المكون السني بالعراق يتفق على تقديم مرشّحين لرئاسة البرلمان
كشفت آخر المعطيات الصادرة عن "المجلس السياسي السني" بالعراق حجم الانقسام بشأن منصب رئيس البرلمان.
وفشلت القوى السنية حتى الآن في التوافق على مرشّح واحد، وتتجه إلى دخول الجلسة المقبلة بمرشّحين اثنين يمثلان الكتلتين الرئيسيتين داخل المكوّن، أحدهما رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.
ويعد اختيار رئيس مجلس النواب ونائبيه، أحدهما من الشيعة والآخر من السنة، المحطة الأولى لتشكيل الحكومة العراقية، حيث من المقرر أن يدعو رئيس الجمهورية من المكون الكردي، الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً (الشيعة) لاختيار رئيس الوزراء.
ويفتح رئيس البرلمان باب الترشيح لرئاسة الجمهورية خلال ثلاثة أيام، أما الانتخاب، فيجرى بأغلبية ثلثي الأعضاء، وبأغلبية الأصوات في جولة ثانية عند الإخفاق في الحصول على أغلبية الثلثين وفق الدستور.
وبعد اختيار رئيس الجمهورية يكلف الأخير مرشح الكتلة الأكثر عدداً لتشكيل الحكومة ووضع البرنامج الوزاري خلال 15 يوماً من انتخابه، وأمام رئيس مجلس الوزراء المكلف 30 يوماً لإنجاز المهمة، ويستوجب تصويت البرلمان بالأغلبية المطلقة أي نصف العدد الكلي زائد واحد، وعند إخفاقه، يكلف رئيس الجمهورية مرشحاً آخر بالمدد نفسها وفق المادة 76 من الدستور.
وبحسب مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، فإنّ الإصرار الذي يبديه حزب "تقدّم" الذي حصل على 33 مقعداً في الانتخابات البرلمانية على إعادة ترشيح الحلبوسي، دفع باقي القوى السنية إلى رفض هذا الخيار، في وقت تتزايد فيه المخاوف من موقف شيعي وكردي رافض لعودته، ما قد يعرقل تمرير أي صيغة توافقية داخل البرلمان.
ووفق المصادر، فإن "هذا الانسداد دفع القوى السنية إلى طرح خمسة مرشحين بديلين، لكن المنافسة الفعلية باتت محصورة بين زعيم تحالف العزم (15 مقعداً) بزعامة مثنى السامرائي ووزير التخطيط محمد تميم (قيادي في حزب تقدم)، وهما الاسمان الأوفر حظاً داخل مكونات المجلس السياسي السني".
وأضافت المصادر أن "هناك معارضة شديدة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني لتولي الحلبوسي رئاسة البرلمان بعد الخلافات التي طرأت بين الجانبين في الأشهر الأخيرة التي سبقت إجراء الانتخابات البرلمانية".
تفاهمات
وعلى مستوى توزيع المناصب التنفيذية، أكدت المصادر أن قوى "المجلس السياسي" اتفقت على مبدأ التوافق في توزيع الوزارات الستّ المخصّصة للمكوّن السني، باعتماد آلية النقاط (8 نقاط لكل وزارة).
وأضافت المصادر "من المنتظر أن يعقد المجلس السياسي السني اجتماعاً حاسماً في نهاية الأسبوع الحالي لحسم الاستحقاقات الوزارية وصياغة رؤية نهائية لكيفية التعامل مع جلسة انتخاب رئيس البرلمان".
تحفظات الإطار التنسيقي
وفي سياق متصل، شكّل موقف "الإطار التنسيقي" عاملاً مؤثراً في الحسابات السنية، حيث أكد القيادي في تحالف "التفوّق" المتحالف مع تحالف "العزم"، فيصل العيساوي، أنّ الإطار وضع معياراً واضحاً يقضي بعدم السماح بترشيح أي شخصية "جدلية" للمناصب الرئاسية الثلاث، في إشارة غير مباشرة إلى الحلبوسي الذي وصفه بأنه "قد يكون أحد تلك الشخصيات".
وقال العيساوي لـ"العين الإخبارية"، إن "السنة وضعوا فيتو على نوري المالكي عام 2014، واستجاب الشيعة حينها؛ ومن حق كل المكونات الاعتراض على أي شخصية تتقدم للرئاسات لأنها تمثل العراق كله".
وانتقد العيساوي ما وصفه بـ"تسييس منصب رئيس البرلمان واستخدامه حزبياً"، مؤكداً أن ذلك أثّر سلباً على الدولة ومؤسساتها.
وجدد العيساوي التأكيد على أن مثنى السامرائي هو المرشح الرسمي لتحالف "التفوق" لرئاسة البرلمان، لافتاً إلى ما وصفه بـ"قصة نجاح حقيقية" حققها التحالف في العديد من الوزرات من بينها وزارة التربية خلال الدورات السابقة، مشيراً إلى امتلاك التحالف "خبرات وشخصيات مؤهلة" لتولّي منصب رئاسة البرلمان.
حسم الجدل
وقال الدكتور ندى الكعبي الباحثة في الشأن السياسي لـ"العين الإخبارية"، إن "هناك تنافسا شديدا بالنسبة لمنصبي رئاسة البرلمان داخل المكون السني ورئاسة الوزراء داخل المكون الشيعي".
وأضافت الكعبي "بالنسبة إلى المكون الكردي قد يكون الموضوع أقل حدة فيما يتعلق بالمنافسة على منصب رئاسة الجمهورية من بقية المكونات".
من جانبه، قال استاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد صالح شذر لـ"العين الإخبارية"، إن "هناك شبه اتفاق داخل المكون السني بعد أن تشكل المجلس السياسي الوطني في الآونة الأخيرة وهناك تفاهمات لحسم رئاسة مجلس النواب".
من جانبه، قال مصدر سياسي المجلس السياسي لـ"العين الإخبارية"، "إن البيت السني يتجه نحو اختبار برلماني صعب، حيث تتعمّق الانقسامات الداخلية بين مؤيدي الحلبوسي وخصومه، وسط حسابات معقّدة تتداخل فيها مواقف القوى الشيعية والكردية والمعايير التي يرفعها الإطار التنسيقي".
وأضاف "يبقى مثنى السامرائي ومحمد تميم في صدارة المرشحين. الأيام المقبلة ستحسم ما إذا كان المكوّن السني قادراً على تجاوز انقساماته والذهاب إلى اتفاق يحفظ توازناته داخل السلطة التشريعية".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز