نسيج العراق.. تنوع "فريد" ينتظر الانتخابات
منذ عقود طويلة، يتميز العراق بتنوع فريد، ويتألف من قوميات وديانات وطوائف عدة شكلت النسيج الاجتماعي الاستثنائي لهذا البلد العربي.
وتكفل المادة الـ43 من الدستور العراقي، لأتباع كل مذهب، ممارسة الشعائر الدينية، وتضمن حريّة العبادة، وحماية مواقعها.
لكن مع كل موسم انتخابي، يبرز الجدل حول الهويات الرئيسة والفرعية، ومدى التمثيل النيابي الذي تفرزه صناديق الاقتراع لكل مكون اجتماعي.
وبصفة عامة، يتيح النظام الانتخابي في عراق ما بعد 2003، لأعضاء جميع المكونات المعترف بها، الترشح للانتخابات، والوصول إلى قبة البرلمان.
ويتكون مجلس النواب العراقي من 329 مقعداً، يتوزع 320 مقعداً منها، دوائر انتخابية في جميع محافظات البلاد بما فيها إقليم كردستان "شمال"، فيما تخصص المقاعد الـ9 المتبقية للأقليات.
وبحسب آخر الاحصائيات الصادرة عن وزارة التخطيط العراقية، تجاوز التعداد السكاني للعراق الـ40 مليوناً، فيما يبلغ عدد المؤهلين للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقررة بعد أيام، أكثر من 24 مليون ناخب.
ويستعد العراق في الفترة الحالية، لخامس انتخابات تشريعية وأول عملية اقتراع مبكرة تأتي استجابة للاحتجاجات الشعبية العارمة التي اندلعت في أواخر عام 2019.
وسجل العراق خلال انتخابات 2018، أقل نسب مشاركة جماهيرية مقارنة بالتجارب الثلاث التي سبقتها، ما أرجعه مختصون إلى فقدان ثقة الناخب بالعملية السياسية.
وبتصنيف قومي مذهبي، توزعت نتائج الانتخابات العراقية لعام 2018 كالتالي: 71 مقعداً للمكون السني و177 مقعداً للشيعة، و58 مقعداً للأكراد، فيما حصد التركمان 4 مقاعد، وحصلت الأقليات الأخرى على 9 مقاعد بواقع 5 مقاعد للمكوِّن المسيحي، ومقعد واحد لكل من الشبك والأيزيديون في نينوى، والصابئة في بغداد، والكرد الفيليين.
قوميات وأقليات وأديان
ويتوزع العراق بين قوميتين رئيسيتين هما العرب الذي يشكلون نحو 94% من السكان، وموجودن على أغلب محافظات العراق، فيما يتوزع الكرد وهم القومية الثانية في البلاد في محافظات إقليم كردستان وبعض مدن محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى وبغداد.
فيما يأتي المكون التركماني كثالث القوميات العرقية بعد العرب والكرد، ويصل تعداد أعضائه لنحو 3 ملايين نسمة.
وتتوزع الأقلية التركمانية في المناطق الشمالية من العراق وبعض والعاصمة بغداد فضلاً عن محافظات إقليم كردستان، وتجمع أعضائها لغة مشتركة خاصة بهم.
أما من حيث الديانات، تعتبر المسيحية ثاني أكبر ديانة في العراق بعد الإسلام، وهي ديانة معترف بها في الدستور العراقي الذي أسماهم "الكلدوآشوريين" وتعني كل أقسام المُكوّن المسيحي من الكلدان، والآشوريين، والسريان الأرثوذكس والأرمن وغيرهم.
ويقر الدستور العراقي أربع عشرة طائفة مسيحية في العراق ويسمح لهم بأداء طقوس التعبد وممارسة شعائرهم في الكنائس والأديرة والصوامع، ويتحدث غالبية أتباع الطوائف المسيحية اللغة العربية كلغة أم، في حين أنّ عدد منهم يتحدث اللغة السريانية بلهجاتها العديدة، واللغة الأرمنية.
وشهدت أعداد المسيحين تناقصاً كبيراً خلال العقود الثلاث الماضية وخصوصا ما بعد عام 2003، جراء عمليات التهجير القسري وتحلل السلم الأهلي في البلاد، حيث تترواح أعدادهم الآن، بحسب احصائيات الكنائس، نحو 450 ألف شخص.
وبلغ عدد المسيحيين في العراق قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003 نحو مليون و420 ألف مسيحي، اضطر عدد كبير منهم إلى مغادرة البلاد.
ويتواجد مسيحيو العراق في معظم محافظات البلاد، لكن يتركز وجودهم في بغداد والموصل والبصرة وكركوك ومناطق من إقليم كردستان.
وبالإضافة إلى ذلك، يحتضن العراق، المكون الأيزيدي، وهو بحسب المصادر التاريخية، مكوّن ديني في الأساس. أما من الناحية العرقية، فهو خليط من الكرد والعرب والفرس والأتراك، ويتحدث أعضائه عدة لغات.
ويتوزّع الايزيديون في محافظة نينوى شمالي العراق، وبالتحديد في قضاء الشيخان، وبعشيقة، وبحزاني، وسنجار، وزمار والقوش، وفي محافظة دهوك.
وعقب استباحة تنظيم "داعش" مدن العراق في صيف 2014، تعرض المكون إلى هجمة وحشية وانتهاكات غير مسبوقة.
ويؤمن الأيزيديون بإله واحد يُصلون له متخذين الشمس قبلتهم، إضافة إلى إيمانهم بسبعة ملائكة، أولهم وأهمهم الملك طاووس، كما يعدّ أقدس الأماكن الدينية للأيزيديين معبد "لالش" شمال غربي العراق.
"الشبك"
تتوزع غالبية الشبك في مناطق سهل نينوى بين إقليم كردستان ومدينة الموصل؛ مركز محافظة نينوى شمالي العراق.وتختلف الكتابات القديمة، خاصة في بداية القرن الـ20، في أصل "الشبك"، فهناك من اعتبرهم كياناً كردياً، وهناك من اعتبرهم تركماناً، وهناك من يراهم عرباً.
ويُنسب "الشبك" إلى قبيلة "الشبك الكردي"، وكانت الدولة العراقية تعتبرهم من الأيزيديين، لكنهم ليسوا كذلك، والمرجّح أنهم من الكرد لغةً ونسباً، وبعضهم سنة شافعيون، وبعضهم شيعة.
ولا توجد إحصائيات دقيقة عن أعداد "الشبك"، وقدرهم إحصاء عام 1977 بـ80 ألفاً، أما إحصاء عام 1997، وهو آخر تعداد شامل في العراق، فلم يأتِ على ذكر التفصيلات العرقية.
الصابئة المندائيون
تعدّ المندائية ديانة غير تبشيرية، ولا تؤمن أو تسمح بدخول أحد إليها، وتقدر أعداد أتباعها في العراق بـ15 ألف صابئي، يتواجدون في بغداد والمحافظات الجنوبية، ويتكلمون اللغة الآرامية إضافةً إلى العربية.