مقتدى الصدر.. اعتزال قطب رحى أزمة العراق
أعلن مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في العراق، اعتزاله الحياة السياسية، ملقيا بذلك حجرا كبيرا في بركة الأزمة القائمة في البلاد.
اعتزال الصدر المفاجئ، ترك الساحة السياسية في حيرة من أمرها، فيما استقبله أنصاره بالزحف نحو المنطقة الخضراء، رغم توجيه الزعيم الشيعي بعدم استخدام شعار تياره في أي مظاهرة سياسية.
فمن هو مقتدى الصدر؟
ينحدر الصدر من سلالة رجال دين شيعة، وورث شعبيته الكبيرة من والده محمد صادق الصدر، أبرز رجال الدين المعارضين للرئيس الأسبق صدام حسين، الذي قتله مع اثنين من أبنائه في العام 1999.
منح هذا النسب المرموق دفعا شعبيا لمقتدى الصدر، فكان أحد أبرز الشخصيات التي لعبت دوراً أساسياً في إعادة بناء النظام السياسي بعد سقوط صدام حسين في العام 2003، وقاد إحدى أكثر الحركات الشيعية نفوذاً وشعبية في البلاد.
بدأت مسيرته بمعارك ضارية مع القوات الأمريكية التي اجتاحت العراق في 2003، وصولا إلى نزاع حاد مع رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الذي حكم البلاد بين العامين 2006 و2014.
حلّ بعد ذلك مليشيات "جيش المهدي" المؤلفة من 60 ألف مقاتل، لكنه أعاد تفعيلها بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني مطلع العام 2020 في ضربة عسكرية أمريكية في بغداد.
وفي حين تبنى في أعقاب احتجاجات العام 2019 خطاً قريباً من الحشد الشعبي الموالي لإيران، بات بعد ذلك يدافع عن خط أكثر "وطنية".
ويقر الجميع، حتى معارضو الصدر، بأنه لا يزال يحتفظ بقاعدة شعبية قوية تستجيب له.
اعتزال الصدر في أوج قوته
يعتزل الصدر الحياة السياسية، في خضم أزمة كبرى، لكن بعد سلسلة من المكاسب السياسية حققها تحالفه العراقي الناشئ (إنقاذ وطن) أمام موالين لإيران، ينخرطون في ائتلاف "الإطار التنسيقي".
ورغم مساعي الصدر للبقاء في موقع يتجاوز معترك السياسات التحزبية، ورغم إحجامه عن السعي لاقتناص منصب لنفسه، ظل قوة حاسمة في العراق طوال العقدين الماضيين منذ الغزو الأمريكي والإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين.
وبالإضافة إلى ما حققه من سطوة في صندوق الاقتراع عبر جحافل الناخبين الصدريين، تمكن من إدخال مساعديه في وزارات مهمة ووظائف حكومية عليا أخرى، بما يضمن له إحكام قبضته على جانب كبير من مفاصل الدولة العراقية.
وحتى قبل الانتخابات في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، انضم أنصاره إلى احتجاجات مناهضة للفساد عام 2019، أطاحت بحكومة قادتها أحزاب متحالفة مع إيران، وتعزز النفوذ بتفوق مؤيديه على تلك الأحزاب في الانتخابات البرلمانية.
ماذا بعد الاعتزال؟
فور اعتزاله أصدر مكتب زعيم التيار الصدري، 3 توجيهات، وهي منع كل من: التدخل باسم التيار الصدري في جميع الأمور السياسية والحكومية، رفع الشعارات والأعلام والهتافات السياسية وغيرها باسم التيار، حظر المكتب استعمال اسم التيار في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن متابعين لمسيرة الصدر، يرون أن الاعتزال وبما أنه ليس الأول للزعيم الشيعي، فقد لا يكون نهائيا، استنادا إلى اعتزال سابق وتراجع عن القرار فور هدوء عواصف السياسة التي لا تنتهي في العراق.
ففي عام 2014، أعلن الصدر بشكل مفاجئ أيضا انسحابه من العملية السياسية وحل تياره وغلق جميع مكاتبه، والتخلي عن الوزراء التابعين له في الحكومة، وحتى أعضاء البرلمان من حزبه.
وبين 2014 و2022، كثيرا ما أعلن الصدر الانسحاب، وترك الاشتغال بالعمل السياسي، لكنه سرعان ما يعود وبقوة أكبر للساحة السياسية، ممارسا دوره القيادي، لشعبيته الجارفة في العراق.
aXA6IDE4LjExOS4xMzcuMTc1IA== جزيرة ام اند امز