"صوت تشرين" يأبى الصمت.. عامان على جراح متظاهري العراق
عاد متظاهرو أكتوبر (تشرين) إلى المنصات الاحتجاجية، مرة أخرى في العراق، احتفاء بمرور عامين على ذكرى المظاهرات التي أحدثت تغييرا سياسيا.
وتشابهت المطالب التي رفعها المتظاهرون مع انطلاق الاحتجاجات في أكتوبر/تشرين الأول 2019، مع تلك التي رفعها المحتجون في الذكرى الأولى قبل عام من الآن، ما صنع حركة احتجاجية تحت شعار "صوت تشرين" تنشط ضد النفوذ الإيراني والفساد.
وخلال إحياء الذكرى الثانية للاحتجاجات، رفع المحتجون عبارات بقيت راسخة في ذاكرة الشارع العراقي بينها "نريد وطن"، و"لن تسكتوا صوت تشرين"، و"محاسبة الجناة".
كما رفع المتظاهرون صورا لضحايا جدد من الحركة الاحتجاجية، قتلوا خلال العام الماضي في عمليات اغتيال نفذتها جماعات مسلحة موالية لإيران، مثل الناشط علي كريم.
وجاءت الفعاليات الاحتجاجية، اليوم، قبل أيام من الانتخابات التشريعية المبكرة التي تعقد من الأساس، تلبية لمظاهرات أكتوبر في 2019، إذ دفعت الاحتجاجات حكومة عادل عبدالمهدي إلى تقديم الاستقالة، والتخطيط لإجراء الانتخابات المبكرة.
ومنذ انطلاق مظاهرات أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، سجل العراق سقوط أكثر من 600 قتيل وآلاف الجرحى بنيران قوات شبه عسكرية أطلق عليها "الطرف الثالث"، في إشارة إلى الدولة العميقة التي تقود البلاد من وراء الكواليس.
وعقب وصول مصطفى الكاظمي إلى منصة رئاسة الوزراء في مايو/أيار 2020، تعهد بملاحقة الجناة والكشف عن هوياتهم والدفع بهم إلى القضاء، إلا أن اللجان المشكلة في هذا الصدد لا تزال عاجزة عن كشف خفايا ما جرى خلال تلك المظاهرات.
وتكرر مشهد العنف مرة أخرى ولكن بوتيرة أقل، حين قتل 4 متظاهرين وجرح أكثر من 50 شخصاً بينهم عناصر أمنية، خلال مظاهرات إحياء الذكرى الأولى لتظاهرات أكتوبر/تشرين الأول، التي انطلقت في عدد من المحافظات في 2020.
ويقول الناشط المدني علي سالم، الذي يرابط منذ ساعات الصباح الأولى عند ساحة الفردوس في العاصمة بغداد، إن "مظاهرات اليوم هي لتأكيد المطالب التي رفعها متظاهرو حركة تشرين، العام الماضي وما قبله، من أجل وطن تسوده العدالة وتحكمه الكفاءات لا العلاقات".
وكان مئات المتظاهرين بدءوا منذ صباح اليوم الجمعة، بالتجمع عند ساحة الفردوس استعداداً للانطلاق بمسيرة باتجاه منطقة التحرير القريبة من الساحة، والتي تعد أكبر مراكز الاحتجاجات في العراق.
ولم تقتصر مظاهرات اليوم على العاصمة بغداد، وإنما توزعت في محافظات الجنوب والوسط خاصة البصرة وذي قار والديوانية.
ويوضح سالم خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "ما تحقق لغاية الآن لا يوازي الدماء والتضحيات التي بذلت على منصات الاحتجاج، وهو ما يجعل ثورة تشرين قائمة ومتجددة حتى تحقيق ما نطمح إليه من دولة خالية من مليشيا الموت وفرق الاغتيال".
من جانبه، يقول سيف الجنابي، الناشط الذي كان ضمن حشود المتظاهرين اليوم في حديث لـ"العين الإخبارية"، "إننا ماضون في إدامة زخم تشرين وحمل الراية من زملائنا الذي سقطوا ببنادق الغدر وكواتم التصفية، ولن نتنازل عن مسيرتنا حتى نفضح القتلة وننصف الشهداء الذين مضوا في ذلك الدرب".
وبالتوازي مع تظاهرات اليوم، أكدت لجنة تقصي الحقائق أن التحقيقات في الأحداث المرتبطة بمظاهرات 2019 لا تزال قائمة، ولكن الأمر ما زال يحتاج إلى وقت بسبب تعدد القضايا.
وقال مستشار اللجنة مهند نعيم، في تصريح صحفي تابعته "العين الإخبارية" "في الذكرى الثانية لمظاهرات تشرين لا بد من الإشارة الى أبرز الإنجازات التي تحققت، منها تغيير الحكومة، وتحديد موعد لحل البرلمان، وتحديد موعد لإجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إضافة الى تغيير مفوضية الانتخابات وتشريع قانون جديد للانتخابات وفرض محكمة اتحادية جديدة".
ولفت نعيم إلى أن "ما جرى من أحداث في تشرين هو قيد التحقيق وهناك لجنة تقصي حقائق كبرى ويجري التحقيق في كل ما جرى في أحداث تشرين من قتل وترويع"، مبيناً أن "هذا الملف يحتاج إلى وقت بسبب تعدد القضايا وتنوعها، وأن الجناة تحت المتابعة وجمع الأدلة ما زال قائما".
لكن سيف الجنابي يشكك في قدرة الأجهزة الأمنية على كشف الجناة والجهات التي قدمت لهم الدعم والإسناد.
ويعتقد الجنابي أن هنالك إرادة إقليمية ضاغطة على الرئة السياسية العراقية لإبقاء الستار على أسماء القتلة ممن تورطوا في دماء ضحايا الحركة الاحتجاجية، رغم المحاولات الجادة التي تبذلها حكومة الكاظمي.
فيما يرى المحلل السياسي محسن الساري أن تظاهرات تشرين ستبقى على مدار السنوات المقبلة لكونها أسست لمنبر برلماني ينطلق من الشارع ويمارس دور الإصلاح والتقويم ونقد الأخطاء.
ويضيف الساري في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "مطالبات أكتوبر وضعت اليد على جرح العراق وثغرات البناء المؤسساتي التي جعلت من العراق مرتعاً للفساد والدمار والخراب"، متابعا "الوعي الجماهيري اكتسب نقلة نوعية على المستوى السياسي والشعور العالي بالمسوؤلية، وبالتالي لن تنطلي الخديعة مرة أخرى".
aXA6IDMuMTQxLjIuMTkxIA== جزيرة ام اند امز