تعذيب وتصفية جسدية.. سجون الحشد الشعبي "السرية" بالعراق
ما زال يتذكر لؤي الجنابي الفترة التي أمضاها مسجونا في سجن مطار المثنى في بغداد، والتي تجاوزت العام
سجون سرية تنتشر في بغداد، ومدن أخرى في العراق، تحتضن الآلاف من المعتقلين العراقيين والأجانب، وأفرادا من المعارضة الإيرانية، تشهد عمليات تعذيب وتصفية جسدية، وتزداد أعداد المعتقلين فيها يوميا، هذه سجون مليشيات الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني.
ورغم مرور عام على إطلاق سراحه، إلا أن لؤي الجنابي ما زال يتذكر الفترة التي أمضاها مسجونا في سجن مطار المثنى في بغداد، والتي تجاوزت العام، فالتعذيب الذي تعرض له على يد مليشيات الحشد ما زال يراوده على شكل كوابيس في غالبية الليالي.
ويروي الجنابي -الذي كان يعمل خلال الأعوام السابقة مترجما مع إحدى المنظمات الدولية- تفاصيل عملية اعتقاله أثناء توجهه من بغداد إلى كركوك عام ٢٠١٨، موضحا أن مليشيات جيش المختار التابعة لزعيم حزب الدعوة، اعتقلته في قضاء الخالص بمحافظة ديالى، واقتادته إلى سجن المثنى ولفقت له مجموعة من التهم منها التعاون مع الجماعات الإرهابية.
وأشار إلى أنه بعد مرور أكثر من عام، أطلق سراحه مقابل ١٠٠ ألف دولار أمريكي دفعتها عائلته بعد مفاوضات مع المليشيا ساهم فيها وسيط من حزب الدعوة.
وقال الجنابي في تصريحات لـ"العين الإخبارية": إن "المليشيات المسيطرة على سجن المثنى وجميعها تابعة لحزب الدعوة، تستخدم كافة أنواع التعذيب ضد المعتقلين، تبدأ بالضرب والخنق والصعق بالتيار الكهربائي في كافة أنحاء الجسم والحرق ونزع الأظافر والأسنان ومحاكاة الغرق، بهدف انتزاع اعترافات بتنفيذهم عمليات إرهابية لم يرتكبوها".
وتابع الجنابي: "تعرضت للتعذيب أثناء التحقيق معي الذي حضره ضباط إيرانيون، هذه التحقيقات كانت تتكرر يوميا، والتعذيب الأكبر كان يتمثل في بقائنا عدة ساعات واقفين في الزنزانة لأن القاعات كانت مزدحمة بأعداد كبيرة جدا من المعتقلين، حتى التنفس فيها كان أمرا صعبا جدا".
ويعتبر سجن مطار المثنى العسكري الذي يقع وسط مدينة بغداد أحد السجون السرية التابعة للمليشيات التي لطالما أثارت جدلا خلال السنوات الماضية، وهو خاضع تماما لسيطرة حزب الدعوة، ويحتضن إلى جانب السجن السري أحد مقرات الحزب وقاعات للاجتماعات ومقر إحدى الفضائيات التابعة للدعوة التي تمولها إيران.
ويؤكد لؤي الجنابي أن السجن يحتضن الآلاف من المعتقلين العراقيين خاصة الناشطين والصحفيين والمتظاهرين الذين تختطفهم المليشيات في بغداد، كما يضم العشرات من النساء المعتقلات أيضا.
جرف الصخر
ولعل من أبرز السجون السرية الأخرى التابعة لمليشيات الحشد، تلك السجون التي تقع في بلدة جرف الصخر التابعة لمحافظة بابل جنوب بغداد التي تحتضن قواعد عسكرية ومخازن صواريخ وأسلحة ومراكز استخباراتية خاصة بالحرس الثوري وجناحه الخارجي فيلق القدس ومليشيات حزب الله اللبنانية وكتائب حزب الله العراق.
وحولت مليشيات الحشد بلدة جرف الصخر الاستراتيجية نهاية عام ٢٠١٤ إلى منطقة عسكرية بعد تنفيذ عمليات إبادة جماعية ضد سكانها من العرب السنة وتهجير من تبقى منهم بحجة الحرب ضد داعش.
وكشف مسؤول عراقي لـ"العين الإخبارية" عن أن "الحرس الثوري الإيراني، وبالتنسيق مع ضباط في مليشيا حزب الله اللبنانية وكتائب حزب الله العراق ومليشيات الحشد الشعبي، نفذ عمليات اختطاف واعتقالات لعدد من الأجانب، ومنهم صحفيون وموظفو منظمات وشركات ومؤسسات دولية في فترات مختلفة، وما زالت تلك المليشيا تحتجزهم إلى جانب معتقلين عراقيين، من ضمنهم صحفيون وناشطون ومتظاهرون ومعارضون لإيران ومليشياتها في سجونها بجرف الصخر".
وأضاف المسؤول -الذي فضل عدم ذكر اسمه- أن "تحذيرات السفارات إلى رعاياها بالحذر وعدم السفر إلى العراق كانت بسبب الحرس الثوري الإيراني الذي يشرف ضباطه إلى جانب حزب الله اللبناني والمليشيات العراقية على عمليات الخطف والاعتقال والتعذيب".
وأكد المسؤول أن إيران تسعى من خلال استخدام المختطفين كأدوات ابتزاز لأمريكا والدول الغربية، ونجحت في استخدامهم كدروع بشرية لحماية قاعدتها الكبيرة في جرف الصخر من أي استهداف أمريكي جوي.
وأشار المسؤول إلى وجود قسم خاص تابع للحرس الثوري مهمته تزوير العملات وخاصة الدولار والدينار العراقي في جرف الصخر، مبينا أن "إيران خزنت أنواعا مختلفة من الأسلحة المحرمة بقاعدتها في هذه البلدة العراقية".
واعتبر أن عمليات اختطاف الأبرياء والمعارضين من قبل إيران ومليشياتها تهدف إلى إثارة حالة الرعب والخوف واستخدامهم كدروع بشرية، مشيرا إلى أن مليشيات الحشد تختطف وتعتقل وتحقق أمام أنظار الحكومة العراقية، وكأنها جهة حكومية رسمية.
ولفت إلى أن من أبرز عمليات الاعتقال كان اعتقال ثامر التميمي "أبو عزام" مسؤول الحشد العشائري من قبل أمن الحشد الشعبي، ونشرت مليشيات الحشد مقاطع فيديو لسير التحقيق معه.
وأضاف المسؤول أن "عملية اختطاف الفرنسيين الأربعة العاملين في إحدى المنظمات الفرنسية في بغداد بتاريخ ٢٠ يناير/كانون الثاني ٢٠٢٠، كانت ردا إيرانيا على مواقف فرنسا بوقتها، ولم يطلق سراحهم حتى الآن وهم معتقلون لدى الحرس الثوري ومليشيات الحشد في جرف الصخر".
سهل نينوى
وتحتضن منطقة سهل نينوى شرق الموصل هي الأخرى سجونا سرية تابعة للواء ٣٠ من الحشد الشعبي المعروف بلواء الشبك ومليشيا عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراق.
وتحتجز هذه المليشيات في سجون سهل نينوى المئات من المختطفين الذين تختطفهم يوميا في محافظة نينوى وأطرافها، ويشرف ضباط من "فيلق القدس" والاطلاعات الإيرانية إلى جانب مليشيات الحشد على هذه السجون التي تقع ضمن مجموعة من القواعد العسكرية ومخازن الصواريخ الإيرانية في هذه المنطقة.
aXA6IDE4LjExOS4xMjIuNjkg جزيرة ام اند امز