغم إقراره وتحصينه.. قانون العراق الطارئ لأمن الغذاء في مرمى الاتهامات
لا زال الجدل يسيطر على جهات صنع القرار في العراق بشأن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، والذي تم تمريره بأغلبية مطلقة.
ورغم إقراره بعد الجدل والطعن بمسوداته التشريعية قبيل التصويت على النسخة النهائية من قبل البرلمان العراقي أمس الأربعاء، إلا أنه مازال في موضع تداول وتناول بسبب تداعياته على الموازنة العامة للبلاد المتعطل إقرارها حتى الآن.
وكان مجلس النواب العراقي، نجح أمس في جلسته التشريعية الأخيرة من الفصل التشريعي الأول بتمرير قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بأغلبية مطلقة.
ويهدف القانون الذي دفع بمسودته مجلس الوزراء مطلع العام الحالي، الاستفادة من فائض الواردات المالية من مبيعات النفط الخام بعد ارتفاع أسعارها العالمية وتوجيهها نحو استخدامات عاجلة وملحة من بينها الغذاء والكهرباء والصحة ورواتب الشرائح الاجتماعية المصنفة تحت خط الفقر.
- بعد خلافات 90 يوما.. برلمان العراق يمرر قانونا طارئا لأمن الغذاء
- حرب المياه.. سدود إيران وتركيا تهدد العراق بالجفاف
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، دعا خلال شهر أبريل/نيسان الماضي القوى السياسية إلى التصويت على قانون الأمن الغذائي دون "تفريغه من محتواه"، مشيراً إلى أن القانون يهدف لتوفير "الحماية اللازمة لشعبنا".
ويعنى القانون بحسب المسودة التي تم التصويت عليها أمس الأربعاء والمكونة من 11 بنداً، بمجالات مختلفة من بينها دعم الأقاليم والمحافظات ذات "المحرومية" وتأمين متطلبات شراء الغذاء من القمح والحنطة وغيرها فضلاً عن تخصيصات مالية لقطاع الصحة والكهرباء والزراعة.
وواجه القانون قبيل إقراره اعتراضاً كان الأكبر من قبل قوى الإطار التنسيقي التي طعنت في جدواه وأهميته فضلاً عن وصفه بأنه "تشريعاً للفساد"، قبل أن تتبدل المواقف بالتصويت والقبول على تمريره.
مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر صالح، يوضح خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه "وفي ظل اتساع دائرة الفقر والبطالة في البلاد وبمعدلات مقلقة فإن القانون الطارئ للأمن الغذائي يمثل دفعة مالية تعويضية إنقاذية مؤقتة لإجمالي المصروفات المحددة بقانون الإدارة المالية على وفق الآلية المنصوص عليها".
ويضيف صالح، أن "القانون الطارئ للأمن الغذائي هو أمر استثنائي يتلائم مع الظرف السياسي الاستثنائي الراهن ولكنه ليس البديل عن قانون الموازنة العامة الاتحادية في الأحوال كافة الذي طال انتظاره".
ووفق قرارات المحكمة الدستورية، وهي السلطة القضائية الأعلى في العراق (لا يسمح بتمرير القوانين وعرضها على مجلس النواب من خلال حكومة تصريف الأعمال) .
وبناء على ما تقدم، كما يشير المستشار المالي و"لصعوبة الوضع المعاشي في البلاد جراء التضخم الكبير وتدهور معيشة الطبقات المحدودة الدخل وانتشار الفقر، فإن النفقات المالية (المقيدة بموجب المادة ١٣ من قانون الإدارة المالية رقم ٦ لسنة ٢٠١٩ المعدل بالصرف ١٢/١ من المصروفات الفعلية الجارية التي اعتمدت في موازنة العام ٢٠٢١) أمست لا تكفي لمواجهة المتطلبات المعيشية وعموم النفقات التشغيلية الاجتماعية عند الصرف بتلك النسبة بسبب التضخم الكبير في أسعار السلع العالمية ولاسيما ارتفاع تكاليف استيراد مواد البطاقة التموينية والوقود والكهرباء والغاز وإجمالي الاستيرادات الحكومية الأخرى".
إلا ان الخبير القانوني علي التميمي، يرى أن "القانون الذي تم التصويت عليه من قبل مجلس النواب فيه الكثير من الملاحظات بدءاً من العنوان وتناسبه مع عديد فقراته وبنوده".
ويضيف التميمي، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "القانون جاء تحت تسمية الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية فيما جاءت أغلب تخصيصاته لجوانب بعيدة عن تحقيق التعامل مع المضامين الذي وجد من أجله ذلك التشريع".
فضلاً عن ذلك، كما يوضح التميمي، أن "المسودة السابقة للقانون كانت تتضمن تشكيل لجان رقابية لمتابعة مجريات تطبيق التخصيصات فيما وجدنا ذلك البند قد رفع من النسخة التي صوت عليها البرلمان يوم أمس".
ويعطف بالقول: "إن أغلب البنود الإحدى عشر من قانون الأمن الطارئ جاءت مقتضبة وبشكل يفتح باب الاجتهاد والتفسير المتعدد مما قد يضع التخصيصات المالية البالغة 25 تريليون دينار في محل شبهة وفساد".
إلى ذلك قال النائب العراقي المستقل، باسم خشان، في مقطع مصور بعد إقرار مجلس النواب للقانون إنه "يتضمن مخالفات كثيرة.. ناهيك عن تغيير الأرقام وإضافة فقرات جديدة بالنسبة للتخصيصات بعد اتفاق اللجنة المالية".
ويشرح أن "هذا الأمر تم بطريقة غير قانونية وغير دستورية"، مشيرا إلى أنه "سيراجع القانون للنظر في الطعن فيه بشكل كلي أو جزئي".
وكان البرلمان ضمن مشروع القانون فقرة تقتضي نفاذه من لحظة التصويت عليه من قبل البرلمان دون الحاجة إلى المصادقة عليه من قبل رئاسة الجمهورية أو المحكمة الاتحادية مما يعني تحصينه من أي محاولات طعن قضائي.
فيما يؤكد الخبير القانوني التميمي، أنه "وبحسب المادة 93 من الدستور العراقي لا يوجد قانون محصن من الطعن وبالتالي لكل ذي مصلحة التحرك قضائياً إذا كانت هنالك مؤشرات حول تشريع أو قانون يتضاد مع المقررات الدستورية".