عراقي يكشف أساليب تعذيب وحشية لمليشيات الحشد
المليشيات العراقية المدعومة من إيران تقوم بدس عناصرها بين المتظاهرين لمعرفة أخبارهم والتجسس عليهم واختطافهم وتعذيبهم
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا حول ما يتعرض له الناشطون والمتظاهرون على أيدي مليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، التي تستخدم "عمليات الاختطاف، والقتل لإرهاب الناشطين العراقيين".
ويروي التقرير ما مر به الشاب حيدر، الذي يعمل مسعفا، عندما غادر مساء 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي ساحة التحرير في بغداد، حيث كان يعمل في علاج المصابين والجرحى، منذ انضمامه إلى آلاف الشباب الآخرين المشاركين في الاحتجاجات المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وأضافت الصحيفة أن حيدر ذهب في ذلك المساء لتناول العشاء برفقة عدد من الأصدقاء في حي الكرادة القريب من الميدان، لكنه لم يشأ العودة عقب ذلك إلى خيمته التي يتقاسمها مع أصدقائه في ساحة التحرير كما يفعل عادة، بل قرر الذهاب إلى منزله للاطمئنان على والدته وزوجته الحامل.
عندما وصل حيدر إلى المنزل الواقع في حي تقطنه الطبقة العاملة شرق بغداد، جلس خارج المنزل بحثا عن الإنترنت ليتابع الأنباء من ساحة التحرير عبر موقع "تويتر"، حيث توقفت سيارة تقل 3 مسلحين من المليشيات المدعومة من إيران، وسألوه: "أنت حيدر؟"، فأجاب الشاب سريعا: "كلا، أنا أخوه محمد"، قائلا لهم: "إنه سيدخل إلى المنزل ليجلبه لهم. لكن الحيلة لم تنطلِ على المسلحين، حيث جذبه أحدهم من عنقه ودفعه إلى السيارة".
عصب المسلحون وأوثقوا يديه وزجوا به في أرض الشاحنة تحت أرجلهم، ليصلوا بعد نحو ساعة إلى مكان بعيد مجهول حيث حبسوه.
في صباح اليوم التالي، دخل الغرفة رجلان ملثمان يرتديان زيا أسود يحملان العصي والكابلات السميكة، وقاما بعصب عينيه مرة أخرى، وبدون طرح أي أسئلة، بدأوا في ضربه حتى فقد الوعي.
عندما استيقظ حيدر، وجد نفسه مستلقيا على أرضية غرفة مظلمة صغيرة عارياً. كان هناك خطاف في السقف وحوض استحمام متسخ مليء بالمياه البنية والأسلاك الكهربائية.
بعد بضع ساعات دخل المقنعون وطلبوا منه فتح هاتفه الجوال، وكشف صور وأسماء شبان يقودون المظاهرات، وحين رفض، استمروا بتعذيبه، وبشكل خاص بضرب ذراعه التي تحمل آثار إصابة حديثة خلال المظاهرات. وسألوه عن السفارة التي تموله هو وأصدقاءه المحتجين.
بكى ثم أقسم لهم أنه لم يذهب إلى أي سفارات وتظاهر بأنه قد نسي كلمة المرور على هاتفه. استمر تعذيب رجال المليشيات له لمدة ساعتين أو ثلاث. عندما أغشي عليه، ألقوه في حوض الاستحمام، وعندما استيقظ، علقوه من الخطاف في السقف، وقاموا بتوصيل الأسلاك بأصابعه وأصابع قدميه وأعضائه التناسلية وبدأوا بتعذيبه بالكهرباء. كما عرضوا عليه صور أمه وزوجته، وهددوه باغتصابهما.
بعد 3 ليال من التعذيب فتح حيدر هاتفه. استعرض رجال المليشيات الصور وطلبوا منه تحديد قادة الاحتجاج في بغداد والمحافظات. عندما قال إنه لم يكن هناك قادة، وضعوه في مياه مثلجة في حوض الاستحمام، وكتل خرسانية ضخمة على صدره.
ويمضي التقرير في وصف ما تعرض له حيدر، كما يتحدث عن أعداد المصابين والقتلى خلال المظاهرات سواء بالرصاص المطاطي أو الحي أو أي وسيلة أخرى، كما يذكر أن الخيام الموجودة في الساحة، أصبحت كلها تقريباً تحمل صور الناشطين الذين اختفوا، سواء جراء القتل أو الاختطاف.
وأضاف حيدر: "بحلول نهاية الأسبوع الأول، كنت أتوق للموت. أردت منهم أن يقتلوني. أردت فقط أن أموت وأن يتوقف التعذيب".
كانت جلسات التعذيب تحدث أثناء الليل، لكنه إذا حاول النوم أثناء النهار يقوم الحراس بصب الماء البارد فوقه أو ضربه بعصا، واستمر التعذيب حتى اليوم الرابع عشر من اختطافه، حيث أمره الحراس بارتداء ملابسه وعصبوا عينيه وأخرجوه من الزنزانة.
ويقول عن ذلك: "كنت أعلم أنهم سيأخذونني إلى الإعدام، وكنت سعيدا؛ فقد كنت أريد الموت هربا مما ألاقيه من العذاب".
وأضاف: "عندما توقفت السيارة كنت أعلم أن الموت قادم، لكنني توسلت إليهم أن يدعوني أتصل بزوجتي. أخبرني أحدهم أن أنتظر وهددني بإطلاق النار إذا قمت بإزالة العصابة من على عيني. وسمعت خطواته تبتعد".
انتظر حيدر لبعض الوقت، وعندما لم يعد الحارس، قام بنزع العصابة ليجد نفسه في مكب نفايات مهجور فارغ. لم يكن يعرف الوقت أو المكان الذي يقف فيه. كان رد فعله الأول هو الركض، لكنه شعر فجأة بألم أسبوعين من التعذيب وبدأ في الارتعاش من البرد والألم. وقال: "اعتقدت أنني ميت، وأن روحي هي التي تركض".
وأشارت "الجارديان" إلى أن السلطات العراقية دأبت على الترويج لوجود طرف ثالث هو الذي يقوم بعمليات اختطاف الناشطين، أو تعذيبهم أو قتلهم.
لكن التقرير كشف أن المليشيات العراقية قامت بدس عناصرها بين المتظاهرين لمعرفة أخبارهم والتجسس عليهم.
ويروي أحد ضباط الأمن، واسمه حسام أنه تلقى أوامر بالاندساس بين المحتجين والمشاركة بالمظاهرات، لكي يتسنى له التجسس عليهم.
وأشار إلى أن عناصر المليشيات يملؤون ساحة التحرير، بل ولديهم أيضاً خيامهم، ويراقبون كل من يدخل ويخرج من الساحة.
وقال حسام: "لدينا كاميرات، ويمكننا أن نراقب المداخل إلى الساحة، ونعرف من يدخل ومن يغادر. كما أننا نستغل صغر سن وقلة خبرة المتظاهرين ونتحدث إليهم، ونعرف أسماءهم، ونتابعهم لكي نتوصل إلى قادتهم".
ويضيف: "نستهدف بشكل خاص الذين يقومون بتوزيع الطعام على المتظاهرين، والذين يقدمون لهم الخيام والأغطية".
يشار إلى أن صحيفة الجارديان قامت بتغيير أسماء الأشخاص الذين أجرت معهم مقابلات بشأن التقرير خشية تعرضهم للانتقام.
aXA6IDMuMTQ3LjUzLjkwIA== جزيرة ام اند امز