إرهاب مليشيات الحشد يجبر جرحى الاحتجاجات على العلاج بكردستان
حملة الاعتقالات الواسعة التي تجريها المليشيات في صفوف جرحى المتظاهرين حالت دون علاجهم بمستشفيات بغداد وجنوب العراق
أجبر إرهاب مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران وقوات الأمن العراقية الخاضعة لها، عشرات المتظاهرين العراقيين الجرحى على تلقي العلاج في مستشفيات إقليم كردستان.
- مقتل 6 متظاهرين وإصابة 40 في بغداد برصاص مليشيات الحشد
- تيار الصدر يهدد بإسقاط علاوي إذا ضم وزراء من الحشد الشعبي
وحالت حملة اعتقالات الواسعة في صفوفهم، المستمرة حتى الآن، التي تجريها المليشيات دون تلقيهم العلاج في مستشفيات بغداد وجنوب العراق.
وكانت وزارة الصحة بحكومة إقليم كردستان العراق أعلنت ببيان في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي عن استعداد مستشفياتها لاستقبال ومعالجة جرحى الاحتجاجات في بغداد ومدن جنوب العراق وتوفير احتياجاتهم اللازمة.
مازن الساعدي، متظاهر عراقي من مدينة بغداد، أصيب خلال إحدى هجمات الحشد الشعبي على المتظاهرين في ساحة الخلاني بالرصاص الحي في إحدى ساقيه، لكنه لم يتمكن من دخول المستشفى في بغداد بسبب ملاحقة المليشيات للجرحى.
وقال الساعدي لـ"العين الإخبارية": "أصيبت برصاص المليشيات في إحدى ساقي، فتلقيت الإسعافات الأولية من قبل إحدى الفرق الطبية في ساحة التحرير ونقلت عبر سيارة إسعاف إلى مستشفى الشيخ زايد القريب من التحرير".
وتابع: "في هذه الأثناء وقبل دخولي غرفة العمليات مع العديد من الجرحى الآخرين داهمت مليشيات ترتدي الملابس السوداء وملثمة المستشفى وبدأت تعتقل الجرحى".
واستطرد: "لكنني كنت محظوظا لأن أحد كوادر المستشفى من أقاربي هربني إلى خارج المستشفى ومنها نقلني إلى منزل أحد أقربائنا وعالجني طبيب لديه عيادة في المنطقة".
لكن العلاج السريع الذي تلقاه الساعدي في المنزل لم يكن كافيا لمعالجته وتعافيه تماما وظهرت عليه بعد أيام مضاعفات دفعت بعائلته إلى نقله لأربيل لتلقي العلاج في أحد مستشفياتها الحكومية وإجراء عملية جراحية أخرى له.
واستخدمت مليشيات الحشد والقوات الأمنية العراقية العنف المفرط لإنهاء المظاهرات التي يشهدها العراق منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأسفر استخدام العنف حتى الآن عن مقتل أكثر من 500 متظاهر وإصابة أكثر من ٢٣ ألفا آخرين.
وتواصل المليشيات منذ انطلاقة المظاهرات مداهمة المستشفيات بشكل مستمر واعتقال الجرحى وتهديد الأطباء الذين يقدمون خدماتهم للجرحى خارج المستشفيات.
مصطفى الخالدي، طبيب في أحد مستشفيات بغداد، كشف لـ"العين الإخبارية"، عن أن "مليشيات الحشد الشعبي خاصة أمن الحشد واستخباراتها تداهم يوميا المستشفيات في بغداد، بحثا عن المتظاهرين المصابين ويعتقلونهم فورا دون أن يولوا أي اهتمام بجرحهم وحالتهم المرضية".
وتابع: "أنا شاهدت ناشطا مدنيا كان مصابا بالرصاص الحي وحالته صعبة جدا، لكن أمن الحشد اعتقلوه وانهالوا بالضرب على كادر المستشفى الذين ترجوهم أن يتركوه لحين تماثله للشفاء".
ولا يشكل الهروب من المليشيات العائق الوحيد أمام المتظاهرين المصابين لتلقي العلاج بل الوضع المادي الصعب هو الآخر يمنعهم من تلقي العلاج في المستشفيات الأهلية، لذلك يضطرون إلى انتظار الدور في المستشفيات الحكومية في الإقليم لحين إجراء العمليات لهم.
سلمان جاسم، متظاهر آخر من مدينة الناصرية، يتلقى العلاج في أربيل إثر إصابته خلال الهجمات التي شنتها مليشيات الحشد على متظاهري الناصرية في يناير/كانون الثاني، يوضح كيف ذهب إلى كردستان لتلقي العلاج.
ويقول جاسم لـ"العين الإخبارية": "تلقيت العلاج الأولي على يد ممرض في منطقتنا وبعد تهدئة الوضع توجهت فورا إلى بغداد ومنها إلى كردستان، ووفرت حكومة الإقليم لنا العديد من التسهيلات للعلاج، لكن العلاج في المستشفيات الحكومية يحتاج لوقت أطول مما هو عليه في المستشفيات الأهلية".
وأشار جاسم الذي كان يعمل عامل بناء قبل الإصابة إلى أنه "رغم تلقيه العلاج لكن الإصابة التي تعرض لها في ظهره تمنعه لعدة أشهر من مزاولة عمله، وأن وضعه المادي الصعب حال دون علاجه في المستشفيات الأهلية".
وأكد عدد من الجرحى الذين التقتهم "العين الإخبارية" في أربيل أن "المليشيات والقوات الأمنية العراقية تستخدم كل أنواع العنف ضدهم".
وأوضح الجرحى أن "المليشيات تطلق النار وقنابل الغاز بشكل مباشر عليهم لإصابتهم بشكل بليغ وقتلهم انتقاما منهم لأنهم مستمسكون بإنهاء النفوذ الإيراني في العراق".
في غضون ذلك شدد علي البياتي، عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق (التابعة للبرلمان)، لـ"العين الإخبارية"، على أن "عدم تمكن عدد من الجرحى تلقي العلاج قد يكون بسبب عدم تواجد الفرق الطبية بشكل يناسب أحيانا مع زخم المظاهرات لكي تعالج الجميع أو تنقل الجميع إلى المستشفيات الحكومية".
ولفت إلى أن "الفرق الطبية القريبة من ساحات المظاهرات كانت فرقا تطوعية على الأغلب حتى وسائل النقل كانت عن طريق وسائل متأخرة جدا وغير مؤهلة لنقل الجرحى، وهذا خلل بكل تأكيد يحسب على الحكومة".
وأضاف أن "قضية مطاردة الناشطين والمتظاهرين من قبل بعض المجاميع المسلحة أيضا قد تكون سببا في ذلك وفي عدم وثوق المتظاهر بالمؤسسات الصحية الحكومية".
aXA6IDE4LjExOC4xNDQuMTA5IA== جزيرة ام اند امز