الكاظمي يبدأ مهمته وسط تحديات وأزمات يعانيها العراق
الحكومة العراقية المؤقتة نالت الثقة الأربعاء بشكل جزئي، حيث صوت مجلس النواب العراقي على ١٥ وزيرا
حصر السلاح بيد الدولة وإنهاء سلطة المليشيات الإيرانية ومواجهة تداعيات فيروس كورونا والاستجابة لمطالب المحتجين، وتحديات أخرى تمثل تركة ثقيلة من الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي باتت حكومة العراقية الجديدة المؤقتة برئاسة مصطفى الكاظمي على موعد معها.
ونالت الحكومة العراقية المؤقتة الثقة الأربعاء بشكل جزئي، حيث صوت مجلس النواب العراقي على ١٥ وزيرا تمثلوا بوزراء الداخلية والدفاع والمالية والتخطيط والصحة والتعليم العالي والكهرباء والإعمار والنقل والشباب والصناعة والاتصالات والعمل والموارد المائية والتربية، فيما رفض مرشحو وزارات التجارة والعدل والثقافة والزراعة والهجرة، وأجل التصويت على وزارتي الخارجية والنفط.
وقال الكاظمي بعد أدائه القسم رئيسا للوزراء في أول تعليق له على "تويتر": "منحَ مجلس النواب الموقّر ثقته لحكومتي، وسأعمل بمعيّة الفريق الوزاري الكريم بشكلٍ حثيثٍ على كسب ثقة ودعم شعبنا. امتناني لكل من دعمنا، وأملي ان تتكاتف القوى السياسية جميعاً لمواجهة التحديات الصعبة، سيادة العراق وأمنه واستقراره وازدهاره مسارنا".
ولدت الحكومة العراقية الجديدة بعد مخاض عسير شهدته العملية السياسية العراقية استمرت نحو ٥ أشهر منذ إعلان رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي استقالته في ٣٠ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تحت ضغوطات الشارع العراقي المنتفض في بغداد ومدن جنوب العراق منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وحتى الآن.
وحالت الخلافات السياسية والتدخلات الإيرانية خلال الأشهر الستة دون تشكيل الحكومة، حيث فشل كل من المكلفين الأول محمد توفيق علاوي والثاني عدنان الزرفي في تشكيل الحكومة، ونجح الكاظمي في تشكيل الحكومة الجديدة، لكن كاهلها مثقل بالوعود وتئن تحت وطأة ضغوطات داخلية وخارجية وأزمات كثيرة تجب عليها معالجتها في وقت قياسي قبل تنظيم انتخابات مبكرة استجابة لمطالب المحتجين.
وأوضح الخبير السياسي والاستراتيجي العراقي هشام الهاشمي لـ"العين الإخبارية" أن "التحديات التي تنتظر الحكومة العراقية الجديدة ضخمة، تتمثل في مكافحة فيروس كورونا، وحصر السلاح السائب وتفكيك سطوته أمنياً، والتصدي لعودة داعش، والعلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية، والانسحاب الأمريكي من العراق وإعفاءات شراء الطاقة الإيرانية من دون عقوبات، وقروض صندوق النقد الدولي، وعودة الاحتجاجات الشعبية، وتضاعف معدلات الفقر، ومحاسبة قتلة المحتجين وتنظيم انتخابات مبكرة، وميزانية غير مصوّت عليها، وانهيار إيرادات النفط، فضلا عن طباعة العملة ورواتب الموظفين والمتقاعدين".
ولعل التحدي الأبرز والأصعب الذي يعتبر عائقا أمام الكاظمي لتحرير العراق من سيطرة النظام الإيراني ومليشياته ومواجهة الأزمات التي تعصف بالعراق بسبب التوغل الإيراني في مفاصله، هو تفكيك الدولة العميقة للنفوذ الإيراني الذي تمكن خلال السنوات الماضية من أن يتغلغل في العراق ويتحكم بسياساته الخارجية والداخلية وشؤونه الأمنية والاقتصادية، وأصبحت هذه الدولة أكثر قوة في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي الذي منح امتيازات كبيرة لإيران ومكنها أكثر من السيطرة على الساحة العراقية.
واعتبر الخبير السياسي العراقي إحسان الشمري أن "تفكيك الدولة العميقة لعبدالمهدي (كتأسيس وتمكين) المهمة الأصعب لرئيس الوزراء الكاظمي"، لافتا إلى أن الدولة العميقة كانت مسؤولة عن انهيار العراق.
وعقب منح الثقة للكاظمي وتشكيلته الوزارية، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عبر تغريدة على "تويتر"، أنه أجرى اتصالا برئيس الوزراء العراقي الجديد.
وتابع بومبيو: "الآن يأتي العمل العاجل والجاد لتنفيذ الإصلاحات التي طالب بها الشعب العراقي. لقد تعهدت بمساعدته في تنفيذ أجندته الجريئة من أجل الشعب العراقي".
ولا تتوقف التحديات التي تواجهها الحكومة العراقية الجديدة عند هذا الحد، بل تتجاوزه إلى تحديات أخرى في مجالات إدارة البلاد ومواجهة الفساد المستشرى في مفاصل الدولة التي تهدر الأموال والثروات وتهدد الاقتصاد العراقي بالانهيار.
في غضون ذلك، شدد الخبير الاقتصادي والسياسي العراقي خطاب عمران الضامن لـ"العين الإخبارية" على "ضرورة أن يثبت رئيس الوزراء حُسن نيته عن طريق تفعيل قانون العقوبات وحسم قضايا الفساد التي جرى تسويفها خلال السنوات الماضية والحصول على أحكام قضائية تدين الجناة وتعيد الأموال المنهوبة، ووضع حد لظاهرة بيع المناصب والوظائف التي تصاعدت بشكل كبير خلال حكم سلفه عبدالمهدي".
وأضاف الضامن أن أزمة انخفاض أسعار النفط وتفاقم العجز في الموازنة العامة واحتمال عجز الدولة عن تسديد مستحقات الرواتب والتقاعد من أكبر التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الدولة العراقية بعد عام ٢٠٠٣، إضافة الى ارتفاع معدلات البطالة ومستويات الفقر.
وأكد الضامن ضرورة اتخاذ الحكومة مجموعة من الخطوات لمواجهة الأزمة؛ منها اعتماد سياسة تقشف حكومية تعمل على حفظ النفقات العامة غير الضرورية كمخصصات الضيافة والسفر والإيفاد للرئاسات الثلاث، وخفض رواتب ومخصصات الوزراء والدرجات الخاصة، ووضع خطة ادخار إجباري لرواتب الموظفين تتلاءم مع العجز المالي القائم والمدة المتوقعة لاستمراره، وتكون ملائمة لظروف كل شريحة من الموظفين مع مراعاة عدد أفراد الأسرة وتكاليف الحياة في كل محافظة، والعمل على دعم الإنتاج الوطني في المجالات الزراعية والصناعية عن طريق ضبط المنافذ الحدودية وتنفيذ قانون تعريفة جمركية يفي بهذا الغرض.
وأردف الضامن بالقول: "قدرة حكومة الكاظمي على مواجهة هذه التحديات تعتمد على وجود إرادة وطنية حقيقية لإصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد تستمد قوتها من ثورة الشباب العراقي التي ما زالت مستمرة".
aXA6IDMuMTcuNzYuMTc0IA== جزيرة ام اند امز