"مهاجمة مقار الأحزاب".. فاتورة الاتفاق السياسي لتشكيل الحكومة العراقية
على ما يبدو أن خيوط المشهد السياسي في العراق تزداد تعقيداً كلما بدت بارقة أمل بوجود انفراجة في طبيعة الصراعات القائمة.
خلال اليومين الماضيين، استهدفت هجمات متتالية المنطقة الرئاسية ببغداد التي تضم السفارة الأمريكية، ومقار حزبية لقوى شكلت الأضلع الأربعة في تشكيل الحكومة المقبلة.
فبعد أيام قلائل على انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب واختيار هيئة الرئاسة، والتي صدت الباب أمام آخر فرص القوى الشيعية الخاسرة في الانتخابات، تدخل العوامل المعطلة والمؤثرة في مضي استكمال مخرجات "الأكبر سنا".
وسجل التيار الصدري ذو الـ73 مقعداً تقارباً واضحاً مع القوى السنية الكبرى المتمثلة بتحالف "تقدم"، الذي يرأسه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، و"عزم"، بقيادة خميس الخنجر، يتبعها من جبال كردستان، الحزب الديمقراطي برئاسة البارزاني.
ومنذ الخميس، استهدف وابل من الصواريخ المنطقة الرئاسية ببغداد تبعه هجوم آخر برمانة يدوية على مقر لحزب الديمقراطي الكردستاني ببغداد، وفجر الجمعة استكمل بهجومين آخرين أحدهما كان من نصيب تحالف "تقدم"، وآخر لـ"عزم" .
وتأتي تلك الهجمات مع صدور أمر ولائي من المحكمة الاتحادية بوقف عمل هيئة الرئاسة المنتخبة جراء طعنين قضائيين قدما بشأن الجلسة الأولى بادعاء وقوع مخالفات إجرائية وتشريعية.
ويأتي التقارب الرباعي بين الصدر والحلبوسي والخنجر وبارزاني، كسراً للتابوهات المعمول بها منذ عام 2003، وطبيعة التحالفات المشكلة للحكومات والتي غالباً ما تتسم باللون الواحد والمذهبية الطائفية.
رئيس مركز "التفكير السياسي"، الأكاديمي إحسان الشمري، قال بشأن الهجمات الأخيرة التي استهدفت المقرات الحزبية: "هو استهداف عقابي شنته جماعات يبدو أنها تضررت سياسياً نتيجة التحالف بين الأطراف الأربعة لأنها وجدت نفسها خارج توليفة الحكومة المقبلة ولهذا باتت تستخدم أوراقا خارج إطار الآليات والسياقات القانونية وهذا يؤشر إلى إمكانية ذات الجهات الذهاب باتجاه التصعيد بتنفيذ عمليات الاغتيال والتهديد للمحافظات السنية".
وأضاف الشمري، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "تلك الجهات قد لوحت بأيام صعبة وبالتالي قد نكون أمام سيناريوهات عديدة"، لافتاً إلى أن "الرسائل الأساسية من ذلك الاستهداف الضغط على القوى السياسية بالعودة خطوة إلى الوراء في تحالفها مع الصدر".
ورغم ذلك بحسب الشمري، "لن يكون هناك تراجع في قضية تشكيل الحكومة وربما سيكون محفزا للقوى المتحالفة وعلى الدولة أن تضع في أولوياتها حصر السلاح الخارج عن القانون وتقويض نشاطه داخل العراق".
من جانبه، يقول المحلل السياسي رمضان البدران، إن "مشهد الهجمات التي سجلها العراق خلال الـ24 ساعة الماضية، سبقه موقف واضح وصريح لقوى الإطار التنسيقي الذي عد تحالف الصدر مع السنة والكرد تطاولاً على وحدة المكون الشيعي".
ولفت البدران، إلى أن "جهات من داخل الإطار هددت وربطت مسألة السلم الأهلي في العراق بتداعيات ذلك التحالف الذي بدى واضحاً خلال الجلسة الأولى للبرلمان الأكبر سناً".
وأكد البدران لـ"العين الإخبارية"، أن "تلك القوى لا تملك رأس مال أو رصيدا سياسيا سوى التهديد بالعنف والعسكرة وشعل الأزمات والحروب"، مشدداً على أنه "يجب أن يتم عزلهم بشكل تام وتقديم الفاعلين إلى القضاء".
ويتوقع البدران، أن "تلجأ تلك الجهات المتضررة من التحالف السني الكردي مع الصدر، إلى تصعيد الموقف بمهاجمة الأسواق والمدن بهدف إثارة الفوضى والبقاء في واجهة المشهد السياسي".
وكان الإطار التنسيقي قد أدان تلك الهجمات التي استهدفت مقرات عزم وتقدم والديمقراطي، عاداً ما حدث "خلطاً للأوراق".
إلا ان البدران، يرى أن "ذلك لا ينفي تورطها وتحميل طرف ثالث مسؤولية الوقوف وراء تلك الهجمات كما هو معتاد في كل مرة"، مشدداً على أن "تلك الجهات يجب تبرئة ساحتها بخطاب سياسي واضح وصريح واتخاذ مواقف أكبر تجاه ما يحصل".