ذكرى "انتفاضة تشرين" بالعراق.. لواء المطالب في يد اليتيم والفقير
خرج آلاف العراقيين أمس السبت لإحياء الذكرى الثالثة لانتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها بلادهم، وكان لافتا عودة من شاركوا في أول احتجاج، بمن فيهم فتاة فقدت والدها في المظاهرات.
وشهد إحياء الذكرى الثالثة للانتفاضة اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، الذين انسحبوا بحلول نهاية اليوم.
ورغم ظروفه المعيشية الصعبة حرص الشاب العراقي محمد عزيز على المشاركة في مظاهرات إحياء ذكرى انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وشارك عزيز (35 عاما) في الاحتجاجات التي شهدتها ساحة التحرير ببغداد أمس السبت، في الذكرى الثالثة للانتفاضة، التي أطاحت بحكومة عادل عبد المهدي، ودفعت البلاد حينها إلى إجراء انتخابات مبكرة.
وخرجت مظاهرات في بغداد أمس السبت، تحاول عبور الخطوط الأمنية، عند جسر الجمهورية، بغية الوصول إلى المنطقة الرئاسية، لتقع أعمال عنف مع قوات الأمن، التي رشقها المتظاهرون بالحجارة، لترد عليهم بالقنابل المسيلة للدموع، مما أسفر عن وقوع إصابات بين الطرفين، دون تسجيل وفيات.
السلطات العراقية وعلى وقع تلك التطورات سارعت إلى إطلاق تعليمات وتوصيات لتجنب تكرار ما حصل في خريف 2019.
وقال محمد عزيز لـ"العين الإخبارية"، إن "انتفاضة أكتوبر تمثل فرصة أمل لجميع العراقيين في الخلاص من الطغمة الفاسدة التي حكمت البلاد ما بعد 2003، وهي أقوى من كل بنادق الظل والترهيب الذي تمارسه قوى الظلام ضد مؤيدي التحرر من العبودية والظلم".
ومساء أمس كان محمد يحاول عبر حاجز إسمنتي عند الجسر المؤدي للمنطقة الخضراء قبل أن يضطر إلى التراجع على وقع قنابل الدخان، ليعود فيما بعد إلى "ساحة التحرير"؛ رمز الاحتجاجات، مع زملاء شباب جمعتهم المنصات الاحتجاجية في الذكرى الثالثة لانتفاضة أكتوبر.
محمد الذي يعمل سائقا لمركبة "التوك توك"، كان قد شارك في احتجاجات أكتوبر قبل 3 سنوات وتعرض لإصابتين، بقنابل المولوتوف وأخرى برشقة ماء ساخن تركت أثراً على ساقه الأيسر ولكن رغم ذلك لم يتراجع عن الاستمرار في مواصلة الاحتجاج.
في احتجاجات أمس، نجا محمد من عصا لرجل من قوات أمنية، على مقربة من جسر الجمهورية، ولكنها أصابت زميلا كان بجانبه يصرخ "كلا للظلم .. كلا للجبناء ".
وقال محمد: "فقدت أحبة قبل ثلاث سنوات عند ميدان التحرير، واليوم جئت لأطالب بدمائهم والكشف عمن قتلهم".
أما صابرين حسن، الطفلة ذات الـ12 ربيعا، فشاركت في احتجاجات الأمس وهي ترفع صورة لوالدها الذي سقط في تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول، بعد أيام من انطلاقها عام 2019.
وأسفرت أعمال العنف التي شهدتها انتفاضة أكتوبر، عن سقوط نحو 600 قتيل وآلاف الجرحى.
وحرصت صابرين على القدوم لميدان التحرير مبكرا، وهي مستعدة لقول كلمتها والدفاع عن قضيتها التي أدخلتها اليتم منذ نعومة أظافرها.
وقالت صابرين لـ"العين الإخبارية"، إن والدها خرج في بدايات انطلاق تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول وبقي مرابطاً في ساحة التحرير، بعد أن عزم على عدم الرجوع حتى تحقيق المطالب بتحسين الأوضاع العامة في البلاد والتخلص من الفساد والمحاصصة وسلطة الأحزاب.
وبعد نحو عشرين يوماً من بدء الانتفاضة، أصيب والد صابرين بقنبلة دخانية استقرت في أعلى الرأس ليتم نقله إلى المستشفى قبل أن يفارق الحياة.
وقالت صابرين: "رغم مرور 3 سنوات إلا أنه لم يتم محاسبة قتلة والدي أو الكشف عن أسمائهم".
وأضافت الطفلة التي جاءت لمظاهرات الأمس برفقة جارتها: "رحل أبي وتركني مع اثنين من إخوتي نصارع الحياة، بعدما تحملت والدتي مسؤولية حياتنا، حيث تعمل في إعداد الأكلات المنزلية وبيعها للزبائن
ومع اندلاع المصادمات أمس بين المتظاهرين وقوات الأمن، غادرت صابرين المكان عائدة إلى منزلها، تنفيذا لطلب والدتها بالعودة إلى المنزل إذا وقعت اضطرابات.
وكانت تظاهرات الذكرى السنوية توزعت في العاصمة بغداد ما بين ساحتي النسور (في الكرخ)، والتحرير (في جانب الرصافة)، قابلها احتجاجات مماثلة في محافظات الوسط والجنوب، تخللها العنف ووقوع الإصابات.
وعند مساء أمس، انسحب المتظاهرون قبل أن يعلنوا مطالبهم في بيان ختامي أمهلوا فيه الحكومة 25 يوماً لتنفيذ مطالبهم، مهددين بتصعيد الاحتجاجات بعد ذلك.
وشدد المتظاهرون على أن هدفهم هو تغيير النظام السياسي القائم ليتسنى للعراقيين بناء نظام سياسي جديد، بدستور وعقد اجتماعي جديد، كما طالبوا بحكومة انتقالية مؤقتة بإشراف أممي، يقودها نخبة من الوطنيين، على ألا يكون فيها أي شخص من الذين شاركوا في العملية السياسية والحزبية التي قادت العراق إلى الضياع منذ سنة 2003، حسب قولهم.